{اتخاذ الصور :}
جاء في الكافي للكليني ج6 ص528 ، و الوسائل ج3 ص211 ، و بحار الأنوار ج76 ص286 ، و المحاسن ج2 ص614 ، عن أبي عبدالله ع : قال أمير المؤمنين ع : "بعثني رسول الله في هدم القبور و كسر الصور"
و جاء في كتاب وسائل الشيعة للحرّ العاملي 17 /297 – 22574 ، عن الصادق عن آبائه في حديث المناهي (المروي كذلك في أمالي الصدوق و الطوسي) ، قال :" نهى رسول الله عن التصاوير و قال من صوّر صورةً كلّفه الله تعالى يوم القيامة أن ينفخ فيها [الروح] و ليس بنافخ."
و اليوم أخذت هذه الصور تعلّق في البيوت و المحلاّت و السيّارات للتبرّك و الحفظ و هذا غير جائز ، [و هو مشابه لفعل بعض النصارى إذ يعلّقون في بيوتِهم و محلاّتِهم صور و تماثيل المسيح و أمِّه للتبرّك والحفظ بزعمِهم] كما أنّ البعض بسبب جهله يضعها باتجاه القبلة فتكون أمامه في الصلاة فيرجى الانتباه و التنبيه إلى ذلك .
{ اتّخاذ الخرق و التعليقة (التعويذة)}
بعض الناس يتّخذ الخرق من بعض المزارات و بعض التعويذات أو التعليقات التي يجعلون بها الاستعانة بالأئمّة و الأولياء و ربّما بالجنّ و غيرهم فيعتقدون أنّها تحفظهم ، و هذا لا يليق بكلّ عاقل مؤمن موحِّد يعرف بأنّ الله هو الحافظ و الأفضل من ذلك أن يأخذ من بيته بعض الآيات القرآنيّة أو دعاءً من الله وحده للحفظ و لكلّ خيرٍ و أن يستعين بالله و لا يستعين بسواه و بذلك يسير على نهج الأئمّة و الصالحين و يرضي ربّ العالمين .
قال الله تعالى في سورة الشعراء 128-129 (أتبنونَ بِكلِّ ريعٍ آيةً تَعبثون ؟ و تَتّخذونَ مصانعَ لعلّكم تَخلُدون ؟)
جاء في تفسير "حقائق التأويل في الوحي و التنزيل" للمرحوم محمدعلي حسن الحلّي :
" (أتبنونَ بِكلِّ ريعٍ آيةً تعبثون ؟)الريع هو التلّ ، و الشاهد على ذلك قول ذي الرمّة :
طرّاق الخوافي مشرفٌ فوق ريعةٍٍ لدى ليله في ريشه يترقرقُ
و الآية هي العلامة المرتفعة ، و هو ما كانوا يبنون للأصنام من أبنية فوق التلال و الجبال ، يسمّونَها مرتفعات و سواري ، أي أبنية مسوّرة ، فيقرّبون فيها القرابين للأوثان و يبخّرون البخور و يوقدون الشموع . و نظيرها اليوم عند الناس ما يسمّى بالمقام (مثل مقام الخضر ، و مقام علي، و مقام الصادق و غير ذلك من قبور المشايخ ) . و قد جاء ذكر السواري و المرتفعات في التوراة في عدّة أسفار ، و قوله تعالى (تَعبثون) أي عبثاً تبذلون الأموال لأجلِها و تشغلون أنفسكم في خدمتِها لا فائدة فيها كما تظنّون و لا أجر على ذلك كما تعتقدون بل تُعاقَبون عليه و لا تُؤجَرون 129 (و تَتّخذونَ مصانعَ لعلّكم تَخلُدون) المصانع مشتقّة من التصنيع ، و هي القصور و الأبنية المنحوتة و المنقوشة و المزخرفة ، و الشاهد على ذلك قول امرئ القيس في ذمّ الدهر :
أزال من المصانع ذا رياشٍ و قد ملكَ السهولَةَ و الجبالا
و ذو رياش كناية أحد ملوك اليمن التبابعة . و قال لبيد:
بلينا و ما تبلى النجوم الطوالعُ و تبقى الجبال بعدنا و المصانعُ
و تقول العرب "فلانة تتصنّع لزوجِها" أي تتزيّن و تصبغ وجهَها بما يحسّنها . و كانت أصحاب القصور في الماضي تزيّن قصورها بتماثيل و تصاوير لأصنامهم على الجدران بزعمهم أنّها بركة في الدار و حفظاً من الموت. و المعنى : تصنّعون أبنيتكم و قصوركم بالتماثيل ظنّاً منكم أنّها تخلّدكم في الدنيا و لا تموتون . و كذلك النصارى يصنعون تماثيل المسيح و أمّه في بيوتِهم تبرّكاً و حفظاً بزعمِهم ."_انتهى ما نقلته عن تفسير (حقائق التأويل في الوحي و التنزيل)
إنّ النبيّ و المؤمنين الأوّلين و الأئمّة الأبرار هم موحّدون سائرون على طريق توحيد الله ، و لكنّ الناس بدّلوا و غيّروا و لم يمشوا على طريقهم و لم يقتدوا بِهم كما يظهر ذلك من تعاليم أولئك الأبرار .
{واجب العلماء و المفكِّرين :}
قال تعالى في سورة البقرة 159 (إنّ الّذينَ يَكتُمونَ ما أنزَلْنا مِنَ البيّناتِ و الهُدى مِنْ بعدِ ما بيّنّاهُ لِلنّاسِ في الكتابِ أولائكَ يَلعنُهُمُ اللهُ و يَلعنُهمُ الّلاعنونَ . إلاّ الّذينَ تابُوا و أصلَحوا و بيّنوا فأولائكَ أتوبُ عليهم و أنا التّوّابُ الرّحيمُ .)
ينبغي على المثقّف و العالم أن لا يتغاضى عن ممارسات الإشراك و المغالاة عند النّاس, و لا يعتبرها شيئاً بسيطاً هيّناً، لأنّها عند الله لا تُغتفر، و هي مخالفة لأساس الدّين, فتبيان كلّ ذلك هو واجب كلّ نبيّ و رسول، و وصيّة كلّ الأولياء و الأئمّة الصالحين, فقد روي في الكافي ج1 ،باب البدع ، الحديث رقم 2 قال الرسول الكريم "إذا ظهرت البدع فعلى العالم أن يظهر علمه و إلاّ فعليه لعنة الله" (ذكره الحر العاملي في وسائل الشيعة الحديث 21538 ، وفي الحديث 21546 "إذا ظهرت البدع فعلى العالم أن يُظهر علمه فإن لم يفعل سُلب نور الإيمان"
إنّ بعض العلماء يعرف هذه الحقيقة و لكنّه يخاف من الناس لئلاّ يعادوه أو ينبذوه، أو يخاف على مكانته و مركزه, أو يخاف ألاّ يحصل على الأموال من الهدايا و الخمس و الزكاة و غير ذلك؛ فهنا ينبغي تقديم الآخرة الباقية على الدنيا الفانية، و أن يقوم العالم و المفكّر و المثقّف بتنوير العقول و تنبيه الغافلين, و أن يتوكّل على الله في ذلك، و من الله التوفيق .
المصادر :
1- القرآن الكريم
2- تفسير (حقائق التأويل في الوحي و التنزيل) للمرحوم محمّد علي حسن الحلّي
3- نَهج البلاغة : يتضمّن أقوال الإمام علي ع ، كما جمعها الشريف الرضي
4- الصحيفة السجّاديّة : أدعية و مناجاة لعلي بن الحسين السجّاد ع
5- دعاء أبي حمزة الثمالي ، لعليّ بن الحسين السجّاد ع
6- الكافي ، ثقة الإسلام الكليني المتوفّى سنة 329 هج
7 - المحاسن ، أحمد بن محمّد البرقي المتوفّى سنة 274 هج
8- الأمالي ، 9-ثواب الأعمال و عقاب الأعمال، 10-من لا يحضره الفقيه للصدوق المتوفّى 381هج
11-تهذيب الأحكام 12-الإستبصار 13-الأمالي للطوسي المتوفّى سنة 460هج
14- وسائل الشيعة ، للحرّ العاملي المتوفّى سنة 1104هج
15-مستدرك الوسائل ، للمحدّث النوري المتوفّى سنة 1320 هج
16-بحار الأنوار ، للمجلسي المتوفّى سنة 1110 هج