{القَسَم و الحِلف بالله وحده :}
علّمنا الله سبحانه في القرآن أن نقسم بالله وحده و لا نقسم بغيره ، و ذلك بأن نقول (و الله) أو (بالله) أو (تالله) : قال تعالى في سورة يوسف 85 (قالوا تاللهِ تفتأُ تذكرُ يوسفَ) ، و قال تعالى في سورة النور 6 (فشهادةُ أحدِهم أربعُ شهاداتٍ باللهِ إنّهُ لَمِنَ الصّادقِين .) ، و قال سبحانه في سورة مريم 68 (فَوَربِّكَ لَنَحشرَنّهم و الشياطينَ ) و قال عزّ و جلّ في سورة يونس 53 (و يستنبؤونَكَ أحقٌّ هوَ قل إي وَ ربّي إنّه لَحقّ) ، و غير ذلك من الآيات القرآنيّة الكريمة .
و جاء في كتاب الكافي للكليني ج7 ص449 باب أنّه لا يجوز أن يحلف الإنسان إلاّ بالله عزّ و جلّ
1-عن أبي عبد الله ع قال "لا أرى أن يحلف الرجل إلاّ بالله ."
2-و عنه ع "لا أرى للرجل أن يحلِف إلاّ بالله"
3-و عن علي بن الحسين قال قال رسول الله ع "لا تحلِفوا إلاّ بالله ، و من حلف بالله فليصدق ، و من حُلِف له بالله فليرض ، و من حُلف له بالله فلم يرض فليس من الله عزّ و جلّ"
4-و عن محمّد بن مسلم قال قلت لأبي جعفر [محمّد الباقر]ع : قول الله تعالى (و الليل إذا يَغشى) و (والنّجمِ إذا هوى) و ما أشبه ذلك ؟ قال "إنّ لله أن يقسم من خلقه بما يشاء و ليس لخلقه أن يقسموا إلاّ به"
و جاء في كتاب تهذيب الأحكام (للشيخ الطوسي ، المتوفّى سنة 467 هج) ج8 ص 277 كتاب الأيمان و النذور و الكفّارات، باب الأيمان و الأقسام
"قال الشيخ رحمه الله : و لا يمين عند آل محمّد ع إلاّ بالله و بأسمائه فمن حلف بغير ذلك كانت يمينه باطلة ."
و جاء في كتاب وسائل الشيعة(للحر العاملي ، المتوفّى سنة 1104 هج) في باب أنّ اليمين لا تنعقد بغير الله
29459- قال الشيخ الصدوق رُوي و في حديثٍ آخر في رجلٍ قال لا و أبي قال يستغفرُ اللهَ.
29461-عن أبي جعفر [محمّد الباقر] ع قال "كلّ يمينٍ بغير الله فهي من خطوات الشيطان [الّتي نَهى الله عنها بقوله تعالى (لا تتّبعوا خُطُواتِ الشّيطان) ]"
و جاء في كتاب مستدرك الوسائل ، للمحدّث النوري ، ج16 ص 49
19109-5 ، و رُوي عنه ص [:عن رسول الله] أنّه قال : "من حلف بغير الله فقد أشرك"
19110-6 ، و في بعض الروايات : " فقد كفر بالله"
{التحليف بالله وحده :}
و لا يصحّ تحليف أيٍّ كان – حتّى لو كان يهوديّاً أو نصرانيّاً أو مجوسيّاً – بغير الله، بل يكون التحليف بالله وحده ، و لا يجوز التحليف ببعض الأئمّة أو الأنبياء ، أو القدّيسين كما يفعل كثيرٌ من الناس في هذه الأيّام ؛ فيخالفون بذلك أوامر الله و الأنبياء و أقوال الأئمّة في هذا الموضوع.
فعلى عكس بعض العلماء المتأخّرين, فإنّ العلماء الأوّلين الّذين ألّفوا كتب الأحاديث -مثل الكافي و البحار و الوسائل و التهذيب و مستدرك التهذيب و غيرها- فلم نجد عندهم فيها ما يدعو إلى الحلف و التحليف بغير الله و الصدقة لغير الله و غيرها؛ مِمّا يؤيّد أنّ هذه العادات ظهرت متأخرةً و أخذت تترسّخ مع الزمن بسبب الجهل بأحكام الدين, و سكوت بعض العلماء و تغاضيهم عنها.
فقد جاء في كتاب الكافي ، للكليني ، ج7 ص451 ... قال سألت أبا عبد الله ع عن أهل الملل يُستَحلَفون فقال :"لا تُحلِفوهم إلاّ بالله عزّ و جلّ."
و عن جعفر الصادق ع أيضاً أنّه قال "لا يُحلَفُ بغير الله" ، و قال : "اليهودي و النصراني و المجوسي لا تٌحلِفوهم إلاّ بالله عزّ و جلّ."
و عن سماعة عن أبي عبد الله ع قال سألته هل يصلح لأحدٍ أن يُحلف أحداً من اليهود و النصارى و المجوس بآلِهتهم؟ قال :"لا يصلح لأحدٍ أن يُحلفَ أحداً إلاّ بالله عزّ و جلّ "
فانظر أيّها القارئ الكريم و تأمّل في أقوال النبي و الأئمّة و العلماء القدماء من بعدهم فهل تدع مجالاً للشكّ في أن القسم و الحلف و اليمين يجب أن تكون بالله وحده و أنّ القسم بغيره حتّى و لو كان نبيّاً أو إماماً أو غير ذلك فهي شركٌ و باطل ؟ إنّ هذه العادات قد ابتُدِعت فيما بعد و أخذت تترسّخ مع مرور الوقت و ازدياد الجهل ؛ و إلاّ فإنّ الأئمّة و العلماء من بعدهم لم يَرِدْ عندهم مثل هذا القسم بالأئمّة و السّادة و لم يعرفوه ، بل ورد النهي قطعاً عن الحلف بغير الله تعالى.
{النذور :}
النَّذْر يكون لوجه الله وحده ، و لا يتحقّق النذر ما لم يُذكر أنّه نذرٌ لله ، و لا يصحّ النذر لغيره فإنّ ذلك نوعٌ من الإشراك .
فقد جاء في القرآن الكريم قوله تعالى في سورة مريم : (فقولي إنّي نَذرتُ للرّحمنِ صَوماً ) ، و في سورة البقرة
(و ما أنفقتُم مِن نفقةٍ أو نَذَرتُم مِنْ نَذْرٍ فإنّ اللهَ يَعلمُه ) البقرة 270
و جاء في كتاب مستدرك الوسائل ، (للمحدّث النوري ، المتوفّى سنة 1320 هج) : ج 16 ،ص 84
1- باب أنّه لا ينعقد النّذر حتّى يقول للهِ عليّ كذا و يسمّي المنذور و يكون عبادةً
19215 – 7- دعائم الإسلام ، رُوِّينا عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه أنّ رسول الله ص نَهى عن النذرِ لغير الله
19222 – 3 ، و عن أبي الصباح الكنانيّ قال سألت أبا عبد الله ع قلت رجلٌ قال عليّ نذرٌ قال :"ليس النذرُ شيئاً حتّى يُسمّي شيئاً لله صياماً أو صدقةً أو هدياً أو حَجّاً ." و رواه الكليني في الكافي ج7 ص2455
{التعظيم و التقديس لله :}
روي أنّه عندما نقل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب الخلافة إلى الكوفة جاءه وجهاء الناس ينحنون أمامه تعظيماً له كما كانوا يفعلون مع ملوك الفرس و المناذرة الّذين كانوا يحكمون العراق من قبل ، فزجرهم عليه السلام و لم يرضَ بالتعظيم ، و قال لهم لا يجوز التعظيم لغير الله تعالى ، و قال لهم " ينبغي لمن عظُمَ اللهُ في نفسِهِ أنْ يصغرَ ما دونَه في عينه، فلا تفعلوا بي كما تفعل الأعاجم بملوكِها، فلستُ بحمد الله كذلك"
كما ورد في الحديث القدسيّ أنّ الله تعالى يقول " العظَمةُ إزاري و الكبرياء ردائي فمن نازعنيهما أدخلته النار و لا أبالي "
و جاء في كتاب (الاستبصار) للطوسي 1/ 217 ، عن عليّ بن جعفر قال سألت موسى الكاظم (ع) عن البناء على القبر و الجلوس عليه هل يصلح ؟ قال : "لا يصلح البناء عليه و لا الجلوس و لا تجصيصه و لا تطيينه ".
و جاء في كتاب (من لا يحضره الفقيه) 1/178 ، (وسائل الشيعة) 3/235 ،5/161 ،و (البحار) 79/20 قال النبيّ الكريم :"لا تتّخذوا قبري قبلةً ولا مسجداً فإنّ الله تعالى لعن اليهود حين اتّخذوا قبور أنبيائهم مساجد
وجاء في كتاب الكافي 6/528 ، الوسائل 3/211 ، بحار الأنوار 76/286 ، المحاسن 2/614 ، عن أبي عبد الله (ع) قال : قال أمير المؤمنين (ع) : "بعثني رسول الله (ع) في هدم القبور و كسر الصوَر ."
{الذكر لله بالتسبيح و التهليل و التحميد والتكبيروالتمجيد }
المطلوب هو ذكر الله على الدوام ليلاً و نَهاراً فهذه عبادة لله ، و لا ينبغي لمسلمٍ أنْ يذكر غير الله دائماً و أبداً ليلاً و نَهاراً و كلّ جمعة و كلّ شهر و في كلّ مناسبة فإنّ هذا خاصّ بالله وحده. فإنّ ذكر بعض الأئمّة و الأولياء على الدوام حتّى يستولي على تفكير الإنسان يكون نوعاً من الإشراك ، بل ينبغي أن يكون تفكير الإنسان مشغولاً بذكر الله في كلّ حال و كلّما أكثرَ من ذلك كلّما كان أفضل . قال تعالى في سورة الأحزاب (يا أيّها الّذينَ آمَنوا اذْكروا اللهَ ذِكراً كثيراً . و سبِّحوهُ بُكرةً و أصيلاً.) 41-42
أي على الدوام ،و لم يقل اذْكروا الأنبياء و الأئمّة و الأولياء على الدوام ؛ فإنّ ذلك يكون نوعاً من أنواع الإشراك .
و قد نَهى الله عن المبالغة في محبّة الأشخاص ، بل أن يكون الإنسان أكثر حبّاً لله تعالى ، كما قال تعالى في سورة البقرة 165 (و الّذينَ آمَنوا أشدُّ حبّاً لله) ، و نَهى عن المبالغة في الأشخاص ، و ذلك في سورة المائدة 77 (قٌلْ يا أهلَ الكتابِ لا تَغلوا في دينِكم).
{اللجوء إلى الله في الشدائد :}
جاء في الصحيفة السجّاديّة لعليّ بن الحسين ع يناجي ربّه : " أنتَ المدعوّ للمهمّات ، و أنتَ المفزع في الملمّات لا يندفع منها إلاّ ما دفعتَ و لا ينكشف منها إلاّ ما كشفتَ ..."
و قال الإمام علي ع ،كما في كتاب الكافي للكليني ج2 ص67 : "فإذا اشتدّ الفزع فإلى الله المفزع "
فمن اعتقد أنّ بعض الأولياء و الأقطاب و الأئمّة و الأنبياء و القدّيسين يحضرون في الشدائد ، فقد خالف جوهر الدين و أساس التوحيد وهو أنّ الله يعلم كلّ نَجوى و هو شاهد كلّ شكوى .
و كذلك تقديم الشُّكر بعد الخلاص من الأزمات و تجاوز الشدائد بنعمةٍ من الله ، فإنّ بعض الناس يشكر الأئمّة على ذلك ، و هذا غير جائز ، بل يجب أن يشكروا الله وحده على ذلك ؛ فهو صاحب النعمة عليهم . قال الله تعالى في سورة الجن ، مخاطباً رسوله الكريم : (قل إنّي لا أملكُ لكم ضَرّاً و لا رَشَداً . قل إنّي لن يُجيرَني من اللهِ أحدٌ و لن أجدَ من دونِهِ ملتَحَداً .) و قال تعالى في سورة الأعراف 188 : (قل لا أملكُ لِنفسي نفعاً و لا ضَرّاً إلاّ ما شاء اللهُ ، و لو كنتُ أعلمُ الغيبَ لاسْتَكثرتُ من الخيرِ و ما مسّنيَ السُّوءُ ...) و قال تعالى في سورة يونس 49 ( قل لا أملكُ لنفسي ضَرّاً و لا نفعاً إلاّ ما شاءَ اللهُ ...) فهو لا يملك لكم و لا لنفسه ضرّاً و لا نفعاً كما في هذه الآيات الكريمة .
و قد سأل أبو بصير أبا عبد الله جعفر الصادق ع عن معنى قوله تعالى في سورة يوسف 106 (و ما يُؤمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللهِ إلاّ و هم مشرِكونَ) ، فقال : "يا أبا بصير إنّ أدنى ذلك أن يقول المرء لصاحبه : وحياتِك "