اندرو نورث
مراسل شؤون جنوب اسيا لبي بي سي
يحرص المواطنون في مثل هذا التوقيت من العام على بذل قصارى الجهود في حقول اقليم باميان والعمل في حصاد محصول البطاطا.
ولا يقتصر الامر على مشاركة المواطنين فحسب، بل يساعد الاطفال في جني المحصول كما اعتادوا على مدى قرون.
غير ان شيئا واحدا قد تغير مقارنة بالماضي ألا وهو ذهاب الفتيات الصغيرات، اللائي يعملن مع اسرهن، الى المدرسة للمرة الاولى.
وتقول الطفلة حميدة التي تبلغ من العمر عشر سنوات وهي تجمع محصول البطاطا انها حتى العام الماضي "لم تذهب الى المدرسة قط."
ويعد مثال حميدة من بين 3.2 مليون فتاة تتعلم حاليا في افغانستان، بحسب بيانات منظمة الامم المتحدة للطفولة (يونيسيف).
جدير بالذكر ان معدلات أمية الاناث تضاعفت ثلاث مرات لتصل الى نحو 13 في المئة، ما يشير الى قدر ما تخلفت عنه الفتاة والمرأة الافغانية خلال ثلاثة عقود ماضية من الصراع والغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2001 واسقاط حكم نظام طالبان.
اتجاهات فكرية متحفظة حتى قبل تولي نظام طالبان الحكم تعرضت حقوق المرأة الافغانية لضغوط.
فعلى الرغم من كون الدستور الافغاني الجديد ينص على ان الرجال والنساء "متساوون في الحقوق والواجبات امام القانون"، مازالت المرأة من الناحية الفعلية تحتل مرتبة ثانية بعد الرجال في مجتمع ذكوري.
ومازال زواج الاطفال شائعا، وهناك قصص ترصد انتهاكات عديدة.
ومن أسوأ الحالات المسجلة، حالة جولناز التي تعرضت لاغتصاب من جانب زوج ابنة عمها ثم اتهمت بالزنا وحملت بطفل.
وداخل السجن وضعت جولناز ابنتها قبل ان يستجيب الرئيس الافغاني حامد كرزاي بناء على انتقادات دولية ويعفو عنها العام الماضي.
وكانت جماعات نسائية قد وجهت انتقادات شخصية للرئيس كرزاي على خلفية عدم اتخاذ موقف حاسم بشأن القضية، واقصاء زوجته داخل القصر الرئاسي وحجبها عن الظهور في وسائل الاعلام خشية انتقاد رجال الدين المتحفظين له.
وتكفي زيارة لمدرسة "سورية" في العاصمة كابول للوقوف على التغيرات الواضحة التي آلت اليه اوضاع الفتيات الافغانية.
ولدت العديدات من الفتيات هنا خلال فترة الصراع والقصف الامريكي في افغانستان عام 2001، لذا فهن لا يحملن اي ذكريات عن سنوات مؤلمة قبل ذلك.
ويمكن مشاهدة فريق الفتيات للعبة الكريكيت في فناء المدرسة الخارجي تحت رعاية مدرب، وهو مشهد كان غير معقول ابان فترة حكم طالبان، حيث لم يكن يسمح للنساء بالخروج الى برفقة احد اقرب المقربين لها في العائلة.
وتنهض احدى المؤسسات الخيرية البريطانية، "التواصل الافغاني" Afghan Connection، بتقديم مساعدات عن طريق الامداد بمعدات تبرعت بها المدارس البريطانية الى جانب تقديم نادي (ماريلبون ) للكريكيت في العاصمة البريطانية لندن مساعدات.
تناقض يثار قلق بشأن ما سوف يحدث حال مغادرة القوات الامريكية البلاد، غير انه بالنظر الى خارج محيط العاصمة كابول والمدن الكبرى الاخرى تتباين التغيرات من مكان لاخر.
مازال معظم الافغان يعيشون في مناطق ريفية تعج بالفقر والصراع والاتجاهات الفكرية التي تحبذ بقاء الفتيات والسيدات بالمنزل على ارجح التقديرات.
وتقدر منظمة اليونيسيف انه من بين 4.2 مليون طفل افغاني لا يتعلمون تبلغ نسبة الفتيات 60 في المئة، معظمهن يعشن في مناطق ريفية والاقاليم الجنوبية والشرقية حيث تحتدم الاشتباكات بين قوات حلف شمال الاطلسي (الناتو) وطالبان.
الانسحاب الامريكي
يساور البعض القلق بشأن ما اذا كان اتجاه التغيير من اجل الفتيات الافغانية سيدوم بمجرد انسحاب الامريكيين من البلاد عام 2014.
ويصر فاروق ورداك وزير التربية والتعليم الافغاني، المحتمل ترشحه لانتخابات الرئاسة القادمة، ان التغيير سيستمر.
وقال ورداك خلال مراسم افتتاح مدرسة جديدة في اقليم باميان الاكثر امنا، "عندما تشعر السيدات بانهن "صاحبات هذا الوطن .. بامكاننا ان نصنع افغانستان."
جدير بالذكر ان مؤسسة "التواصل الافغاني" البريطانية مولت بناء ما يربو على 30 مدرسة، وتشجع على تركيز مشروعاتها في المناطق الريفية.
وقالت سارة فاين، مديرة المؤسسة، ان مؤسستها تسعى الى "ضمان بناء مدارس قريبة من محل سكنى الاشخاص على نحو يوفر عدم سير الفتيات لمسافات بعيدة وان يكون لديهن معلمات".
وقالت "لا استطيع تصور ان الذين سمحوا لاطفالهم بالذهاب الى المدرسة سيسمحون بابعادهم عن المواصلة."
وبالعودة الى قرية باميان، مازال امام حميدة الكثير من الاعمال في منزل اسرتها، حيث تساعد في رعاية اخوتها الصغار الى جانب عملها بالحقل.
وتقول والدتها البالغة من العمر 30 عاما "لم تكن هناك مدرسة في زماني، ابنتي ترغب في ان تصبح طبيبة، فليوفقنا الله ويحقق احلامها."