تفسير سورة فصّلت من الآية( 52) من كتاب المتشابه من القرآن بقلم محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) :
http://quran-ayat.com/huda8
52 - )قُلْ أَرَأَيْتُمْ(أي أبدوا لي رأيكم في القرآن (إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللَّهِ) وليس من عندي كما تزعمون (ثُمَّ كَفَرْتُم بِهِ) من غير أن تسمعوا له وتفكروا في معانيه وفصاحته وبلاغته وإخباره عن المغيّبات ثم تحكموا فيه فماذا يكون مصيركم في الآخرة عند الله وماذا تجيبون عن ذلك؟ (مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ) اي في إختلاف بعيد عن الحق . يعني لا أحد أضل منكم حيث حكمتم ببطلانه دون أن تفكروا فيه و تتبدروا آياته .
53 - (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا) الدالة على صدق محمد . يعني في المستقبل يرون الآيات الكونيّة لتكون مصداقاً للقرآن ، لأنّ الناس مختلفون في الأديان والعقائد فمنهم مصدّق بالقرآن ومنهم مكذّب كاليهود والنصارى وغيرهما من الملل ، ولذلك يريهم تلك الآيات ليوقنوا بأنَّ القرآن كلام الله إذا أنجز ما وعد به من تقلبات في الكون . وقوله (فِي الْآفَاقِ) أي في أفاق السماء من خوارق العادات ، وهي التي جاء ذكرها في القرآن والتي تحدث في آخر الزمان من اتّساق القمر ، ثم إنشقاقه إلى نصفين ، ثم انجذابه نحو الشمس ، ووقوف الأرض عن دورتها المحورية ليكون الليل سرمداً في جهة من الأرض ، والنهار سرمداً في الجهة الأخرى ، وتسيير النيازك نحو الشمس ، وسقوط مذنبات على الأرض ، وتبعثر الجبال ، وتبخير المياه التي في الأنهار والبحار المواجهة للشمس . وهذه الآيات التي تكون في الآفاق (وَفِي أَنفُسِهِمْ) أي وآية أخرى تظهر في أنفسهم ، وهو المهدي يأتيهم بما اشتبه عليهم من آيات القرآن التي لم يفهموا معناها ولم يعلموا المقصود منها فكذّبوا بها . فالمهدي يبيّن لهم معناها والمقصود منها لتكون الآيات علميّة وعمليّة ، فآية المهدي علمية ، والآيات التي يرونها في الآفاق عملية تطبيقية ، وذلك ليؤمنوا بها ويوقنوا إذ جاء المُخبرُ به من حوداث كما أخبر الله به في القرآن (حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ) أي القرآن (الْحَقُّ) من عند الله وليس من محمد كما يزعمون ، فحينئذ يؤمنون به ولكن لا ينفعهم إيمانهم . ومما يؤيد هذا قوله تعالى في سورة الأنعام { يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ} . فأوّل آية تظهر في الآفاق من خوارق العادات هي في القمر فيبدأ اتّساقه اولاً ثم انشقاقه فيكون نصفين ثم انجذابه نحو الشمس . وقد شرحتُ هذه الآيات وكيفية وقوعها في آخر الزمان في كتابي المُسمى الكون والقرآن (أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ) شاهداً لك يا محمد على صدقك (أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) أي حاضر يسمع ويُبصر .
54 - (أَلَا إِنَّهُمْ) أي المشركين (فِي مِرْيَةٍ) أي في شك وجدال (مِّن لِّقَاءِ رَبِّهِمْ) بالبعث والحساب والعقاب (أَلَا إِنَّهُ) تعالى (بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطٌ) علماً وقدرةً فيعاقبهم على كفرهم بعد موتهم .