يكون اقتراب الأرض من الشمس لسببين :
الأوّل : برودة جوفها ، وذلك بخروج النار والغازات من جوف الأرض بسبب البراكين وخروج النفط بما يستخرجه الناس للاستفادة منه ، فحينئذٍ تزداد القشرة الباردة للأرض وتقلّ الحرارة التي في جوف الأرض ، وقد قلنا فيما سبق أنّ الجاذبية تعمل في الجرم البارد أكثر من الساخن ، أي أنّ الجرم كلّما كان أبرد ينجذب نحو الشمس أكثر ، والعكس بالعكس .
ثانياً : إنّ الأرض كلّما قلّت حرارة جوفها وزادت قشرتها الباردة فإنّها تتقلّص وتصغر ، يعني تتكسّر قشرتها الباردة وتتقلّص فتتكوّن من ذلك الجبال السلسلية المستطيلة ، وقد قلنا فيما سبق بأنّ الجرم كلّما كان أصغر ينجذب نحو الشمس أكثر ، فالأرض قد قلّت حرارة جوفها بسبب كثرة البراكين وخروج النار والغازات من جوفِها ، وتقلّص وجهها فصغر حجمُها ، وبذلك اقتربت بعض الشيء من الشمس ، ولذلك زادت الحرارة في الصيف الماضي ، أي في سنة 1978 م في العراق ، وكذلك الشتاء عندنا كان دافئاً ولم يكن بالبارد الشديد البرودة ، وهذان دليلان على اقتراب الأرض من الشمس . وكذلك باقي السيارات كلّ سيّار برد منهنّ يقترب من الشمس .
قال الله تعالى في سورة الانشقاق {فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ . وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ . وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ . لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ} ، والمعنى : إذا وقعت هذه العلامات من حدوث "الشَّفَقِ . وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ . وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ" حينئذٍ تركبون طبقات الجو طبقاً عن طبق ، فترتفعون وتقتربون من الشمس ، أي لتركبنّ الأرض بكم طبقات السماء طبقاً بعد طبق . كما تدلّ الآية على حدوث طائرات يركبها الإنسان فترتفع به طبقات السماء طبقاً بعد طبق ، وذلك في القرن التاسع عشر .
ومن المعلوم أنّ الأرض إذا اقتربت من الشمس فإنّ الحرارة تعمل فيها أكثر ، فتصيب من حرارة الشمس أضعاف ما كانت تصيبه ، ثمّ إنّ وقوفها عن دورتها يسبّب تسخين وجهها لأنّ حرارة الشمس لا تنقطع عنها وذلك في الجهة التي تكون مقابلة للشمس ، وأمّا الجهة التي بعكسها تكون شديدة البرودة لأنّها لا تصيب من أشعّة الشمس شيئاً ولا يكون عندهم نهار إلى يوم القيامة ، فمن المعلوم أنّ سكّان تلك الجهة تكون معيشتهم ضنكة ويتعذّبون لأنّ حياة الإنسان والحيوان مقرونة بأشعّة الشمس ولولاها لا يكون نبات ولا حيوان . وأمّا سكّان جهة النهار فيهلكون من شدّة الحرّ ، ولكنّ الجهة التي تكون في الشفق أي ما بين الليل والنهار فهم أحسن حالاً من غيرهم .
قال الله تعالى في سورة الإسراء{وَإِن مَّن قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَو مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا كَانَ ذَلِك فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا} ، فقوله تعالى{وَإِن مَّن قَرْيَةٍ} يعني ولا قرية {إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا} ويريد بذلك مَن بكون في جهة النهار لأنّهم يهلكون من شدّة الحرّ أي يموتون ، والشاهد على ذلك قوله تعالى في سورة غافر{حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ اللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولًا} يعني إذا مات ، وأمّا قوله {أَو مُعَذِّبُوهَا} يريد بذلك مَن يكون في جهة الليل لأنّهم يتعذّبون بالبرد والجوع والأمراض ، وإنّما يحلّ العذاب بهم لأنّهم كفَرة مجرمون ، أمّا المؤمنون فتصعد نفوسهم في ذلك اليوم إلى السماوات مع الملائكة ولا يبقى مؤمن على وجه الأرض .
وقال الله تعالى في سورة الطور {إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ . مَا لَهُ مِن دَافِعٍ . يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاء مَوْرًا . وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا} ، وقال تعالى في سورة يونس {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا أَو نَهَارًا مَّاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ} .
من كتاب الكون والقرآن المصدر هنا
http://quran-ayat.com/kown/4.htm#تهد...جرام_وتبعثرها_