بسم الله الرحمن الرحيم
أن من بين أسوء الأمور و الأشياء هو وجود شخص يقولب لك شخصيتك وعقلك ويختزل كل أفكارك في شخصهُ هو فتكون نسخة مشابهة له في التصرفات والأفكار دون ان تعرف ذلك وبهذا هو حقق مبدأ التبعية الفكرية لهُ في مجتمع أو طائفة أو مجموعة ولذلك ترى مثل هذه الشخصية يدافع حتى الموات عن جميع أراءه و أفكاره ولو كانت تودي بهِ و بمن اتبعه ألى الهلاك ومثل هذه الشخصيات بات منها الكثير يظهر على الساحة ودون الإشارة ألى التسميات او الاتجاهات لآن بالنتيجة كل شخص يعرف نفسهُ [ بَلِ الۡإِنسَانُ عَلَىٰ نَفۡسِهِ بَصِيرَةٌ ] ( القيامة 14 ) وبالتالي فأن كل أنسان حاول منع الناس عن معرفة الحقيقة بأي طريقة او عذر سوى بالإكراه او بالترغيب أو بالتكذيب واستمالت عواطفهم او غرائزهم هو بهذا الفعل كان أشبه بفرعون الذي قال لموسى حين عرض عليه الحق ورسالة السماء وبعد أن رأى أدلة وبراهين موسى التي أيدهُ الله بها [وَلَقَدْأَرَيْنَٰهُ ءَايَٰتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَىٰ ] ( طه 56) فما كان رد فرعون إلا في ظلال وخوف وتخويف للناس [قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَٰمُوسَى ] ( طه 57 ) ولكي يكون تأثير هذه الشخصية كبير ولا يدع مجالاً للتفيكر فأن احد الطرق هو تخويف الناس من الأفكار أو المبادئ التي تعارض أفكارهُ أو منهجه فيبدأ ببث الخوف والرعب في نفوس الناس بأن صاحب هذا الفكر او المشروع غايتهُ السيطرة عليكم و الاستحواذ بما لديكم من خير أو صلاح أو غيرها من الأشياء و أدوات الترويع فلا يدع مجال للتفكير او التدبير وتجد أن لهذه الشخص أصاحب أو أقارب أو مستفيدين كذلك هم من المدافعين عن أفكار صاحبهم لأنها سبب سطوتهم وملكهم أو عزهم بين الناس وهم أشبه بالسَحَرةَ من قوم فرعون [ قَالُوٓا۟ إِنْ هَٰذَٰنِ لَسَٰحِرَٰنِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ ٱلْمُثْلَىٰ ] ( طه 63 ) { لكن سَحَرة فرعون مع شدة تمكنهم وعزهم حين تيقنوا الحق أمنوا} وأن دل هذا أنما يدل على اتباع وتبعية اليوم هي أشد وأقوى من تبعية زمن موسى او أن سَحَرة فرعون اشد ذكاءً وتفكراً من سَحَرة ودجالين هذا الزمان مع العلم أن سَحَرة موسى كان يعتقدون ان فرعون هو الرب وأتباع الشخصيات تعلم انهم يتبعون بشر ليس بنبي يوحى أليه من الله ... ولهذا تلاحظ ان مثل هذه الشخصيات حججهم دائما تكون ضاله واهية ليس لها من دليل او برهان وعند اليأس لا يجد غير طريقة الحرب للفكر المغاير او الجديد حتى وان كان شعوره بهذا الأمر حق لكن بما انه يغير منزلته او يغير نظرة الناس فيه تجده محاربا لهُ ولهذا يقول الله عن فرعون [ وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِىٓ أَقْتُلْ مُوسَىٰ وَلْيَدْعُ رَبَّهُۥٓ إِنِّىٓ أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِى ٱلْأَرْضِ ٱلْفَسَادَ ] (غافر 26 ) ولو ان صاحب كل فكر او اتجاه كانت لديه الثقة أنه على الحق وحجتهُ قوية ودامغة لقدم للناس الدليل والبرهان ودعاء الناس ألى التفكير بأنفسهم وسماع الطرف الأخر بصدق وتجرد وهم بعد ذلك من يقرر أي السبيل يسلكوا لكنه بهذا الفعل يعرف سيخسر كل ما استحوذ عليه من مال وجاه او منصب وهو لا يعلم بالحقيقة اصبح ملك للباطل وقد استحوذ عليه الشيطان من كل جانب ...
وتجد مثل هذه الشخصيات دائماً ما تستعمل طرق ملتويه وأدلة غير ثابته أو بعض الآيات غير المحكمة او المتشابهة وقد قال الله عنهم { فَأَمَّا الَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمۡ زَيۡغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنۡهُ ابۡتِغَآءَ الۡفِتۡنَةِ وَابۡتِغَآءَ تَأۡوِيلِهِ } ( آل عمران 7 ) او تحذر اتباعهم من الخسران كما قال قوم شعيب للذين اتبعوه [وَقَالَ الۡمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُوا۟ مِن قَوۡمِهِ لَئِنِ اتَّبَعۡتُمۡ شُعَيۡباً إِنَّكُمۡ إِذاً لَّخَاسِرُونَ] ( الأعراف 90 ) او تجدهم يسخرون ممن صاحب الدعوة او الفكر المغاير يحاولون ان ينالوا منه ومن اتباعه بشتى الطرق والوسائل مثل قول [مَانَرَاكَ إِلاَّ بَشَرًا مِّثۡلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمۡ أَرَاذِلُنَا بَادِىَ الرَّأۡىِ وَمَا نَرَى لَكُمۡ عَلَيۡنَا مِن فَضۡلٍ بَلۡ نَظُنُّكُمۡ كَاذِبِينَ ] ( هود27 ) ومثل هذا الشخصيات بالحقيقة لان يكون تابعاً لأمر الله أو حكمهُ بل هو تابع لرأيه وهواهُ هو أو لفكر شخص اخر سبقه به والله يقول فيهم ويحذرنا منهم [لَاتُطِعۡ مَنۡ أَغۡفَلۡنَا قَلۡبَهُ عَن ذِكۡرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمۡرُهُفُرُطًا ](الكهف 28 ) ولكن ليعلم كل تابع ذليل لايفكر بعقله ولو لقليل ان من يتبع اليوم سيكون خصمه غداً و يتبرأ منه [إِذۡتَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا۟ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا۟ وَرَأَوُا۟ الۡعَذَابَ وَتَقَطَّعَتۡ بِهِمُ الأَسۡبَابُ ]( البقرة 166 ) وليس هذا فقط بل قال علام الغيوب سبحانه [وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا۟ لَوۡ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنۡهُمۡ كَمَا تَبَرَّؤُوا۟ مِنَّا كَذَٰلِكَ يُرِيهِمُ اللّهُ أَعۡمَالَهُمۡ حَسَرَاتٍ عَلَيۡهِمۡ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ ]( البقرة 167)
وبعد كل ما تقدم هذه دعوة الى كل فراعين العصر والأمة ألى كل من اصبح أبي جهل و أمية ابن خلف حين كانوا يمنعون الناس من الدخول للإسلام ويقولون [ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسۡمَعُوا لِهَذَا الۡقُرۡآنِ وَالۡغَوۡا فِيهِ لَعَلَّكُمۡ تَغۡلِبُونَ ](فصلت 26 ) أقول أتركوا الناس تفكر و بنفسها تقررا وكفاكم كذباً وتهريجاً وترويعاً بأسم الدين والدفاع عن شريعتكم الزائفة ودعوا الناس ألى قراءة كاتب الله والتبصر به والتدبر بآياته وأحكامه التي زيفتموها وسخرتموها تبعاً لا هوائكم القبيحة ولا أقول هنا ألا كما قل رب العزة [وَلاَ تَتَّبِعُوا۟ خُطُوَاتِ الشَّيۡطَانِ إِنَّهُ لَكُمۡ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ]( البقرة 168 ) وكذلك احذر التابعين لأهل الإهواء [وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيۡكُمۡ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنتَ مِيلُوا۟ مَيۡلاً عَظِيمًا ] (النساء 27 )
والحمد لله رب العالمين