[size=14pt]۞۩۩۞۩۩۞۩ بسم الله الرحمن الرحيم ۩۞۩۩۞۩۞
أنّ الأرض تدور حول نفسِها وتكمل دورتَها بمدّة 24 ساعة ، وبسبب هذا الدوران يتكوّن اللّيل والنهار لأنّ الجهة التي تكون مقابلة للشمس يكون فيها نهار ، وأمّا التي بعكس الشمس يكون فيها ليل لأنّها لم تصب من أشعّة الشمس ، وكلّما دارت الأرض حول نفسَها يختلف فيها تكوين اللّيل والنهار ، وهذا شيءٌ معروف عند الفلكيّين . قال الله تعالى في سورة لقمان {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} ؛ فقوله تعالى :{يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ} معناه : يُدخل الليل في النهار والليل باقٍ في الجهة الأخرى ، ويُدخل النهار في الليل والنهار باقٍ في الجهة الأخرى ، والمعنى : يعقب بعضهما بعضاً فيكون في جهة ليل وفي الأخرى نهار .
وقال تعالى في سورة الزمر{خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُو الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ}، فكلمة يكوّر معناها يلفّ ، يقال : "كار العمامة على رأسه" ، أي : لفّها . فانظر إلى فصاحة القرآن وإيجازه ؛ فإنّ الله تعالى يبيّن لنا كرويّة الأرض ودورانها حول نفسِها وانتقال أشعّة الشمس عليها وتكوين الليل والنهار فيها بقوله تعالى {يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ} ، وإنّما قال تعالى {يُكَوِّرُ} لأنّ الأرض كرويّة وأشعّة الشمس تنتشر على نصف الكرة فيكون النهار في الجهة المضيئة منها ويكون الليل في الجهة المظلمة ، ثمّ تنتقل أشعّة الشمس إلى الجهة الأخرى بسبب دوران الأرض فيكون موقع الليل نهاراً وموقع النهار ليلاً ، فأشعّة الشمس أخذت تتكوّر حول الأرض وتكسبها نوراً وحرارة ونتج عن ذلك الليل والنهار .
فانظر أيّها القارئ الكريم إلى هذه الكلمة وتأمّل معناها هل ترى أحداً من البشر قادراً أن يأتي بمثلها ويعبّر عن هذه المعلومات بهذه الكلمات ؟ فإنّ هذه الكلمة وحدها تكفينا دلالةً على صدق محمّد (ع) وعلى وجود مكوّن للكون ؛ لأنّ كرويّة الأرض لم تُعرف عند الناس إلاّ في هذا الزمان ، ولم تُعرف هذه المعلومات وتتحقّق للناس إلاّ في هذه الأيام . سبحان من كوّنَها وأدارها حول محورها وأنتج الليل والنهار من دورانِها ، سبحانه وتعالى عمّا يقول الظالمون علواً كبيرا .
وقال تعالى في سورة الفرقان {أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَو شَاء لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا . ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا} فقوله تعالى{أَلَمْ تَرَ} يعني الم تنظر يا محمّد {إِلَى} فعل {رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ} يعني كيف جعل ظلّ الأرض متّصلاً لا ينقطع ، وظلّ الأرض هو الليل ، فكلّما ذهب ظلٌّ قام آخر مقامه ، وذلك بسبب دوران الأرض حول نفسها {وَلَو شَاء لَجَعَلَهُ سَاكِنًا} أي دائماً لا يزول ، وضياء الشمس في جهة لا يزول ، فحينئذٍ تجفّ أنهاركم التي في جهة النهار وتيبس أشجاركم وتحترق مزارعكم وتموت أنعامكم فتهلكون حراً وجوعاً وعطشاً . وأمّا في جهة الليل فلا يعيش لكم نبات ولا حيوان ولا يوجد عندكم مياه إلاّ الثلوج وذلك لشدّة البرد ، فتلك نتيجة الشمس الدائمة وهذه نتيجة الظلّ الدائم {ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا} أي جعلنا غروب الشمس دليلاً على إقبال ظلّ الأرض ، يعني إقبال الليل ، {ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا} أي قبضنا الظلّ والمعنى أزَلناه بانتقال ضياء الشمس من مكانٍ إلى مكان {قَبْضًا يَسِيرًا} أي سهلاً بلا مشقّة ولا تكلُّف ؛ وذلك بسبب دوران الأرض حول نفسِها . وهذه الآية نظير قوله تعالى في سورة القصص {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاء أَفَلَا تَسْمَعُونَ}
س : تقول إن الأرض كرويّة بدليل قوله تعالى {يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ}؛ إذاً فما معنى قوله تعالى في سورة البقرة {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاءً} ؟
ج : يعني فرشها بطبقة ترابيّة لكي تكون صالحة للإنبات وللسكنى، ومثلها في سورة الذاريات قوله تعالى {وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ} يعني فرشها بطبقة ترابيّة تمهيداً لزرعها. ومِمّا يؤيّد هذا قوله تعالى في سورة طـه {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا} يعني جعلها ممهّدة للزرع وللسكنى إذ فرشها بطبقة ترابيّة.
__________________________________________________ ___________
من كتاب الكون والقرآن لمحمد علي حسن على هذا الرابط
http://quran-ayat.com/kown/3.htm#التفسير