س 6 : يقول الفلكيّون أنّ بلوتو يدور حول الشمس بعكس دورة السيّارات ، فهل يصحّ ذلك ؟
ج : أقول إذا كان بلوتو من الكواكب السيّارة فينبغي أن يكون أكبرها حجماً لأنّه أبعدها عن الشمس ، وينبغي أن يدور حول الشمس كما تدور السيّارات من اليمين إلى الشمال فكيف تكون دورة بلوتو بعكس ذلك ؟ وهذا خطأ واضح حيث أنّ سبب دوران السيّارات حول الشمس ناتج عن دوران الشمس حول نفسها فتسحب السيّارات معها بواسطة الجاذبيّة التي فيها فكيف صار بلوتو شاذاً عن باقي السيّارات ؟
ثمّ إذا كان حجم بلوتو بقدر نصف حجم الأرض فإذاً هو من الأجرام التابعة للكواكب السيّارة ، ولو كان من الكواكب نفسها لكان موقعه بين عطارد والزهرة لأنّه أكبر من الأوّل وأصغر من الثاني فكيف يكون من الكواكب السيّارة وهو أبعدها عن الشمس على أنّ حجمه نصف حجم الأرض ، وأمّا تعليل دورته فهو يدور حول نبتون كما يدور القمر حول الأرض ولمّا كانت دورة الأرض حول نفسها أسرع من دورة القمر حولَها فإنّنا نرى القمر يدور من الشمال إلى اليمين فكذلك رؤية الفلكيّين لبلوتو ولكنّ الحقيقة عكس ذلك .
[خطأ الفلكيين حول "النجيمات" 1]:
فإنّهم أخطأوا في بلوتو كما أخطأوا في النجيمات حيث قالوا أنّها كواكب سيّارة تدور حول الشمس .
نعم كانت "النجيمات" كوكباً واحداً فتمزّق فأصبحت تلك القطع من التوابع ، والتوابع تدور حول السيّارات لا حول الشمس .
صورة للنجيم 951 گاسپرا بواسطة المركبة الفضائية گاليلو (عن ناسا)
وكان ذلك الكوكب مسكوناً فكفر سكّانه وطغوا وظلموا فمزّق الله كوكبَهم وانتقم منهم ، قال الله تعالى في سورة الملك {أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ} ، والمعنى : أأمنتم عذاب الله وسطوته ؟ ألا تخافون أن يمزّق أرضكم كما مزّق أرضاً مسكونةً من قبلكم فأصبحت تلك القطع تمور في الفضاء أي تسبح في الفضاء لم يبق فيها أحد من تلك الأحياء وكذلك تكون أرضكم إذا مزّقَها .
فلو صحّ أنّها تدور حول الشمس ما بين مدار المرّيخ والمشتري فيجب أن تكون من ذوات الذنب لا كواكب سيّارة ، وهي أجرام ناريّة ملتهبة .
تكوين السيّارات
إعلم أنّ الكواكب السيّارة مع الأرض كانت قطعة واحدة أي أرضاً واحدة ، ثمّ تشقّقَت فصارت تسع قطع ، فإحدى تلك التسع هي أرضنا ، وأمّا الثمانية الباقية فهي عطارد والزهرة والمرّيخ والمشتري وزحل وأورانوس ونبتون وكوكب "النجيمات" الذي تمزّق . وتلك الأرض كانت شمساً في قديم الزمان ولمّا انتهت حياتُها برد وجهها فصارت أرضاً، ثمّ انفجرت فصارت تسع قطع وأخذت هذه القطع تدور حول شمس جديدة .
إذاً السيّارات من جنس أرضنا وتكوينها مع تكوين أرضنا ، وفيهنّ من الجبال والبحار والأشجار والأحياء كما في أرضنا ، وتقوم قيامتهنّ دفعة واحدة ، لأنّ السيّارات مجذوبات للشمس فإذا انتهت حياة الشمس حينئذٍ تكون أرضاً جديدة حيث يبرد وجهها ثمّ تتشقّق كما تشقّقت أرضنا من قبلها، وكذلك سيّاراتها تتمزّق معها . قال الله تعالى في سورة الأنبياء {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ}، فقوله تعالى {كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا} يعني كانت شمساً واحدة فشقّقناها وجعلناها قطعاً كثيرة ، لأنّ الرتق ضدّ الفتق ، وقال تعالى في سورة الأنعام {قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ .. إلخ } ، فقوله تعالى {فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} يعني مشقِّقهما ومقطِّعهما بعد ما كانت قطعة واحدة ، فالفطر هو الشقّ ، ومن ذلك قول الخنساء :
فبل على صخرٍ صخرَ الندى وما انفطرَ القلبُ حتّى تعزَّى
وقال امرؤ القيس :
بَرَهْرَةٌ رَودةٌ رَخصةٌ كخرعوبةِ البانةِ المنفطر
وقال الله تعالى في سورة الأنعام عن لسان إبراهيم {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} ، وقال تعالى في سورة الإسراء عن لسان لقمان {وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً} ، فالخرق هو الشقّ ، والمعنى : إنّك لن تشقّ الأرض فتتكبّر وتمشي مرحاً ، بل الله هو الذي شقّقها وجعلَها سيّارات تدور حول الشمس . وقال تعالى في سورة الطارق {وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ} ، فالصدع هو الشقّ ، ومن ذلك قول الشاعر اليماني :
أم أينَ ذو الشِّعبَينِ أصبحَ صدعُهُ لمْ يلتئمْ لِمثقَّفِ الأقداحِ
وقالت الخنساء :
إنّي تذكّرتُه والّليلُ معتكِرٌ فَفي فؤاديَ صدعٌ غيرُ مشعوبِ
وقال الأعشى :
وباتتْ وقد أورَثَتْ في الفؤادِ صدعاً على نأيِها مستطيرا
كصدعِ الزجاجةِ ما يستطيعُ كفّ الصّناعِ لَها أنْ تحيرا
فقوله تعالى {وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ } هذه صفة للأرض بأنّها ذات الصدع أي من صفتها التصدّع ، فإنّها تصدّعت في بدء تكوينها وسوف تتصدّع عند منتهى حياتها، ويكون ذلك يوم القيامة . فهذه الآيات كلّها تدلّ على أنّ السيّارات والأرض كانتا قطعة واحدة فشقّقها وجعلَها قطعاً كثيرة ، ويتشقّقنَ يوم القيامة أيضاً .