س1حول العرش في القران .؟
العرش
العرش طبقة أثيرية أيضاً وموقعه فوق الجنان أي فوق السماوات الأثيريّة ، فهنّ الحاملات للعرش ، وهو أصغر منهنّ ، قال الله تعالى في سورة الحاقة {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} والمعنى : يحمل عرش ربّك فوق أهل المحشر ثمانية سماوات أثيرية ، لأنّها اليوم سبعة فإذا صار يوم القيامة تكون ثمانية ، والثامنة وليدة أرضنا . وقال تعالى في سورة المؤمن {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا .. إلخ } فالذين يحملون العرش هم الملائكة وليس المراد بحمله حقيقياً بل يحملونه معنوياً ، فكما أنّنا نحمل السماء أي الطبقات الغازية لأنّها فوقنا كذلك سكّان السماوات الأثيريّة يحملون العرش لأنّه فوقَهم ، والمعنى أنّ الملائكة الذين هم تحت العرش ومن هم حول العرش كلّهم يسبِّحون بحمد ربِّهم ..إلخ ، وقوله تعالى {وَمَنْ حَوْلَه ُ} دليل على أنّ العرش أصغر من السماوات الأثيريّة ، وقال تعالى في سورة الزمر{وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} فقوله تعالى {حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ} دليل على أنّ العرش أصغر من السماوات الأثيريّة .
س : تقول أنّ العرش طبقة أثيرية ، إذاً فما معنى قوله تعالى في سورة هود {وَهُو الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء .. إلخ } ؟
ج : يعني قبل أن يخلق الخلق كان عرشه على الماء حيث لم يكن في ذلك اليوم سماوات أثيرية ، ولَمّا خلقَها بالتدريج جعلَ عرشَه عليها ، والماء كان بخاراً في ذلك اليوم منتشراً في الفضاء كما هي الحالة اليوم في الأمطار ، لأنّ المياه تتبخّر من الأرض وترتفع في السماء ثمّ تكون ماءً وتنزل مطراً ، فالعرش في ذلك اليوم كان فوق البخار المنتشر في الفضاء ، ولَمّا خلق الله السماوات الأثيريّة صارت تحت العرش فحملته .
والعرش أوّل طبقة أثيريّة تكوّنت من أوّل أرضٍ خلقها الله تعالى ، ولم يكن في ذلك اليوم تحت العرش سوى البخار الذي عبّر الله عنه بالماء ، ولَمّا خلق الله أرضاً ثانيةً تكونّت منها طبقة ثانية أيضاً فصارت تحت العرش ، وهكذا الثالثة والرابعة حتّى أصبحت سبع سماوات أثيريّة تحت العرش . قال الله تعالى في سورة المؤمنون {قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ } .
السماوات المادّية
( شكل رقم 1 )
الشمس وكواكبها
[رسم تخطيطي للشمس والكواكب السيارة ، وفيه يظهر كوكب (النجيمات) أو (الكويكبات) المتمزق والذي كان بين مداري المريخ والمشتري ، ويظهر كذلك بلوتو كقمر من أقمار نبتون وليس كوكباً سياراً]
نقصد بالسماوات المادّية الكواكب السيّارة ، وإنّما ذكرناها بهذا الاسم حيث سبق أن ذكرنا عن السماوات الأثيريّة ، والأثير غير المادّة ، وذكرنا عن السماوات الغازية أيضاً ، والسيّارات ليست بغازية بل هي أجرام صلبة ، فلذلك ذكرناها بلفظة "مادّية" وإن كانت الاثنتان من المادّة .
فالسماوات المادّية هنّ المعروفات بعطارد والزهرة والمرّيخ والمشتري وعددها تسعة [ بضمنِها الأرض وكوكب النجيمات المتمزّق]
ويأتي ذكرهنّ في القرآن مع ذكر الأرض ، فكلّ آيةٍ في القرآن يأتي فيها ذكر السماوات مقرونة بذكر الأرض يريد بِها الكواكب السيّارة ، ولكن على ثلاثة شروط :
أوّلاً : أن يكونَ ذكر السماوات قبل ذكر الأرض ،
ثانياً : أن يكون ذكر السماوات مقروناً بذكر الأرض مباشرةً ،
ثالثاً : أن يجمع بينهما واو عطف ؛
فإذا كانت الآية مستوفية هذه الشروط الثلاثة فإنّه تعالى يريد بِها الكواكب السيّارة ، ومثال ذلك قوله تعالى في سورة الأحقاف {مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى ..إلخ } فَهذه الآية استوفت الشروط الثلاثة ، فالسماوات هنا يريد بِها الكواكب السيّارة ، وإنّما خصّ الأرض بالذكر ولخّص ذكر السيّارات الباقية بلفظة "سماوات" لأنّ الخطاب لأهل الأرض ، ولو خاطب سبحانه أهل المرّيخ لَقال : ما خلقنا السماوات والمرّيخ إلاّ بالحقّ ، وكذلك لو خاطب أهل الزهرة لَقال : : ما خلقنا السماوات والزهرة إلاّ بالحقّ ، وأمّا قوله تعالى {وَمَا بَيْنَهُمَا} يعني الأقمار والنيازك لأنّها واقعة ما بين السيّارات ، فكلّ آية في القرآن فيها ذكر السماوات على هذا النهج يريد بِها الكواكب السيّارة .
قال الله تعالى في سورة الأنبياء {وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِندَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ} فالسماوات هنا يريد بِها السيّارات ، والدليل على ذلك قوله {وَمَنْ عِندَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ} فاستثنى "مَن عنده" عن "من في السماوات والأرض" ، و"مَن عنده" يريد بِهم الملائكة لأنّهم في السماوات الأثيريّة تحت العرش .
وقال تعالى في سورة الشورى {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَابَّةٍ وَهُو عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاء قَدِيرٌ} فالسماوات هنا يريد بِها السيّارات ، والدليل على ذلك قوله تعالى {وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَابَّةٍ} فالسماوات الأثيريّة ليس فيهنّ دواب وكذلك الغازيّة ، وإنّما الدوابّ في السماوات المادّية وهنّ السيّارات .
وقال تعالى في سورة النمل {أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاء مَاءً فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ .. إلخ } فالسماوات هنا يريد بِها السيّارات والدليل على ذلك قوله تعالى {وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاء مَاءً} فبيّن أنّ "السماء" غير "السماوات" حيث فصل كلمة "السماء" عن "السماوات" ، فالسماء يريد بِها الفضاء أي الطبقات الغازيّة ، والسماوات يريد بِها السيّارات حيث قرَنَها بالأرض ، والمعنى السماوات التي هي من جنس الأرض .
وقال أيضاً في سورة النمل {قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} فالسماوات هنا يريد بِها الكواكب السيّارة والدليل على ذلك قوله تعالى {أَيَّانَ يُبْعَثُونَ}فإنّ الملائكة لا تموت ولا تبعث لأنّها مخلوقات أثيرية وإنّما البعث للمادّيين الذين يسكنون السيّارات ، إلى هنا تمّ الكلام عن منهج السماوات ، والله هو الوليّ الحميد .
ملحوظة:
كلّ آية يأتي فيها ذكر الأرض قبل السماوات : يريد بالأرض كلّها ، أي الكواكب السيّارة كلّها ، ومثال ذلك قوله تعالى في سورة الزمر{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ } فالأرض هنا يريد بِها كلّها أي الكواكب السيّارة كلّها . وكذلك قوله تعالى في سورة آل عمران {إِنَّ اللّهَ لاَ يَخْفَىَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء} فالأرض هنا يريد كلّها ، أي الأرض التي تقطّعت كلّها ، وهي الكواكب السيّارة لأنّها كانت أرضاً واحدةً فتمزّقت وصارت كواكب كثيرة .
تعريف الكوكب
كلّ لفظة "كوكب" تأتي في القرآن يُراد بِها أحد الكواكب السيّارة لا غير ، وذلك كقوله تعالى في سورة الأنعام {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ } فالكوكب هنا يريد به الزهرة رآها إبراهيم مساءً . وقال تعالى في سورة يوسف {إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} فالكواكب يريد بِها السيّارات ، وإنّما رآها أحد عشر لأنّ إخوته كانوا أحد عشر . وقال عزّ من قائل في سورة الانفطار {وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ} فالكواكب يريد بِها السيّارات خاصّةً ، ومعناه : وإذا السيّارات تمزّقت وانتثرت أجزاؤها في الفضاء ، ويكون ذلك يوم القيامة .
الكون والقرآن
محمد علي حسن الحلي حياته ومؤلفاته1947