السؤال: من هم «أهل البيت» في آية التّطهير ؟الجواب: لقد حاز أهل البيت عليهم السلام على أهمية بالغة في القرآن الکريم، وأشار إليهم في غير واحد من آياته ببيان سماتهم، وحقوقهم، و ما يمت إليهم بصلة، لا سيما آية التطهير المعروفة بين المسلمين، أعني: قوله سبحانه:«وقَرْنَ فِي بُيُوتِکُنَّ ولا تَبَرَّجْنَّ تَبَرُّجَ الجاهِلِيَّةِ الأُولى وأقِمْنَ الصلاةَ وآتِينَ الزکاةَ واطِعْنَّ اللَّهَ ورَسُولَهُ إنّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنکُمُ الرِّجْسَ أهْلَ البَيْتِ ويُطَهّرَکُم تَطهِيراً».(الأحزاب: 33)الآية فقد وردت في ثنايا الآيات التي نزلت في شأن نساء النبي صلى الله عليه و آله و سلم بدعوتهنّ إلى التخلّي عن الدنيا و التحلّي بالتقوى إلى غير ذلک من الوصايا التي وردت ضمن آيات. (الأحزاب، الآيات: 28- 34)اختلف المفسرون في بيان ما هو المراد من «أهل البيت» في الآية المبارکة على أقوال، غير انّ العبرة بقولين، والأقوال الأُخر شاذة لا يعبأ بها. امّا القولين کما يأتي :الاوّل: إنّ المعروف بين المفسّرين والمحدّثين، هو انّ المراد من أهل البيت في الآية المبارکة، العترة الطاهرة الذين عرّفهم الرسول صلى الله عليه و آله و سلم في حديث الثقلين، وقال: «إنّي تارک فيکم الثقلين: کتاب اللَّه، وعترتي».الثّاني: قال ابن تيمية (المتوفّى عام 728 ه) و الکاتب المعاصر إحسان إلهي ظهير: نزل الآية في نساء النبي صلى الله عليه و آله .[1]والحقّ قول الأوّل، لإنّ هناک قرائن تدّل بوضوح على أنّ المراد من هذه الکلمة جماعة خاصة منتمين إلى البيت النبوي بوشائج خاصة لا کل المنتمين إليه، وإليک تلک القرائن:القرينة الأُولى: اللام في «أهل البيت» للعهد:لا شک أنّ اللام قد تطلق و يراد منها الجنس المدخول کقوله سبحانه: «إنّ الإنسان لفي خُسر». (العصر: 2)وقد يطلق و يراد منها استغراق أفراده کقوله سبحانه: «يَا أَيُّها النَّبِيُّ جَاهِدِ الْکُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ».( التوبة: 73)و ثالثة تستعمل في العهد باعتبار معهودية مدخولها بين المتکلّم والمخاطب.و لا يمکن حمل اللام في «البيت» على الجنس أو الاستغراق، لأنّ الأوّل انّما يناسب إذا أراد المتکلم بيان الحکم المتعلّق بالطبيعة کما يعلم من تمثيلهم لذلک بقوله تعالى: «إِنَّ الإنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً» (المعارج: 19)، ومن المعلوم أنّ الآية الکريمة ليست بصدد بيان حکم طبيعة أهل البيت.*کما لا يصح أن يحمل على العموم، أي: جميع البيوت في العالم، أو بيوت النبي، وإلّا لناسب الإتيان بصيغة الجمع فيقول: أهل البيوت، کما أتى به عندما کان في صدد إفادة ذلک، وقال في صدر الآية: «وقرن في بيوتکن».فتعين أن يکون المراد هو الثالث، أيالبيت المعهود، فالآية تشير إلى إذهاب الرّجس عن أهل بيت خاص، معهود بين المتکلم والمخاطب.حينئذ يقع الکلام في تعيين هذا البيت المعهود، فما هو هذا البيت؟ هل هو بيت أزواجه، أو بيت فاطمة وزوجها والحسن والحسين عليهم السلام؟لا سبيل إلى الأوّل، لأنّه لم يکن لأزواجه بيت واحد حتى تشير اللام إليه، بل تسکن کل واحدة في بيت خاص، و لو أُريد واحداً من بيوتهن لاختصت الآية بواحدة منهم، وهذا ما اتفقت الأُمّة على خلافه.أضف إلى ذلک أنّه على هذا يخرج بيت فاطمة مع أنّ الروايات ناطقة بشمولها، وانّما الکلام في شمولها لأزواج النبي .هذا کلّه على تسليم انّ المراد من البيت هو البيت المبني من الأحجار والآجر والأخشاب، فقد عرفت أنّ المتعيّن حمله على بيت خاص معهود و لا يصح إلّاحمله على بيت فاطمة، إذ ليس هناک بيت خاص صالح لحمل الآية عليه.و أمّا لو قلنا بأنّ البيت قد يطلق ويراد منه تارة هذا النسق، کما في قوله تعالى: «وقرن في بيوتکن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأُولى»، وأُخرى غير هذا النمط من البيت، مثل قول القائل: «بيت النبوة» و «بيت الوحي» تشبيهاً لهما على المحسوس، فلا محيص أن يراد منه المنتمون إلى النبوة والوحي بوشائج معنوية خاصة على وجه يصح مع ملاحظتها، عدّهم أهلًا لذلک البيت، و تلک الوشائج عبارة عن النزاهة في الروح والفکر، ولا يشمل کل من يرتبط ببيت النبوة عن طريق السبب أو النسب فحسب، وفي الوقت نفسه يفتقد الأواصر المعنوية الخاصة.لقد تفطّن العلّامة الزمخشري صاحب التفسير لهذه النکتة، فهو يقول في تفسير قوله تعالى: «قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَکَاتُهُ عَلَيْکُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ» (هود: 73)، لأنّها کانت في بيت الآيات ومهبط المعجزات والأُمور الخارقة للعادات، فکان عليها أن تتوقر ولا يزدهيها ما يزدهي سائر النساء الناشئات في غير بيوت النبوة، وان تسبّح اللَه وتمجّده مکان التعجب، وإلى ذلک أشارت الملائکة في قولها: «رحمة اللَّه وبرکاته عليکم أهل البيت» أرادوا انّ هذه وأمثالها ممّا يکرمکم به رب العزة، ويخصّکم بالأنعام به يا أهل بيت النبوة.[2]على ذلک لا يصح تفسير الآية بکل المنتسبين عن طريق الأواصر الجسمانية لبيت خاص حتى بيت فاطمة، إلّاأن تکون هناک الوشائج المشار إليها، و لقد ضل من ضل في تفسير الآية بغير تلک الجماعة عليها السلام، فحمل البيت في الآية على البيت المبني من حجر و مدر مع أنّ المراد غيره.و لقد جرى بين قتادة ذلک المفسر المعروف وبين أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام محادثة لطيفة أرشده الإمام فيها إلى هذا المعنى الذي أشرنا إليه، قال- عندما جلس أمام الباقر عليه السلام-: لقد جلست بين يدي الفقهاء وقدّام ابن عباس فما اضطرب قلبي قدّام واحد منهم ما اضطرب قدّامک. قال له أبو جعفر عليه السلام: «ويحک، أتدري أين أنت؟ أنت بين يدي: «في بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ ويُذْکَرَ فِيها اسْمُهُ يُسَبّحُ لَهُ فِيها بِالغُدُوِّ والآصالِ* رجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارةٌ ولا بَيْعٌ عَنْ ذِکْرِ اللَّهِ وإقامِ الصلاةِ وإيتاءِ الزکاةِ» (النور: 36- 37) فأنت ثم و نحن أُولئک» فقال له قتادة: صدقت والله جعلني الله فداک، واللَه ما هي بيوت حجارة ولا طين.[3]وهذه القرينة تحضّ المفسر على التحقيق عن الأفراد الذين يرتبطون بالبيت بأواصر معينة، وبذلک يسقط القول بأنّ المراد منه أزواج النبي صلى الله عليه و آله و سلم، لأنّه لم تکن تلک الوشائج الخاصة باتفاق المسلمين بينهم وأقصى ما عندهن انهن کن مسلمات مؤمنات.القرينة الثانية: تذکير الضمائر:نرى أنّه سبحانه عندما يخاطب أزواج النبي يخاطبهن حسب المعتاد بضمائر التأنيث، ولکنّه عندما يصل إلى قوله: «إنّما يريد اللَّه ليذهب ...» يغير الصيغة الخطابية في التأنيث ويأتي بصيغة التذکير، فما هو السر في تبديل الضمائر لو کان المراد أزواج النبي؟ وإليک نص الآيات: «يا نِسَاءَ النَّبِيّ لَسْتُنَّ کَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالقَوْلِ فَيَطْمَعَ الّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفاً».( الأحزاب: 32) «وَقَرْنَ فِي بُيُوتِکُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّکَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْکُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَکُمْ تَطْهِيراً». (الاحزاب: 33) «وَاذْکُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِکُنَّ مِنَ آياتِ اللَّهِ وَالحِکْمَةِ إنّ اللَّهَ کانَ لَطِيفَاً خَبِيراً». (الأحزاب: 34)ترى أنّه سبحانه يخاطبهن في الآية الأُولَى بهذه الخطابات: 1. لستن. 2. اتقيتن. 3. فلا تخضعن. 4. و قلن.و يخاطبهن في الآية الثانية بهذه الخطابات: 1. قرن. 2. بيوتکن. 3. لا تبرجن. 4. أقمن. 5. آتين. 6. أطعن.کما يخاطبهن في الآية الثالثة بقوله: 1. واذکرن. 2. بيوتکن.و في الوقت نفسه يتخذ في ثنايا الآية الثانية موقفاً خاصاً في الخطاب ويقول: 1. عنکم. 2. يطهّرکم.فما وجه هذا العدول إذا کان المراد نساء النبي؟! أو ليس هذا يدل على أنّ المراد ليس نساءه صلى الله عليه و آله و سلم؟!و قد حاول القرطبي التفصّي عن الإشکال فقال: إنّ تذکير الضمير يحتمل لأن يکون خرج مخرج «الأهل» کما يقول لصاحبه: کيف أهلک، أي امرأتک و نساؤک؟ فيقول: هم بخير، قال اللَّه تعالى: «أتعجبين من أمر اللَّه رحمة اللَّه وبرکاته عليکم أهل البيت».[4]ولکن المحاولة فاشلة فانّ ما ذکره من المثال على فرض سماعه من العرب، إنّما إذا تقدّم «الأهل» وتأخّر الضمير، دون العکس کما في الآية، فإنّ أحد الضميرين مقدّم على لفظ «الأهل» في الآية کما يقول: «عنکم الرجس أهل البيت».و أمّا الاستشهاد في الآية فغير صحيح، لأنّ الخطاب فيها لإبراهيم و زوجته، فيصح التغليب تغليب الأشرف على غيره في الخطاب والمفروض في المقام انّ الآية نزلت في زوجاته ونسائه خاصة فلا معنى للتغليب.نعم انّما تصحّ فکرة التغليب لو قيل بأنّ المراد منه، هو أولاده وصهره وزوجاته، وهو قول ثالث مختلق لتصحيح الإشکالات الواردة على النظرية الثانية، فلاحظ.القرينة الثالثة: الإرادة تکوينية لا تشريعية:إنّ من سمات أهل البيت المذکورين في الآية ، کونهم معصومين من الذّنب و ذلک بدليل کون الإرادة في قوله: « إنّما يُرِيدُ اللَّهُ ...» الإرادة التکوينية،[5] التي لا ينفک المراد فيها عن الإرادة و تکون متحقّقة و ثابتة في الخارج، و بما أنّ المراد هو إذهاب الرجس وإثبات التطهير وتجهيزهم بالأسباب والمعدّات المنتهية إلى العصمة، فلا يصح أن يراد من أهل البيت أزواج النبي، إذ لم يدّع أحد من المسلمين کونهن معصومات من الذنب ومطهرات من الزلل. فلا مناص عن تطبيقه على جماعة خاصة من المنتمين إلى البيت النبوي الذين تحقّق فيهم تعلّقهم بالأسباب والمقتضيات التي تنتهي بصاحبها إلى العصمة و لا ينطبق هذا إلّاعلى الإمام علي وزوجته والحسنين عليهم السلام، لأنّ غيرهم مجمع على عدم اتصافهم بهذه الأسباب.القرينة الرابعة: انّ الآيات المربوطة بأزواج النبي تبتدئ من الآية 28 وتنتهي بالآية 34، وهي تخاطبهن تارة بلفظ «الأزواج» و مرتين بلفظ «نساء النبي» الصريحين في زوجاته، فما هو الوجه في العدول عنهما إلى لفظ «أهل البيت»؟!*فإنّ العدول قرينة على أنّ المخاطب به غير المخاطب بهما.في الختام نشير إلى نکتة وهي انّ آية التّطهير لحنها لحن الثناء والتمجيد على أهل البيت عليهم السلام في حين انّ لحن الآيات الواردة في نساء النبي صلى الله عليه و آله و سلم النّصح و الوعظ تارة، و التنديد و التوبيخ أُخرى.أمّا الأوّل ( النّصح و الوعظ ) فکما في الآيات الواردة في سورة الأحزاب. يقول سبحانه:«يا أَيُّها النَّبيُّ قُل لأَزْواجِکَ إِنْ کُنْتُنَّ تُرِدْنَ الحياةَ الدُّنيا وَزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْکُنَّ وَأُسَرِّحْکُنَّ سَراحاً جَميلًا». (الأحزاب: 28)«يا نِساءَ النَّبيّ مَنْ يَأتِ مِنْکُنَّ بِفاحِشة مُبيّنةٍ يُضاعَفْ لَها العَذابُ ضِعْفَينِ وَکانَ ذلِکَ عَلى اللَّهِ يَسيراً». (الأحزاب: 30)«يا نِساءَ النَّبِيّ لَسْتُنَّ کَأحَدٍ منَ النِّساءِ إِن اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَولًا مَعْرُوفاً». (الأحزاب: 32)«وَقَرَنَ فِي بُيُوتِکُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجاهِليّةِ الأُولى وَأَقمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّکاةَ وأَطِعْنَ اللَّهَ ورَسُولَهُ». (الأحزاب: 33)وأمّا الثاني ( التنديد و التوبيخ ) ففي الآيات الواردة في سورة التحريم:«يا أيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَکَ تَبْتَغِي مَرضاةَ أَزْواجِکَ واللَّهُ غَفُورٌ رَحيم». (التحريم: 1)«إِن تَتُوبا إِلى اللَّه فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُکُما وَإنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَولاهُ وجِبْرِيلُ وصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ والمَلائِکَةُ بَعْدَ ذلِکَ ظَهِير». (التحريم: 4)«عَسى رَبُّهُ إِنْطَلَّقْکُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيراً مِنْکُنَّ مُسْلِماتٍ مُؤْمِناتٍ قانِتاتٍ تائِباتٍ عابِداتٍ سائِحاتٍ ثَيِّباتٍ وَأَبْکاراً».(التحريم: 5)فأُمّهات المؤمنين کسائر الصحابيات لهنّ من الفضل ما لغيرهنّ، ولکن آية التطهير بلغت من الثناء على أهل البيت بمکان تأبى من الانطباق عليهن بما عرفت لهنّ من السمات في الآيات. [6]مصادر:[1] - قد استرعى انتباهي في الفترة الأخيرة کتابان حول أهل البيت: أحدهما: «حقوق أهل البيت عليهم السلام» لابن تيمية (المتوفّى عام 728 ه)، والآخر: «الشيعة وأهل البيت» للکاتب المعاصر إحسان إلهي ظهير حيث بذلا الوسع لبيان نزول الآية في نساء النبي صلى الله عليه و آله و سلم، و الکتاب الثاني أشدّ بخساً في هذا المجال. وقد أنصف الکتاب الأوّل بعض الإنصاف.[2] - الکشاف: 2/ 107.[3] - الکافي: 6/ 256- 257.[4] - جامع الأحکام: 14/ 182.[5] - و ذلک لأنّها إذا کانت تشريعية کان من لوازمها انّها لاتختص بفئة دون فئة، بدليل أنّه سبحانه أراد التطهير و التطهّر من کلّ شين و رين و طلبه من جميع الناس، من دون تخصيص و حصر. قال سبحانه: «وَ لِکْن يُرِيدُ لِيُطَهّرَکُمْ وَ لِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْکُم». (المائدة: 6)«وَ يُنَزّلُ عَلَيْکُمْ منَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهّرَکُم بهِ».( الأنفال: 11) «إِنّ اللَّهَ يُحِبُّ التّوابينَ و يُحِبُّ المُتَطَهّرِينَ». (البقرة: 222) «فيه رِجَالٌ يُحِبُّون أَنْ يَتَطَهّروا و اللَّهُ يُحِبُّ المُتَطَهِّرِينَ». (التوبة: 108) و حبّه سبحانه علامة بعثه و طلبه، و إرادته التشريعية المتعلّقة بتطهير کل المؤمنين عامة، لا جماعة خاصة.و سؤالنا هو: لو کانت الإرادة الواردة في الآية المبحوثة کالإرادة الواردة في هذه الآيات فما هو وجه التخصيص بأُمورخمسة:ألف: بدأ قوله سبحانه بحرف «إنّما» المفيدة للحصر.ب: قدم الظرف و قال: «ليذهب عنکم الرجس» و لم يقل ليذهب الرجسَ عنکم، و ذلک لأجل أنّ التقديم يفيد التخصيص.ج: بيّن من تعلّقت الإرادة بتطهيرهم بصيغة الاختصاص و قال: «أهل البيت» أي أخصُّکم أهل البيت مثل قول النبي (صلى الله عليه و آله و سلم): «نحن معاشر الأنبياء...» وقول قائلهم: نحن العرب أسخى من بَذَل.د: أکد المطلوب بتکرير الفعل و قال: «و يطهّرکم» الذي هو تأکيد لمعنى إذهاب الرجس المتقدّم عليه.ه: أرفقه بالمفعول المطلق و قال: «تطهيراً».فهذه الوجوه الخمسة، آية أنّ هذه الإرادة إرادة خاصّة بأهل البيت لا يشارکهم فيها أحد من الأُمّة، و إلّا لکانت تلک العناية البالغة في مجال التخصيص و الاختصاص لغواً مضراً بالبلاغة، وغير لائقة بکلام ربّالعزة.(الرسائل و المقالات، الشّيخ جعفر السّبحاني،ج1، ص547 – 549)[6] - اهل البيت، الشيّخ جعفر السّبحاني، ص: 3-20.مصدر: مکتب سماحة آية الله العظمي مکارم الشيرازياضف التعليق