قال تعالى: (مّحَمّدٌ رّسُولُ اللّهِ وَالّذِينَ مَعَهُ أَشِدّآءُ عَلَى الْكُفّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكّعاً سُجّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مّنَ اللّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مّنْ أَثَرِ السّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىَ عَلَىَ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزّرّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفّارَ وَعَدَ اللّهُ الّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ مِنْهُم مّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً)[الفتح 29].
قبل أن نخوض فى المثلين يستلفت نظرنا المصطلح الذى عبر عن الدولة الإلهية(مّحَمّدٌ رّسُولُ اللّهِ وَالّذِينَ مَعَهُ) فهذا المصطلح استعمل فى كتب اليهود القديمة. على سبيل المثال, كتاب عزرا الرابع (4:28) (المسيا ... (الذين معه ), بل فى إنجيل متى (31:25) : " وإذا جاء ابن الإنسان فى مجده تواكبه جميع الملائكة" (أى أتباعه الملائكيين), وهو نفس المصطلح المستخدم فى نبوءة
(تثنية33:2):" ومعه عشرات الألوف من الملائكة " , كذلك فى كتاب "الزندافتسا" المقدس عند الزرادشتية (المجوس) نجد دائما كلاما كثيرا عن "النبى المنتظر ورفاقه"..” Soshyos And his Companions”. ـ(1)
تتكلم الآية السابقة عن مثلين للنبى (صلى الله عليه وسلم ) وأصحابه (الدولة الإلهية) يتحدى الله بوجودهما فى كتب السابقين :التوراة والإنجيل.
أما المثل الأول فنجده بالفعل فى كتاب من كتب التوراة (العهد القديم) ألا وهو المزمور (149) فى نبوءة عن أتباع المسيح المنتظر (باتفاق مفسرى الكتاب المقدس) "ليسبحوا اسمه بالرقص ليرنموا له على عزف الدف والعود(2) : الرب يسر بشعبه, يجمل الودعاء بالخلاص ليبتهج الأتقياء بهذا المجد .
يرنمون على أسرتهم (3) . ليهتفوا مسبحين الرب ملئ أفواههم وليتقلدوا بسيف ذى حدين فى أيديهم , لتنفيذ الإنتقام فى الأمم , ومعاقبة الشعوب "(3:149-7) أولئك "المسبحين الرب ملئ أفواههم " وفى نفس الوقت" يتقلدون بسيف ذى حدين "(4) هم "الأشداء على الكفار" وفى نفس الوقت "رحماء(5) بينهم تراهم ركعًا سجدًا " .
أما المثل الثانى فى الآية القرآنية السابقة (وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ) فكنا نرى مثلا قريباً منه في أناجيل متى ومرقص ولوقا, ألا وهو مثل بذرة الخردل,"و قال الرب: ماذا يشبه ملكوت الله (6) ؟ و بماذا أشبهه؟ اٍنه يشبه بذرة خردل أخذها إنسان وألقاها في بستانه, فنبتت وصارت شجرة عظيمة, وآوت طيور السماء في أغصانها" (لوقا 13:18,19).
أما الآن و بعد اكتشاف مخطوطات نجع حمادي عـام 1945م (مخطوطات نجع حمادى دفنت فى القرن الرابع الميلادى وتتبع طائفة الغنوص المسيحية المنقرضة )(7).
فقد وجدنا في إحدى تلك المخطوطات تشبيهاً يكاد يتطابق مع المثل القرأني. تلك المخطوطة هي "رسالة جيمس السرية" The Apocryphon Of James” ـ (8) (حيث يشبه المؤلف مملكة السماء-و هي دولة المسيح المنتظر, يشبهها بنخلة خرج منها برعم (شطأ-فراخ)ثم تدلي من هذا البرعم ثمار حوله, وأخرجت هذه الثمار ورقاً.و حين شبت استغلظت هذه الثمار تسببت في جفاف منبعها. و أصبحت هذه الثمار (الخارجة من البرعم) مع تلك الخارجة من الشجرة الأصلية.
“Do not allow the kingdom of heaven to wither; for it is like a palm shoot whose fruit has dropped down around it . they (I.E, the fallen fruits) put forth leaves, and after they had sprouted , they caused their womb to dry up. So it is also with the fruit which had grown from this single root.
يختلف هذا التشبيه عن مثل حبة الخردل في أنه بدأ بالزرع (الشجرة) كما بدأ المثل القرأني و لم يبدأ ببذرة. كما أنه يذكر الشطأ (البرعم) و قد ذكر الكتاب (رسالة جيمس السرية) أمثلة أخرى لملكوت السماء عدا مثل "برعم الشجرة", وعد منها مثل الحبة أى أن الكتاب فرق تماماً بين المثلين.
بقلم الأستاذ هشام طلبة
الباحث في الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة
ملاحظه الموظوع منقول