إنّ المخلوقات الروحانية على أقسام ، منها الملائكة ومنها الجنّ والشياطين ومها النفوس البشرية وغير ذلك ، وكلّ قسمٍ منها يسمّى "أمر" . قال الله تعالى في سورة شورى {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ ...الخ} ومعناه : وكذلك أرسلنا إليك جبريل الذي هو من مخلوقاتنا الروحانية . وقال تعالى في سورة المؤمن {رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ} ومعناه : ينزّل جبريل الذي هو من المخلوقات الروحانية على من يختارهم من عباده للنبوّة ، لينذر النبيّ الناس يوم التلاق ، وهو اليوم الذي يتلاقى فيه الأوّلون مع الآخِرين . وقال تعالى في سورة السجدة {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاء إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ} ومعناه : ينزّل المخلوقات الروحانية من السماء إلى الأرض ثمّ تصعد إليه في يومٍ كان مقداره ألف سنة . وقال تعالى في سورة الرعد {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ ...الخ} ومعناه : جعل الله للنبيّ معقّبات من بين يديه ومن خلفه "وهم الملائكة" يحفظونه من المخلوقات الروحانية الشرّيرة . وقال تعالى في سورة القدر{تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ} يعني من كلّ قسم من المخلوقات الروحانية التي عندنا في السماء تنزل في ليلة القدر . وقال تعالى في سورة أسرى {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} ومعناه : ويسألونك يا محمّد عن جبريل قل هو من مخلوقات ربّي الروحانية . فالمخلوقات الروحانية كلّ قسمٍ منها يسمّى "أمر" ومجموعها يسمّى "أمور" ؛ قال الله تعالى في سورة آل عمران {وَلِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ}، وقال أيضاً في نفس السورة {وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} ومعناه : إنّ الصبر والغفران سيرة حسنة لأنّها من سيرة الملائكة .المخلوقات الروحانية
من كتاب الانسان بعد الموت لمفسر القران محمد علي حسن الحلي الطبعة الثانية مطبعة المعارف- بغداد 1964