بسم الله الرحمن الرحيم
الكثير ممن ينتمون للاسلام اصبحوا يجتزئون الآيات الكريمة من هنا وهناك ليحوروا المعنى بحسب ما يناسبهم للاعتداء على الابرياء وغالبا ما يستخدموا اية واحدة دون الاحاطة بجميع الايات التي انزلها الله كما هو دائما لاستدلال بالاية الكريمة ((وَاقۡتُلُوهُمۡ حَيۡثُ ثَقِفۡتُمُوهُمۡ وَأَخۡرِجُوهُم مِّنۡ حَيۡثُ أَخۡرَجُوكُمۡ وَالۡفِتۡنَةُ أَشَدُّ مِنَ الۡقَتۡلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمۡ عِندَ الۡمَسۡجِدِ الۡحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمۡ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمۡ فَاقۡتُلُوهُمۡ كَذَٰلِكَ جَزَآءُ الۡكَافِرِينَ)) وكما جاء في مقولة اعجبتني ((من أراد أن يجد جميع الأحكام في آية واحدة فهو عديم عقل)) فمن يبحث في كتاب الله سبحانه وتعالى سيجد ان القران الكريم لم يحرض على قتل من لم يقاتل المسلمين ولم يتعرض لقتالهم ولكن القتال على الظالمين الذين يفتنون الناس ويصدّونهم عن الإيمان .

التفسير من كتاب المتشابه من القران هنا لمحمد علي حسن الحلي ،(الطبعة اﻷولى – بيروت – لبنان – 1965)

190 – سافر فريق من المسلمين لمحاربة المشركين من أهل مكّة فصادفوا بطريقهم نفراً من المشركين ولكنّهم ليسوا من أهل مكّة ومعهم أموال فقتلوهم وأخذوا أموالَهم ، فنزلت هذه الآية (وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ) أي لوجه الله ولأجل الدين ولا تقاتلوا لأجل المال (الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ ) يعني قاتلوا الذين يقاتلونكم من المشركين ولا تقاتلوا غيرهم إنْ لم يتعرّضوا لقتالكم (وَلاَ تَعْتَدُواْ ) على أحد إنْ لم يعتدوا عليكم (إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ ) على الناس 1
-----------------------------------------------
1 [لو نُفّذت أحكام الإسلام كاملة فإنّها خير ضمانة لغير المسلمين ، لأنّه غير اعتدائي ، وقد نظر إلى غير المسلمين مراعياً حقوقهم وواجباتهم ، أمّا الطعون التي تُوجّه إليه فمصدرها الاستعمار – المراجع ]

(وَاقۡتُلُوهُمۡ حَيۡثُ ثَقِفۡتُمُوهُمۡ وَأَخۡرِجُوهُم مِّنۡ حَيۡثُ أَخۡرَجُوكُمۡ وَالۡفِتۡنَةُ أَشَدُّ مِنَ الۡقَتۡلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمۡ عِندَ الۡمَسۡجِدِ الۡحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمۡ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمۡ فَاقۡتُلُوهُمۡ كَذَٰلِكَ جَزَآءُ الۡكَافِرِينَ)

التفسير – (وَاقْتُلُوهُمْ ) أي المشركين (حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ ) أي حيث ظفرتم بهم وأدركتموهم 1 ، والخطاب موجّه للمسلمين (وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ ) أي كما أخرجوكم من مكّة (وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ) يريد بالفتنة إغواءَهم للناس وصدّهم عن الإيمان ، لأنّ أهل مكّة كانوا يغوون الناس بقولهم أنّ محمّداً ساحرٌ فلا تصدّقوه ، والقتل يريد به في الأشهر الحرم فعابوهم فنزلت هذه الآية ، والمعنى إنّ إغواء أهل مكّة للناس وصدّهم إيّاهم عن الإيمان أشدّ عند الله من القتل في الأشهر الحرم (وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ ) والخطاب للمسلمين (فَإِن قَاتَلُوكُمْ ) أي بدؤوكم بالقتال (فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ ) أي جزاؤهم القتل والإخراج من الديار .
-----------------------------------------------
1 [لأنّهم هم الذين بدؤوكم القتال ، وإلاّ فالإسلام لم يقم على السوط ولا على السيف ولا على النار كما قال المسيح – المراجع ]

((فَإِنِ انتَهَوۡا۟ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ))
التفسير – (فَإِنِ انتَهَوْاْ ) عن غيّهم وأسلموا (فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ ) لِمن تاب (رَّحِيمٌ ) بِمن أسلم .

((وَقَاتِلُوهُمۡ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتۡنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَوا۟ فَلاَ عُدۡوَانَ إِلاَّ عَلَىٰ الظَّالِمِينَ))
التفسير – (وَقَاتِلُوهُمْ ) أي المشركين (حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ ) أي حتّى لا يغووا أحداً ولا يصدّوا الناس عن الإيمان (وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ ) الدين هو الطاعة والانقياد ، والمعنى حتّى ينقادوا لأمر الله (فَإِنِ انتَهَواْ ) عن إغوائهم وصدّهم الناس عن الإيمان (فَلاَ عُدْوَانَ) أي فلا عقوبة (إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ ) يعني فلا عقوبة على من ترك الفتنة وأسلم ولكنّ العقوبة على الظالمين الذين يفتنون الناس ويصدّونهم عن الإيمان .