إنّ السيّارات لا تقف كلّها دفعة واحدة عن دورتِها حول نفسِها بل يكون ذلك بالتدريج ، فالصغير منها يقف أوّلاً ثمّ الذي أكبر منه ثمّ الأكبر وهكذا حتّى الأخير ، مثلاً إنّ عطارد أصغر السيّارات حجماً فيكون وقوفها قبلهنّ لأنّ الجرم الصغير تنتهي حرارته قبل الكبير . ثمّ تقف بعده الزهرة لأنّها أكبر من عطارد ، ثمّ الأرض لأنّها أكبر من الزهرة ، وهكذا حتّى يكون آخرهنّ وقوفاً أكبرهنّ حجماً .
ويمكننا أن نستدلّ على وقوف الأرض بوقوف عطارد والزهرة ، فإذا اكتشفنا أنّ الزهرة لا تدور حول نفسها فحينئذٍ نعلم بأنّ الأرض قد جاء دورها وستقف عن دورتِها وأنّ العذاب سيحلّ بأهلها .
قال الله تعالى في سورة الفجر{وَالْفَجْرِ . وَلَيَالٍ عَشْرٍ} ، فالواو هنا واو قسم ، والفجر هو الموقع الذي يكون مابين الليل والنهار وذلك عند وقوف الأرض عن دورتِها ، لأنّ القَسَم هنا مضارع تدلّ عليه لفظة (إذا) من قوله تعالى {وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ} . وكذلك الليالي العشر فإنّها تحلّ عندما تقلّ الحرارة التي في جوف الأرض ، فحينئذٍ تكون دورتُها بطيئة جداً بحيث يكون طول النهار مدّة ثلاثة أشهر ، وكذلك يكون طول الليل ، فإذا كملت عَشر ليالٍ طِوال تقف عن دورتِها لأنّ الحرارة التي في جوفِها تنتهي ، فحينئذٍ يكون النهار طوله ألف سنة ، ويكون الليل كذلك ، ثمّ تقوم القيامة . وقوله تعالى {وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ} الشفع زوج والوتر فرد ، فقوله تعالى{وَالشَّفْعِ} يشير إلى عطارد والزهرة لأنّهما زوج يقفان قبل الأرض ، لأنّ حرارتَهما تنتهي قبل حرارة الأرض ، ولذلك قدّم الشفع على الوتر مع أنّ الوتر مقدّم ، وقوله تعالى{وَالْوَتْرِ} يشير إلى المرّيخ لأنّه يقف بعد الأرض ، وقوله تعالى{وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ} فالليل يريد به ذلك الليل الطويل الذي يكون طوله ألف سنة ، وقوله {إِذَا يَسْرِ} يعني إذا انتقل إلى المرّيخ ، يقال "المرض يسري في القوم" يعني تنتقل العدوى فيهم من شخصٍ إلى آخر ، فهذه العدوى تأتي من عطارد إلى الزهرة ثمّ الأرض ومنها إلى المرّيخ ، فكما يكون في الأرض ليلٌ طويل كذلك يكون في المرّيخ ، فإذا مكث لليل في الأرض مدّة ألف سنة من سنيّنا فحينئذٍ الشمس وتقوم القيامة ، وهذا قَسَم تهديد ووعيد وإنذار بالعذاب ، والمعنى سوف تَرَون ما يحلّ بكم يا أهل الأرض من العذاب عند وقوفها عن دورتها ، ويكون وقوع الفجر مابين الليل والنهار ، وتأتيكم عَشر ليالٍ طِوال توقظكم من نومكم لِما يصيبكم فيهنّ من العذاب ، وكذلك كما وقفت عطارد والزهرة عن دورتيهما وأصاب أهلهما كما سيصيب أهل الأرض من العذاب ، ثمّ يسري هذا الداء إلى المرّيخ فيقف أيضاً عن دورته ويصيب أهله من العذاب ما أصاب أهل الأرض ، فما عسى أن تصنعوا في ذلك اليوم ومَن ينجيكم من عذاب الله إذا حلّ بكم ؟!
وقوله تعالى{هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْرٍ} أي هل فيما ذُكر من القَسَم مقنع لِذي عقلٍ فيستدلّ بذلك على توحيد الله وعلى صدق محمّد رسول الله وهل يكفي هذا الوعيد على وعظ مَن يتّعظ وزَجْر مَن ينزجر؟!
المصدر الاصلي للموضوع هنا http://quran-ayat.com/kown/4.htm#تهد...جرام_وتبعثرها_