بسم الله الرحمن الرحيم
((إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا۟ وَالَّذِينَ هَادُوا۟ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنۡ آمَنَ بِٱللَّهِ وَالۡيَوۡمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ وَلاَ خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلاَ هُمۡ يَحۡزَنُونَ))
صدق لله العظيم
سورة البقرة رقم الآية 62
التفسير
من كتاب المتشابه من القرآن لمحمد علي حسن الحلي ،(الطبعة اﻷولى – بيروت – لبنان – 1965)
بيّن سبحانه بأنّ من آمن من جميع الأمم وصدّق رسله وسار على سننهم فلم يغيّر شرايع الله وعمل صالحاً فله أجره عند ربّه فقال : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ) بمحمّد ، يعني المسلمين (وَالَّذِينَ هَادُواْ ) يعني اليهود (وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ ) الذين ماتوا قبل مجيء محمّد ( مَنْ آمَنَ ) منهم (بِاللَّهِ) إيماناً خالصاً وصدّق رسله (وَالْيَوْمِ الآخِرِ) يعني صدّق بيوم القيامة (وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ) في الآخرة (وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) من الشياطين في عالم البرزخ (وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) على فراق الدنيا بعد موتِهم .
63 – ثمّ عاد سبحانه إلى خطاب بني إسرائيل فقال (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ ) يعني أخذنا عليكم الميثاق في زمن موسى بأن لا تشركوا بالله شيئاً ولا تجترئوا على المعاصي ، فنقضتم المواثيق ونكثتم العهود وعصيتم أمر ربّكم وعبدتم العجل في زمن موسى والبعل بعد وفاته (وَ ) اذكروا أيضاً إذ أخذنا عليكم الميثاق لَمّا (رَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ ) وهو الجبل الذي كان موسى يناجي فوقه ، وذلك لَمّا نزل بالألواح إليهم في المرّة الثانية قالوا ومن يصدّق أنّها من عند الله ، وكانوا تحت الجبل فاهتزّ الجبل وانشقّ ومالت الشقّة فوقهم وكادت تسقط عليهم فتقتلهم لولا أنّهم صاحوا آمَنّا وصدّقنا ، فاستقرّت الشقّة بِمكانِها ولم تسقط عليهم ، فأخذ موسى العهد عليهم بأن لا يعودوا إلى تكذيبه ، وقال لَهم : (خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم ) من الألواح (بِقُوَّةٍ) يعني بقوّة عزم ويقين ، واعملوا بِما فيها من الأحكام ولا تكونوا شاكّين متردّدِين (وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ ) يعني واتّعظوا بِما في الكتاب أي التوراة ، فالذكر معناه الموعظة (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) عقابه إن اتّعظتم وعملتم بِما في التوراة . ونظير هذه الآية في سورة الأعراف قوله تعالى {وَإِذ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّواْ أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} .
64 – (ثُمَّ تَوَلَّيْتُم) أي رجعتم عن طاعة الله (مِّن بَعْدِ ذَلِكَ) الميثاق (فَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ) بأن بعث فيكم أنبياء وهداة (لَكُنتُم مِّنَ الْخَاسِرِينَ) في الآخرة .