روي عن الرسول عليه السلام قوله:- ( تُدْنَى الشَّمْسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ الْخَلْقِ حَتَّى تَكُونَ مِنْهُمْ كَمِقْدَارِ مِيلٍ ) صحيح مسلم.
كيف يحتمل الناس دنو الشمس يوم القيامة ولا تحرقهم؟
لأنهم يومئذ ارواح والروح لا تحترق كالجسد.
ادرج هنا اقتباس عن رأي الشيخ محمد بن عثمين لايجد فيه تفسيرا للموضوع:
كيف يحتمل الناس دنو الشمس يوم القيامة
كيف تدنو الشمس يوم القيامة من الخلائق مقدار ميل ولا تحرقهم وهي لو دنت عما هي عليه الآن في
الدنيا لاحترقت الأرض ؟.
الحمد لله
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :
" إن وظيفة المؤمن فيما ورد من أخبار الغيب القبول والتسليم وأن لا يسأل عنها بكيف ؟ ولم؟ – وهذه
قاعدة يجب أن تبنى عليها عقيدتنا – لأن
هذا أمر فوق ما تتصوره أنت ، فالواجب عليك أن تقبل وتسلم وتقول : آمنا وصدقنا ، آمنا بأن الشمس تدنو
من الخلائق يوم القيامة بمقدار ميل ، وما زاد على ذلك
من الإيرادات فهو من البدع ، ولهذا لما سئل الإمام مالك- رحمه الله – عن استواء الله على العرش كيف
استوى ؟ قال : " السؤال عنه بدعة " هكذا أيضا كل أمور
الغيب السؤال عنها بدعة وموقف الإنسان منها القبول والتسليم .
جواب الشق الثاني بالنسبة لدنو الشمس من الخلائق يوم القيامة فإننا نقول :
إن الأجسام تبعث يوم القيامة لا على الصفة التي عليها في الدنيا من النقص وعدم التحمل بل هي تبعث
بعثا كاملا تاما ، ولهذا يقف الناس
يوم القيامة يوما مقداره خمسون ألف سنة لا يأكلون ولا يشربون ، وهذا أمر لا يحتمل في الدنيا ، فتدنو
الشمس منهم وأجسامهم قد أعطيت من القوة ما يتحمل دنوها
، ومن ذلك ما ذكرناه من الوقوف خمسين ألف سنة لا يحتاجون إلى طعام ولا شراب ، فالأجسام يوم
القيامة لها شأن آخر غير شأنها في هذه الدنيا "
وادرج هنا اقتباس من كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح-محمد علي حسن الحلي:
كتاب ساعة قضيتها مع الارواح كاملالقد تبين لي وثبت عندي مما شاهدته بنفسي في عالم الأرواح ومما قرأته في الكتب السماوية في التوراة والزبور والإنجيل والقرآن بأنّ النفس هي الإنسان الحقيقي فهي التي تُحاسَب وهي التي تُثاب وهي التي تُعاقَب وهي التي تشعر بالآلام وتشعر بالنعيم وهي التي تدخل النار أو الجنة ، وما الجسم إلاّ قالب تكوّنت فيه النفس ولا حاجة فيه بعد الموت ولا لزوم لأعادته إذ أنّ النفوس باقية إلى الأبد لا تموت ولا تفنى ولكن بعضها في نعيم وبعضها الآخر في جحيم كلٌّ حسب إيمانه وأعماله فإن كان من المؤمنين الصالحين فمثواه الجنة فهو في نعيم دائم ، و إنْ كان من الكافرين أو المشركين فمثواه النار فهو في عذاب دائم .
قال الله تعالى في سورة البقرة {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ} ، والمعنى : لا تظنّوا أنّ هؤلاء الذين قتلوا قي سبيل الله انتهت حياتهم لأنّكم ترون أجسامهم ملقاة على الأرض ودماءهم تسيل بل هم أحياء ولكن لا تشعرون بهم لأنّكم ترون الأجسام ولا ترون النفوس ؛ والإنسان الحقيقي هو النفس لا الجسم .
وقال تعالى في سورة آل عمران {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} ، فقوله تعالى {عِندَ رَبِّهِمْ} يعني في الجنات الأثيرية تحت العرش يرزقون من ثمارها ويشربون من أنهارها ، فلو أنّ الله تعالى قصد يذلك أجسامهم لقال : أحياء في القبر يرزقون .
وقال تعالى في سورة ي س في الرجل الصالح غمالائيل لَمّا مات {قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ . بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ} ، فهل يقال لجسم ميت ادخل الجنّة ؟ كلاّ بل القول لنفسه لا لجسمه لأنّ النفس باقية لا تفنى ، ولمّا دخلت نفسه الجنّة الأثيرية حينئذٍ قال {يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ} .
وقال تعالى في سورة الحج {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} ، فقوله تعالى {لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ} يعني يرزق نفوسهم لأنّ النفوس باقية لا تفنى .
وقال تعالى في سورة النساء {وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} يعني معهم في الجنان يتنعّمون .
وقال تعالى في سورة نوح حاكياً عن قومه {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا} ، فلما كانت أجسامهم غرقى في الماء فأين تكون النار منهم ؟ ولكن المعنى : أغرقت أجسامهم في الماء وأدخلت نفوسهم في النار ، واعلم أنّ دخول الجنّة في عالم البرزخ هو خاص لبعض النفوس ، وكذلك دخول النار .
وقال تعالى في سورة فاطر {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ} فلو كان الإنسان يدخل النار بجسمه المادّي فكيف لا يموت وهي نار جهنّم وإنّ أقلّ نار من نار الدنيا تميت الإنسان ؟ ولكن لَمّا كان العذاب للنفوس جاز أن يقول { لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا} لأنّهم نفوس والنفوس لا تموت ولو في النار .
وقال تعالى في سورة إبراهيم {وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِن وَرَآئِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ} ، وقال تعالى في سورة طه {إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيى} يعني لا يموت فيستريح من العذاب ولا يحيى حياة طيبة .
اما عن سبب دنو الشمس من الأرض اقرأ في كتاب الكون و القرآن -محمد علي حسن الحلي:
كتاب الكون والقرآن- موضوع الشمس.قال الله تعالى في سورة المدثر {سَأُصْلِيهِ سَقَرَ . وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ . لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ . لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ . عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ} ، فسَقَر هي الشمس الجديدة التي تظهر بعد انفجار شمسنا الحاليّة وهي جهنّم التي يتعذّب فيها الكافرون يوم القيامة ، وأمّا قوله تعالى {لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ} أي تتراءى للناس اليوم من بعيد ، والمعنى إنّ الناس يرَونَها كنجمة صغيرة لأنّها بعيدة عنهم