هذا الجواب منقول لك من كتاب الإنسان بعد الموت للراحل المرحوم محمد علي حسن الحلي ولك ان تطالع الكتاب لتقرأه برويه وتمهل
سؤال12: أنت تقول لا معاد للأجسام وإنما البعث للنفوس,إذا فما معنى قوله تعالى في سورة القصص {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} ؟
جواب :إن النبي (ع) لَمّا نزل الجحفة بين مكّة والمدينة وعرف الطريق إلى مكّة فاشتاق إليها ، فأتاه جبريل فقال : أتشتاق الى بلدك ؟ قال : نعم , قال فإنّ الله تعالى يقول {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} ، ومعناه إنّ الله يعيدك إلى مكّة فلا تحزن على فراقها .
سؤال 13 : فما معنى قوله تعالى في سورة الروم {اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} ؟
جواب :يعني يبدأ الخلقَ من التراب ثم يعيده إلى التراب ثمّ إليه ترجع نفوسكم يوم القيامة .
سؤال 14:فما معنى قوله تعالى في سورة يس {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ} ؟
جواب :معناه إنّا نجعل للجماد حياة فنخلق منه الإنسان والحيوان والنبات , والمعنى إنّا خلقناهم من التراب الذي لا حياة فيه .كقوله تعالى {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ} أي كنتم جماداً فجعلكم أجساماً
حيّة تأكل وتشرب وتقوم وتقعد إلى غير ذلك والدليل على ذلك قوله تعالى {ونَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا} فالكتابة للأعمال لا تكون في الآخرة بل تكون في الدنيا وهي كتابة الملَك (رقيب عتيد) .
سؤال 15:فما معنى قوله تعالى في سورة السجدة {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ؟
جواب :تفسير هذه الآية كالّتي قبلها ,والمعنى إنّ الذي أحيا الأرض بالمطر هو الذي خلقكم وجعلكم أحياء بعد ما كنتم جماداً وهو قادرٌ أيضاً على إحياء الموتى ولكن لا حاجة إلى ذلك .
سؤال 16: فما معنى قوله تعالى في سورة القيامة {أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَلَّن نَجْمَعَ عِظَامَهُ . بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ}؟
الجواب :معناه أيحسب الإنسان أنّنا لا نقدر على جمع عظامه وإرجاعها على ما كانت عليه ؟ بلى قادرين على إعادة الاجسام حتّى على تسوية البنان فنجعل الخطوط فيها كما كانت أوّلاً ولكن لا حاجة إلى إعادة الأجسام .
سؤال 17:فما معنى قوله تعالى في سورة الحج {وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الْإِنسَانَ لَكَفُورٌ} ؟
الجواب : معناه وهو الله الذي أحياكم الحياة المادية ثمّ يفصلكم عنها (لأنّ لفظة موت معناها الإنفصال ) ثمّ يحييكم الحياة الأثيرية إنّ الإنسان لكفورٌ للنِّعم . وذلك لأنّ الله تعالى يلبس النفوس جلوداً أثيرية يوم القيامةفتكون النفوس كالملائكة فهذه هي الحياة التي ذكرها الله تعالى بقوله (ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ) وليس المراد بها إحياء الأجسام الميتة , ومثال على ذلك كالأواني المصنوعة من الخارصين والنحاس فإنّها تكتسي غشاءً من الأوكسيد وذلك باتّحاد الأوكسجين مع المعدن فيكون فوقها طبقة معتمة هي أوكسيد الخارصين , فكذلك النفوس يلبسها جلوداً أثيرية لا أجساماً مادية .
سؤال 18 : فما معنى قوله تعالى في سورة النساء {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا} ؟
جواب : إنّ الجلود غير الأبدان ، فالجلود يريد بها الجلود الأثيرية التي للنفوس فهي كالثوب الذي يلبسه الإنسان ، وأمّا الأبدان فهي المادية ، والدليل على ذلك قوله تعالى في قصة فرعون [في سورة يوسف] {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً} فإنّ الله تعالى سمّاها أبداناً ، وأما الجلود فيريد بها الجلود الأثيرية التي للنفوس لأنّ الله تعالى لم يقل بدّلناهم أبداناً غيرها ليذوقوا العذاب ، بل قال{ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا} ، والدليل على ذلك قوله {نَضِجَتْ} فلو قصد بذلك الأبدان المادية لقال : كلّما احترقت أبدانهم بدّلناهم أبداناً غيرها ، لأنّ الأبدان المادية إذا أصابتها نار الدنيا تحترق وتكون فحماً ، فكيف بنار جهنم على أنها لا تحرق بل تنضج ، والنضج أقل من الاحتراق فهو الطهي ، وفي ذلك قال أمرؤ القيس :
فظلّ طهاةُ اللحمِ من بينِ مُنضجٍ صَفِيـفَ شِـوَاءٍ أَوْ قَدِيْـرٍ مُعَجَّـلِفالناضج هو المطبوخ الذي يصلح للأكل ، وفي ذلك قالَ شبيب :
وإِنَّي لأَغْلِي اللَّحْمَ نَيئاً وإِنَّنِي لَمِمَّنْ يُهينُ اللَّحْمَ وهْو نَضِيجُوقال تعالى أيضاً {فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ} ، أليست ألأجداث هي القبور ؟
سؤال 19: تقول أنّ النفوس تحشر وتحاسب ولا حاجة للأجسام ، وقد قال تعالى في سورة يس {قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ} ، أليست المراقد هي القبور ؟
جواب : (المرقد) هو المكان الذي يرقدون فيه سواء قبراً كان أم كهفاً أم مكاناً آخر ، وفي المنجد يقال : (رقد الحَر ) أي سكن و( رقد عن الأمر) أي غفل عنه و(أرقد بالمكان ) أي أقام به . أما (الجَدَث) فهو كل مكان ضيّق وفيه إنسان يسمى جدث ، فالقبر جدث والكهف جدث وغير ذلك من الأمكنة الضيّقة . وقد قلنا في كتابنا الكون والقرآن بأنّ الأرض ستقف عن دورتها المحورية ويكون الليل في جهة منها والنهار في الجهة الأخرى إلى يوم القيامة ، فالجهة التي يكون فيها النهار تكون شديدة الحرارة والجهة الأخرى تكون شديدة البرودة ، فالأرواح في ذلك الوقت تختفي في باطن الأرض تجنباً عن الحر والبردفتسكن القبور والكهوف والسراديب وغير ذلك ولا تخرج حتّى يوم القيامة فحينئذٍ تتمزّق الأرض فتخرج النفوس من الأرض وتصعد إلى الفضاء ، ولذلك قال تعالى {فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ} يعني يصعدون إليه للحساب والجزاء ، وهؤلاء هم الكفّار والمذنبون ، أما الصالحون فيرتفعون إلى الجنان من أوّل ساعة تقف فيها الأرض عن دورتها المحورية لأنّ العذاب يحلّ بأهل الأرض في ذلك اليوم ، وقد قال الله تعالى في سورة المعارج {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} فالملائكة الموكلون بالناس لكتابة أعمالهم يصعدون إلى السماء في ذلك اليوم ولا يبقى أحد منهم على الأرض ، وقوله {وَالرُّوحُ} يعني الأرواح الصالحة التقية تعرج أيضاً إلى السماء ، فيبقى في الأرض الكافرون والمشركون والمنافقون ولذلك يقولون {قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ} فانظر وتأمّل إلى الآيات الكريمة فإنّ الله تعالى لم يذكر في القبور حياة جديدة بل جاء ذكرها للتهديم والتبعثر ، فقد قال تعالى في سورة الانفطار {وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ} أي تهدّمت ، وقال تعالى في سورة العاديات {أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ} يعني الأجسام التي في القبور تتبعثر وتتمزّق حيث لا حاجة فيها