تفسير سورة عبس من الآية( 1) من كتاب المتشابه من القرآن بقلم محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) : http://quran-ayat.com/huda/
1 - كان عبد الله بن أمّ مكتوم من أصحاب رسول الله وكان مكفوف البصر ، فأرسله النبي إلى أحد من رجال قريش يدعوه إلى الأسلام ، فلمّا جاءه عبد الله وكلّمه أخذته الأنفة أن ينقاد لرجل أعمى فقير الحال ، فعبس وجهه وتوّلى عنه ولم يسمع لقوله ، فرجع عبد الله وأخبر النبي بذلك وقال لو ذهبت إليه بنفسك أراه ينقاد لقولك ويستسلم لأمرك ، ثم ندم الرجل على صدوده بعد ذلك وجاء إلى النبي وأسلم . فنزلت هذه الآيات :
(عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ) عن الإيمان ،2 - (أَن جَاءَهُ الْأَعْمَىٰ) يعني حين جاءه عبد الله يدعوه إلى الإسلام .
3 - (وَمَا يُدْرِيكَ) يا محمد لو ذهبت إليه بنفسك ودعوته لانقادَ ، و( لَعَلَّهُ يَزَّكَّىٰ) يعني يتطهّر من الكفر والإشراك .
4 - (أَوْ يَذَّكَّرُ) بالقرآن (فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَىٰ) يعني أو يستمع للقرآن فيتّعظ به وينتفع بما يستمع .
5 - (أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَىٰ) عناإستماع القرآن وابتعد عنه ،
6 - (فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّىٰ) أي تقف في طريقه وتعترض له لكي تسمعه بعض آيات القرآن .
7 - (وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّىٰ) يعني ليس لك عقابه إن لم يتطهّر من الإشراك وإنّما عليك الإنذار وليس عليك الهداية .
8 - (وَأَمَّا مَن جَاءَكَ يَسْعَىٰ) برجله وأسلم ،
9 - (وَهُوَ يَخْشَىٰ) أي يخاف عقاب الله إنْ بقيَ على إشراكه .
10 - (فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّىٰ) أصلها تتلهّى ، فحذفت إحدى التائين تسهيلاً للكلام ، والمعنى : إنك تتشاغل عنه ولم تذهب بنفسك إليه بل أرسلت الأعمى ليدعوه إلى الإسلام .
11 - (كَلَّا) لا تفعل هكذا فتتصدى لمن استغنى عن القرآن وتتلهّى عن الذي له رغبة في الإيمان (إِنَّهَا) إشارة إلى آيات القرآن (تَذْكِرَةٌ) أي موعظة .
12 - (فَمَن شَاءَ ذَكَرَهُ) يعني فمن شاء أن يتّعظ فليتعظ بها .
13 - (فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ) يعني هذه المواعظ والآيات مكتوبة عندنا في صحف مقدّسة مكرّمة كرمتها الملائكة والأنبياء ومن تبعهم .
14 - (مَّرْفُوعَةٍ) عن عبث العابثين بها فلا يقدر أحد أن يغير أو يبدّل فيها ما يشاء (مُّطَهَّرَةٍ) من الإشراك لم يُكتَب فيها أنّ المسيح ابن الله ولا العزير ولا شيء آخر ممّا غيرّته الايدي وخطّته الأقلام في الكتب السّماويّة التي عندكم في الأرض .
15 - (بِأَيْدِي سَفَرَةٍ) مفردها سفير ، وجمعها سفرة وسفراء ، وهم رسُل الله إلى خلقه ، ومن ذلك قول جرير :
بَعَثتُ إلَيكُمُ السّفَراءَ تَتْرَى ..... فأمْسَى لا سَفِيرَ وَلا عِتَابَا
والمعنى أنزلنا تلك المواعظ والآيات على الرسل الماضين ويسّرنا لهم تلك الصحف حتّى قبضوا عليها بأيديهم وقرأوها على قومهم .16 - (كِرَامٍ) عند الله (بَرَرَةٍ) أي أبرار صالحين مطيعين . والمعنى كل آية أو سورة أو حكم من الأحكام التي ينزل بها جبرائيل على النبي محمد أو نزل بها على الأنبياء السابقين فإنها تُكتَب أولاً في اللّوح المحفوظ ثم ينزل بها جبرائيل إلى الأنبياء ، فإذا ذهبت تلك السورة من بين الناس أو ضاعت أو أصابها تغيير وتبديل فإنّ الأصل موجود في اللوح لا يضيع ولا يتغيّر ولا تناله الأيدي لكي تعبث به . وممّا يؤيد هذا قوله تعالى في سورة الحجر { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } .