الرد على الذين يؤمنون بوجود الله ولكن لا يؤمنون بالأديان (وخصوصاً الإسلام) ويقولون: إنها السبب فى التخلف والفقر والمرض والفساد والظلم… إلخ, ولا يؤمنون بيوم القيامة
هل تظنون أن الله خلقنا عبثاً ولن يحاسبنا على أعمالنا؟ فأين العدل إذن؟ وهل تظنون أن الله يجعل الصالح يستوى مع الطالح؟ والمصلح فى الأرض يستوى مع المفسد فيها؟ والظالم يستوى مع المظلوم؟ والقاتل يستوى مع المقتول… إلخ؟
إن هذا لسوء ظن بالله تعالى, واتهام له بالعبث والظلم, وحاشا لله أن يكون كذلك, إن هذه الصفات لو كانت فى أحد ملوك الأرض ما استحق أن يكون ملكاً, فكيف بملك الملوك سبحانه وتعالى؟ قال الله تعالى: { أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ{115} فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ } [المؤمنون: 15-16]
أنتم تتحدثون عن الفساد والظلم والتخلف والفقر فى بلاد المسلمين, وتعتبرون دعوتكم للكفر بكل الأديان هى دعوة للإصلاح والوقوف فى وجه البؤس والظلام الذى نعيشه, ولكن ربط كل هذا بالدين خطأ فاحش, فهل الانسلاخ من الدين سيغير ما نحن فيه من تخلف وظلم وفقر… إلخ؟
إن كثيراً من الأمريكيين والفرنسيين والألمان وغيرهم من أهل الدول المتحضرة يعتنقون الإسلام, فهل غيّر الإسلام أحوالهم, فأصبحوا فقراء مرضى متخلفين؟
واسمحوا لى أن أسألكم: نفترض أن كل الشعوب العربية قاطبة استجابوا لصراخكم بنبذ الدين (والعياذ بالله) فهل هذا سيغير حالهم؟ وهل سيحوّل تخلفهم إلى رُقِىّ؟ وفقرهم إلى غنى؟ وظلمهم إلى عدل؟
ثم من يأخذ للمظلومين والمقهورين حقهم ممن ظلمهم وقهرهم؟ ولمن يشتكون إن لم يجدوا من ينصفهم؟ وبماذا يتصبّر الفقير والمريض والمطحون فى هذه الحياة, وهو يعلم أن الكل سيموت ولن يُعَوَّض (فى رأيكم) عن فقره ومرضه بعد موته؟ فى حين أن غيره قد تنعّم بالغنى والصحة والراحة؟
كيف تكون أحوال أمم لا تدين بدين يربطها بحب الله جل وعلا, والخوف من عقابه, ورجاء ثوابه؟ ألا يكون كل شىء مباحاً طالما يفعله الناس فى الخفاء بعيداً عن طائلة القانون؟ ومن يضمن للناس حفظ أموالهم ودمائهم وأعراضهم؟ إن مجتمع كهذا سينتشر فيه الكذب والخداع وشرب الخمور والزنى بالمحارم وغير المحارم, ولن يكون هناك ضابط يضبط سلوكيات الناس إلا القانون الذى يستطيعون التهرب منه بكل سهولة
والآن اسمحوا لى أيها النصارى يا من لا تتخفون وراء الإلحاد كغيركم أن أُوَجِّه الكلام فى الفقرة التالية إليكم أيضاً, لأنكم تشتركون مع الطائفة السابقة فى اتهامهم للإسلام بما اتهموه به زوراً وبهتاناً
أنتم تعلمون أن رُقِىّ الدول الغربية لم يَقُم على تعاليم دينها, وإلا.. فهناك دول أفريقية كثيرة متخلفة مع اعتناقها للمسيحية, وتعلمون أيضاً أن الحضارة الغربية ما قامت إلا على سرقة عقول الشعوب, وامتصاص دمائهم, ونهب ثرواتهم, كما أنكم تعلمون أن ما حَلّ ببلاد المسلمين هو بسبب الاستعمار المتكرر لبلادهم, وإسقاط الخلافة الإسلامية, وتقسيم العالم الإسلامى إلى دويلات متفرقة… إلخ
إن المتأمل فى أحوال المسلمين يجد أغلبهم غير ملتزمين بدينهم, وهذا هو سبب نكبتهم, ولو كان قولكم صحيحاً فى أن الإسلام هو السبب فى التخلف والمرض والفقر… إلخ, لانصحلت أحوال هؤلاء ببعدهم عن دينهم, أليس كذلك؟
إن أعلى معدلات الجرائم من سرقة واغتصاب وقتل هى فى الدول التى لا تدين بالإسلام, أو التى لا تحكم بشرع الله, حتى إن أمريكا (وهى أكثر البلاد تقدماً) بها أعلى نسبة من حوادث السيارات فى العالم, وذلك بسبب الخمر
وأخبرونى بربكم: هل قرأتم أو سمعتم أى آية أو حديثاً أو رأياً فقهياً يحث على محاربة العلم وعدم التداوى من الأمراض والوقاية منها؟ أو يأمر بالظلم والقهر والاستبداد؟ أو يعارض السعى لاكتساب الأرزاق الحلال؟ وهل ما يفعله بعض الذين ينتمون للإسلام من ظلم وقهر واستغلال للثروات على حساب الفقراء ناتج عن امتثالهم لأوامر دينهم؟
أليس ما فيه كثير من المسلمين من ظلم وفساد ورشوة وقتل وسرقة واغتصاب.. إلخ ناتج عن بعدهم عن الدين؟ فكيف لو تركوه بالكلية؟
أتنسون أن الكنيسة فى العصور الوسطى كانت حجر عثرة فى وجه العلم والحضارة, لدرجة أنهم كانوا يعدمون بعض المكتشفين والمخترعين أمثال (جاليليو) الذى قالوا عنه: إنه يريد أن يرى الرب بالتليسكوب الذى اخترعه؟ ثم قامت الثورة الفرنسية لتقضى على تحكُّم الكنيسة فى العلم والعلماء؟
إن الله سبحانه وتعالى لم يأمر نبيه صلى الله عليه وسلم بطلب الزيادة من أى شىء إلا العلم, فقال: {وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً} [طه:114] وكانت أول آيات أنزلت عليه صلى الله عليه وسلم هى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ{1} خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ{2} اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ{3} الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ{4} عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق:1-5] وهناك آيات كثيرة تحث على العلم والعمل والوقاية من الأمراض والتداوى منها والتكسُّب من الحلال
منقوووووووول
_________________________________________
أطلع على كتاب ذو صلة بالموضوع وهو من الكتب المهمة في الرد على الملحدين
كتاب الرد على الملحدين لمفسر القران المرحوم محمد علي حسن الحلي