لم يعد هناك أدنى شك بوجود ظاهرة أخرى غير مألوفة فرضت نفسها بقوة على الساحة العلمية ، يشيرون عليها بحالة الاقتراب من الموت . تجلّت هذه الظاهرة بين جميع المجتمعات البشرية ، باختلاف ثقافاتها و مشاربها ، وعبر فترات التاريخ ، القديمة و الحديثة . ومرّ بهذه الحالة الكبار والصغار ، الروحانيين والدنيويين ، علمانيين ودينيين … وهناك أمثلة كثيرة على حالات الاقتراب من الموت يدخل فيها الأشخاص المتشككين الذين لم يتوقّعوا وجود هذه الظاهرة أساساً !.
ـ بعد التقدم الذي شهدته وسائل الإنعاش الطبية ، مما ساعد الأطباء في إعادة الكثير من الأشخاص من حافة الموت ، لوحظ نشوء حالة غريبة في مختلف الأوساط الطبية حول العالم ، و تتمثّل بتلك التصريحات التي تدلي بها نسبة كبيرة من العائدين من حالة الموت ! وعن تجاربهم الغريبة التي عايشوها خلال فترة موتهم المؤقت !. اجتمعت جميع تلك التصريحات المختلفة ، والقادمة من جميع أنحاء العالم ، إلى وجود عالم آخر تجري أحداثه خارج أجسادنا الفيزيائية !. وكان تأثير هذه التجربة على الذين خاضوها كبيراً ، خاصة من الناحية العاطفية والروحية ! وهذا جعلهم يحدثون تغييرات كبيرة في حياتهم الشخصية بعد تلك التجربة !.
ـ الدكتور ” كينيث رينغ ” ، الذي قام بدراسة علمية حول ظاهرة الاقتراب من الموت ، في العام 1980م ، أكّدت جميع نتائجها ما ادعاه الدكتور مودي ، لكنه وجد أن الأشخاص مرّوا بهذه التجربة على مراحل ، والنسبة الكبيرة منهم وصلوا للمراحل الأولى فقط .
ـ دراسات أخرى تابعة لباحثين مثل : ( كارليس أوسيس و أورلاندور هارالدسون ، 1977م ) ، و ( مايكل سابوهم و سارا كروتزيغر ، 1976م ) ، و ( إليزابيث كوبلر روس ، 1983م ) ، و ( كرياغ لونداهل 1981م ) ، و ( بروس غريسون و أيان ستيفنسون ، 1980م ) ، و جميعهم أيّدو ما وصفه الدكتور مودي عن هذه الظاهرة.
قام الدكتور ” مايكل سابوهم ” ، طبيب مختصّ بأمراض القلب من جورجيا ، بإجراء تحقيق طبي مع مئة من مرضى المستشفى الذين نجوا من حالات موت محتمة ، ووجد أن 61 بالمئة منهم قد خاض في تجربة الاقتراب من الموت ، و تتوافق رواياتهم مع العناصر الخمسة عشر التي نشرها الدكتور مودي في العام 1975م .
استطاع الكثير من المرضى الذين تم إعادتهم للحياة أن يصفوا بدقة كبيرة ، كل ما جرى في غرفة العمليات خلال غيابهم عن الوعي أو موتهم المؤقت . و قد تحقق الدكتور سابوهم من التفاصيل التي ذكروها أثناء غيابهم عن الوعي ، و وجد أن كلامهم كان صحيحاً ، و كانوا يدركون كل ما جرى حولهم خلال غيبوبتهم .
ـ أبحاث عديدة حول العالم كشفت أن هذه الظاهرة مألوفة عند جميع الشعوب . و هناك الملايين من الأشخاص حول العالم الذين خاضوا في هذه التجربة . أبحاث كثيرة مثل :
البحث الذي أجراه الدكتور ” جورج غالوب ” في الولايات المتحدة عام 1983م ، و الأسترالي ” ألان كيليهر ” و ” باتريك هافن ” في العام 1989م ، و أبحاث ” مارغوت غري ” في إنكلترا ، و ” باولا غيوفيني ” في إيطاليا ، و ” دوروثي كاونت ” في جزر المحيط الهادي ، و ” ستيوانت باسريثا ” و ” أيان ستيفنسون ” في الهند ، بالإضافة إلى أبحاث قادمة من دول كثيرة أخرى حول العالم ، و تتزايد باطراد . و بالرغم من أن هذه الظاهرة كانت مألوفة منذ فجر الإنسانية ، إلا أنها لازالت تعتبر ملاحظة جديدة في الغرب و المجتمع العلمي الحديث . فمنذ خمسة و عشرين عام فقط ، بدأ الناس يتكلمون عن تجربتهم بحرية ، خاصة بعد أن أصبحت مألوفة نوعاً ما بين المجتمع العلمي . و لازالت الأبحاث جارية حتى الآن .
ـ الباحثة الأسترالية ، الدكتورة ” شيري سوثرلاند ” ، أجرت مقابلات دراسية دقيقة مع خمسين من الذين عادوا من مرحلة الموت ، و وجدت أن تأثير هذه التجربة كان قوياً على سلوكهم في الحياة و نظرتهم التي اختلقت تماماً فيما بعد .
و حددت عناصر مشتركة بين جميع هؤلاء الأشخاص ، الذين قاموا بإجراء تغييرات جذرية في عاداتهم و سلوكياتهم بعد تلك التجربة . فاتصفوا بالحالات التالية :
ـ الإيمان المطلق بظاهرة الحياة بعد الموت .
ـ 80 بالمئة أصبحوا يؤمنون بظاهرة التقمّص .
ـ غياب تام لحالة الخوف من الموت .
ـ انتقال كامل من الانتماء للديانات المنظمة ( المؤسسات الدينية ) ، إلى ممارسة تجارب روحانية شخصية .
ـ ارتفاع ملحوظ في القدرات العقلية ( الحدس و البصيرة ) .
ـ نظرة أكثر إيجابية عن ألذات و عن الآخرين ( إنسانية ) .
ـ الميل للعزلة و الانطواء .
ـ الميل إلى اتخاذ هدف أو مقصد إنساني في الحياة .
ـ اهتمام ضئيل بالنجاح المادي ( الدنيوي ) ، و الميل إلى التطوّر الروحي و الوجداني .
ـ 50 بالمئة واجهوا صعوبات في الانسجام مع المقربين منهم ( أصدقاء ، أقارب ، أفراد العائلة ) ، بسبب تبديل أولوياتهم و أهدافهم في الحياة .
ـ الميل إلى الوعي بالصحة و الاهتمام بها و صيانتها .
ـ محاولة الابتعاد عن المشروبات الروحية .
ـ معظمهم تخلوا عن التدخين .
ـ معظمهم تخلوا عن الأدوية الموصوفة طبياً .
ـ معظمهم تخلى عن مشاهدة التلفزيون .
ـ معظمهم تخلى عن قراءة الصحف و المجلات .
ـ الميل إلى الاهتمام بالعلاج الروحي .
ـ الميل على الدراسة و تطوير الذات .
ـ 75 بالمئة تخلى عن عمله السابق و راح يهتم بأعمال تهدف إلى مساعدة الآخرين .
ـ استنتجت دراسة أمريكية ، قام بها الدكتور ” ملفين مورس ” عام 1992م ، بأن العائدين من مرحلة الموت ، تفوق قدراتهم ثلاث مرات عن المواطنين العاديين ( حدس قوى و بصيرة قوية ) . و واجهوا صعوبة في ارتداء ساعات اليد ، و استخدام الكمبيوتر و ألات كهربائية أخرى . و البالغين منهم تحسّنوا بأموال أكثر من المواطنين العاديين ، و تبرعوا في خدمة المجتمع ، و عملوا في مصالح و وظائف تخص مجال الخدمات و المساعدة . و تناولوا الفاكهة و الخضار بكميات تفوق نسبتها عن نسبة الأشخاص العاديين .
ـ يعتبر المتشككين أن هذه الظاهرة هي عبارة عن هلوسة وهمية ليس لها أساس من الصحة أما الأسباب التي تؤدي إلى هذه الحالة النفسية أو العقلية أو الوهمية ، فهي كثيرة .
يمكن أن تنتج هذه الحالة العقلية بتأثير الأدوية المخدّرة المختلفة مثل المورفين أو الكاتيمين ، أو نتيجة افتقار الدماغ لكمية أكسيجين كافية مما يؤدي إلى نوع من الهلوسة .. و هناك من يقول أن هذه الظاهرة تعود إلى أسباب نفسية ، أي أن اعتقادات الشخص الخاصة حول موضوع الموت تتجسّد في تفكيره و كأنها تحصل فعلاً .. و هناك من يفسّر هذه الحالة الوهمية بأنها نتيجة مباشرة لدماغ يموت فيزيائياً مما يؤدي إلى نوع من الجنون أو الهلوسة أو الاضطرابات العصبية التي تجيز لهذه الحالة أن تحدث .
لكن هناك أسئلة كثيرة وجب على المتشككين الإجابة عليها ، نذكر منها اثنين فقط :
ـ إذا كانت ظاهرة الاقتراب من الموت هي نتيجة مباشرة لدماغ يموت أو بسبب تأثير المخدرات أو غيرها من عوامل ، لماذا إذاً لم تتجسد هذه الحالة عند جميع الأشخاص ، و تجسّدت عند بعضهم فقط ؟.
ـ ما هو تفسير ذلك التحوّل الروحي و الأخلاقي الكبير ، الذي يجريه الأشخاص العائدين من الموت ، في حياتهم الخاصة . فيعيشون بعدها حياة بسيطة غير دنيوية ، و أهدافهم تصبح أكثر إنسانية ؟.
أجرى الدكتور ” وليام فان لومل ” ، الخبير في امراض القلب من هولندا ، دراسة على 345 مريض تم إحيائهم من الموت المؤكّد . و كانت النتيجة أن عشرة بالمئة منهم مرّوا في مرحلة بعد الموت ، و ثمانية بالمئة تذكروا القليل من أحداث هذه المرحلة . و أجرى مقارنة بين هؤلاء و مرضى آخرين خضعوا لذات الوسائل العلاجية و مرّوا بنفس الظروف الطبية ، لكنهم لم يمرّوا في مرحلة بعد الموت . فصرّح الدكتور ما يلي :
” إن الاكتشاف الملفت الذي توصلنا إليه هو أن ظاهرة الاقتراب من الموت هي ليست نتيجة تأثير الأدوية ولا الحالات الفيزيائية المختلفة ( موت الدماغ مثلاً ) . ففي النهاية ، 100 بالمئة من المرضى الذين خضعوا للعلاج قد عانوا من نقص في الأكسيجين ، و 100 بالمئة منهم تناولوا الأدوية المخدرة ، و 100 بالمئة منهم كانوا في حالة إجهاد شديد . فليس هناك أي تفسير لحقيقة أن 18 بالمئة فقط يمرّون في هذه التجربة . فإذا كانت الأسباب المذكورة سابقاً هي التي أدت إلى هذه الحالة العقلية ، وجب على الجميع أن يمرّوا في هذه التجربة دون استثناء ” !
( الموضوع منقول )