ظاهرة الانتحار حرقاً تؤرق إسرائيل و«الأمن أولاً» يفاقم القضايا الاجتماعية
الناصرة - أسعد تلحمي
الإثنين ٢٣ يوليو ٢٠١٢
خلال أسبوع، أضرم إسرائيليان النار في نفسيهما احتجاجاً على تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، كما هدد أكثر من 60 شخصاً بالحذو حذوهما، ما أثار القلق من تحوّل هذا الحل الفردي الى ظاهرة، خصوصاً في بلد تهيمن عليه القضايا الأمنية (التفجير في منتجع بورغاس ومخاوف من وقوع مثلها، والأوضاع في سورية)، وتُهمّش ما عداها من قضايا اجتماعية واقتصادية.
وقالت الشرطة إن عسكرياً مقعداً في الخمسين من عمره أضرم النار في نفسه عند محطة للحافلات قرب تل أبيب أمس، وإنه أصيب بحروق بنسبة أكثر من 80 في المئة من جسده. وأوضح عضو جماعة للجنود الإسرائيليين السابقين المقعدين دودي غيلبوا للإذاعة الإسرائيلية أنه والرجل المصاب دخلا في نزاع مع السلطات المسؤولة عن إعادة تأهيل الجنود السابقين المصابين ومساعدتهم.
ووقع الحادث قبل ساعات قليلة من جنازة الإسرائيلي موشيه سيلمان الذي أشعل النار في نفسه بعد أن قرأ رسالة خلال تظاهرة الأسبوع الماضي في تل ابيب جاء فيها: «أتهم دولة إسرائيل و(رئيس الوزراء بنيامين) نتانياهو و(وزير المال) يوفال شتاينتز الأوغاد بالذل الذي يتحمله مواطنو إسرائيل الضعفاء يومياً... فهم يأخذون من الفقراء ليعطوا الأغنياء».
وخرجت مساء أول من أمس ثلاث تظاهرات تكريماً لسيلمان، في القدس وحيفا وتل ابيب التي كانت الأضخم وشارك فيها ألفا إسرائيلي هتفوا بأن انعدام المساواة يشكل «قنبلة موقوتة» داخل المجتمع.
وأكدت تقارير صحافية أن نحو 60 من المصنّفين «محتاجين للخدمات الاجتماعية» هدد خلال الأسبوع الماضي تحت تأثير انتحار سيلمان، بالإقدام على الانتحار، فيما توجه ألفا شخص إلى وزارة الرفاه الاجتماعي بطلب المساعدة الفورية للبقاء على قيد الحياة. وطبقاً للوزارة، فإن 90 في المئة من المتوجهين بطلب المساعدة يعانون غياب مسكن ملائم يؤويهم. وأفادت صحيفة «هآرتس» ان عدداً كبيراً من «المحتاجين» هم من المسنين أو «المهاجرين» من دول الاتحاد السوفياتي السابق.
وأفاد مركز «عتيد» لتقديم المعونات للمحتاجين أن عدد المتوجهين الى المركز لطلب المساعدة في النصف الأول من العام الحالي بلغ 12 ألفاً، وهو ارتفاع بنسبة 20 في المئة قياساً بالفترة ذاتها من العام الماضي. وأضاف أن مراكز المساعدة عالجت خلال العام الماضي 19500 ملف.
ولفت مراقبون إلى أن اتساع ظاهرة المقدمين على الانتحار بسبب أوضاعهم الاقتصادية المأزومة من شأنها أن تهز أركان الحكومة المتَهمة بالتقصير تجاه الشرائح الضعيفة، لكنهم أشاروا في الوقت ذاته إلى أن الحركة الشعبية الاحتجاجية التي شهدتها إسرائيل العام الماضي تبدو هذا الصيف باهتة، ربما ليقينها أن الحكومة ستعرف مرة أخرى كيف تمتص غضب الشارع.
كما توقف آخرون عند حقيقة أن الإسرائيليين اعتادوا عدم إزعاج حكوماتهم في مسائل اجتماعية واقتصادية في كل مرة طغت القضايا الأمنية، وهو ما يحصل هذا الصيف حيال الاهتمام الذي تبديه إسرائيل للتطورات المتسارعة في سورية، ثم «التهديدات الأمنية» التي يشكلها «حزب الله» وايران على الإسرائيليين، وهي المسألة الطاغية على عناوين وسائل الإعلام العبرية منذ أسابيع، واتسع نطاقها بعد التفجير في منتجع بورغاس السياحي في بلغاريا الأربعاء الماضي.
الحياة اللندنية