4 - لَمّا أسلم من اليهود عبد الله بن سلام وجماعته ، دعَى الباقين إلى الإسلام فلم يستجيبوا له ولم يُسلموا . وذلك قوله تعالى في سورة الأحقاف {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَكَفَرْتُم بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} فحينئذٍ أنذرهم الله بالدمار في هذه الآيات ، فقال تعالى :
(
وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ) يعني بني إسرائيل المعاصرين لرسول الله محمد بن عبد الله الذين كذّبوه ولم يؤمنوا به ، والكتاب هو القرآن . ومعنى "قضينا" : أنذرناهم وحكمنا عليهم بالدمار إن لم يصلحوا أعمالهم ويُسلموا . فالقضاء هو الحكم القطعي الذي لا تغيير فيه . ومن ذلك قوله تعالى في آية 23 من السورة {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ} أي حكم ربّك حكماً قطعياً . ومن ذلك قول عنترة:
جاروا فَحَكَّمْنا الصَّوارمَ بيْننا ..... فقَضتْ وأَطرافُ الرماحِ شُهُودُ
والمعنى قل يا محمد لبني إسرائيل المعاندين الذين لم يُسلموا (
لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا) فاللام من قوله تعالى "لتُفسدنّ" لام العاقبة وكذلك قوله (
وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا) وهذا إخبار عن المستقبل ، وتقديره لتفسدن إلى الإسلام مرتين في المستقبل . وليس هذا إخباراً عن الماضي كما ذهب إليه بعض المفسرين ، لأنّ فسادهم في الماضي كثير وليس مرتين . وقد أيّد هذا القول الأستاذ عبد الرحيم فودة وذلك في مجلة لواء الإسلام في العدد الأول للسنة الحادية والعشرين والمؤرخة غرّة رمضان سنة 1386 هجرية والمقال في صحيفة 55 .إنتهى .
والدليل على أنّ هذا إخبار عن المستقبل قوله تعالى :5 - (
فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا) فكلمة "إذا" تستعمل للمستقبل ، فلو كان إخبار عن الماضي لقال تعالى فلمّا جاء وعد أولاهما، ثم قوله تعالى (
بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) لو كان إخباراً عن الماضي لقال "بعثنا عليهم" ولم يقل "بعثنا عليكم"، فكلمة "عليكم" تدل على اليهود الذين كانوا في زمن النبي (
ع) ومن يأتي بعدهم .
وقد جاءت الأيات القرآنية التي تخبر عن الماضي مبتدئةً بكلمة "فلمّا" ولم تأت مبتدئة بكلمة "إذا" ومن ذلك قوله تعالى في سورة الزخرف {فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ} ، وقال تعالى في سورة آل عمران {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ} ، وقال تعالى في سورة الأنبياء {فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُم مِّنْهَا يَرْكُضُونَ} ، وكثير في القرآن مثل هذه الآيات التي تخبر عن الماضي .
ففسادهم الأول وغدرهم بالمسلمين كان في سنة 1948 ميلادية حيث قتلوا المسلمين في فلسطين وأخرجوهم من ديارهم وأخذوا أموالهم وديارهم وتركوهم بلا مأوى ، وذلك بمساعدة الإنجليز ووعد بلفور لهم بأن يجعل لهم وطناً في فلسطين .
فخرج جيش العرب لمحاربتهم وخاصة جيش العراق وحاربوهم وانتصروا عليهم ودخل الجيش أرض فلسطين وجاس خلال الديار وكاد يدخل تل أبيب ، لو لم تكن السلطة حينئذٍ بيد الإنجليز والخيانة من بعض رؤساء العرب لقضى جيش العراق على الصهاينة ، ولكن الإنجليز خدعوهم بكلمة الهدنة ، فكانت الهدنة دسيسة وخديعة من الإنجليز ، ورجع الجيش إلى العراق . فجيش العراق هم الذين عناهم الله تعالى بقوله (
عبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولًا) .
أمّا قوله تعالى 6 (
ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ) فالخطاب لليهود ، والمعنى : ثم قوّيناكم على المسلمين ونصرناكم عليهم . وذلك بسبب تفرّق كلمتهم وتركهم للدين الحنيف وتقليدهم للأجانب والتزييّ بزيّهم لتكون هذه النكسة تأديباً لهم (
وَأَمْدَدْنَاكُم) أيها اليهود (
بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا) أي أكثرالمهاجرين إليكم من أبناء دينكم من كل قطر من أقطار الأرض . ومما يؤيد هذا قوله تعالى في آية 104 من نفس السورة {وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا} ، واللفيف هم جماعة على اختلاف بلادهم وأجناسهم ولغاتهم . وقد اجتمعوا في فلسطين من كل قطر من أقطار الأرض وزادت سطوتهم بسبب أمريكا وبريطانيا وكثرت أموالهم بسبب التبرعات التي تقدّمها لهم أمريكا وغيرها من الدول .
ثم أخذ سبحانه في نصحهم وإرشادهم فقال 7(
إِنْ أَحْسَنتُمْ) مع المسلمين (
أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ) لأنّكم بالإحسان تزرعون المودة في قلوبهم فينسجمون معكم ولا يطردونكم من أرضهم (
وَإِنْ أَسَأْتُمْ) إلى المسلمين (
فَلَهَا) إساءتها ، لأنّ من يزرع الحنظل لا يجني إلا حنظلاً فحينئذٍ يطردونكم من أرضكم ويقتلونكم .
وكانت الجولة الثانية من فسادهم وغدرهم بالمسلمين سنة 1967 ميلادية إذ غدروا بالمسلمين وضربوا مصر والأردن وسوريا وقتلوا آلاف الأبرياء وشرّدوا الأطفال والنساء . فكانت المدّة الزمنية بين الأولى والثانية عشرين سنة . ثم قال الله تعالى (
فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ) أي المرة الأخيرة (
لِيَسُوءُوا) المسلمون (
وُجُوهَكُمْ) أيها اليهود ، يعني ليخزوا رؤساءكم ويذلّوهم بالأسر والقتل . فالوجوه هم الرؤساء والقادة .
فالذين جاسوا خلال الديار في أول مرة هم الذين يسوؤون وجوه اليهود في المرة الأخيرة وهم سيتبّرون ما علوا تتبيراً (
وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ) منتصرين يعني المسجد الأقصى (
كَمَا دَخَلُوهُ) العراقيون (
أَوَّلَ مَرَّةٍ) سنة 1948 ميلادية ، فكذلك في المرة الأخيرة يخرجونكم منه ويذلونكم بالأسر والقتل .
وفي هذه الجملة تأكيد على أنّ الذين جاسوا خلال الديار في الجولة الأولى هم الذين يسوؤون وجوه اليهود في الجولة الأخيرة وهم العراقيون بعون الله تعالى (
وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا) من أملاك اليهود ، يعني وليدّمروا ما بنوه اليهود عالياً من أسوار ومرتفعات وما وطأته أقدام المسلمين من أرض اليهود ومنازلهم تدميراً . فالنصر يكون على أيدينا نحن العراقيين في هذه المرّة بعون الله تعالى .
ومما يؤيد هذا قول السيد المسيح ، وذلك في إنجيل لوقا في الإصحاح الحادي والعشرين قال "ومتى رأيتم أورشليم محاطة بجيوش فحينئذٍ اعلموا أنّه قد اقترب خرابها ، حينئذٍ ليهرب الذين في اليهودية إلى الجبال ، والذين في وسطها فليفرّوا خارجاً ، وفي الكور فلا يدخلوها لأنّ هذه أيام انتقام ليتمّ كلّ ما هو مكتوبٌ ، وويلٌ للحبالى والمرضعات في تلك الأيام لأنّه يكون ضيق عظيم على الأرض وسخط على هذا الشعب ، ويقعون بفم السيف ويسبون إلى جميع الأمم وتكون أورشليم مدوسة من الأمم حتى تكتمل أزمنة الامم .
حقائق التاويل في الوحي والتنزيل -------------للراحل
محمد علي حسن الحلي رحمه الله
دلالات التنزيل وتأويله وفق التفسير اعلاه :
-اسرائيل ستتجمع في اخر الزمان لتشكل دولة
-ما يعني اول نصر لهم واول هزيمة للسلمين رغم دخول جيش العراق 1948 المسجد الاقصى
-اول ملامح الخيانة والتواطأ الذي نرى اليوم خواتيمه الاليمة في ورشة البحرين المشؤومة كان وقف اطلاق النار .
-هزيمة العرب الثانية اي الفساد الثاني واسرائيل الكبرى
-انفراط عقد العرب بعد1973 وخروج مصر وباقي دول العرب اما صلحا او كرها من خلال تسليط الوحش الغربي عليهم .
-ظلم وعلو وطغيان اليهود على كل الاصعدة
-انتظار الفرج ونبؤة التحرير بعد صدق كافة ملامح النبؤة القرانية بخصوص اسرائيل من البداية للنهاية .
بسبب شركىالعرب والمسلمين تم تسليط كل الامم عليهم .ان لم يتركو الشرك لن يحرروا الاقصى ويعيشوا عيش الاحرار . فأنتظروا انا معكم من المنتظرون .