كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
100 - (وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ ) بإرادتك (إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ ) يعني إنّ الله يأذن لملائكتهِ أن يُشوّقوهُ إلى الإيمان ويُرغّبوهُ بالإيحاء إليهِ فيؤمن ويستسلم (وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ ) أي المرض النفسي (عَلَى الّذينَ لاَ يَعْقِلُونَ ) أي الّذينَ لا يستعملون عقولهم بل يتمسّكون بتقاليد آبائهم .
101 - لَمّا طلبت قريش المعجزة من النبيّ ليسلموا نزلت هذه الآية (قُلِ) لهم يا محمّد (انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ) من آيات وفكّروا في صُنعها وإتقانِها وقولوا في أنفسكم مَن خلَقَها وأتقنَ صُنعَها فهل أصنامكم أم الله خلقها ؟ فذلك أحسن معجزة وأكبر دليل على قدرة الله ووحدانيّتهِ ، "فالسماوات والأرض" يريد بِها الكواكب السيّارة والأرض من جُملتها (وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ ) عنكم من شيء إذا جاء العذاب ، يعني إذا جاء العذاب حين تكذّبون بالمعجزة التي اقترحتم على رسولنا بِها لن تدفع العذاب عنكم ولم تؤمنوا أنتم حين رؤيتها إذاً فما الفائدة من اقتراحكم هذا؟ (وَالنُّذُرُ) أيضاً لا يقدرون على دفع العذاب عنكم ، يعني أنبياؤكم أيضاً لا يشفعون لكم إذا جاءكم العذاب ولا يقدرون على دفعه فيتركوكم ويذهبوا (عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ ) بالله ولا برسوله .
102 - (فَهَلْ يَنتَظِرُونَ إِلاَّ ) أن نُهلكهم بالأعاصير كما أهلكنا قوم هود فدامَ العذاب عليهم سبع ليالٍ وثمانية أيّام ، وذلك قوله تعالى (مِثْلَ أَيَّامِ الّذينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِهِمْ ) يعني مثل أيّام الرياح العواصف الّتي دمّرت قوم هود (قُلْ فَانتَظِرُواْ ) العذاب والهلاك (إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ ) هلاككم .
103 - (ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالّذينَ آمَنُواْ ) معهم ، يعني إذا نزل العذاب بالأمّةِ المكذّبة ننجي الرُسُل والمؤمنين معهم ونهلك المكذّبين لهم (كَذَلِكَ) أمّتك يا محمّد (حَقًّا عَلَيْنَا نُنجِ الْمُؤْمِنِينَ ) منهم إذا نزل العذاب بهم .
104 - قالت قُريش إنّ الموت بيد الملائكة فمن لم يعبد الملائكة تُميتهُ ، فنزلت هذه الآية ردّاً عليهم (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي شَكٍّ مِّن دِينِي ) وترفضون قولي في نبذ الأصنام وترك عبادة الملائكة وتقولون إنّها تنتقم منّا إن تركنا عبادتها فتميتنا ، فلنعمل تجربة تزيل الشكّ عنكم وهيَ (فَلاَ أَعْبُدُ ) الملائكة (الّذينَ تَعْبُدُونَ ) أنتم (مِن دُونِ اللّهِ ) فإن كانت لا توافق بذلك فلتنتقم منّي وتُميتني بوقتٍ مُعيّن تجعلونهُ أنتم وأجل محدود فإن لم أمُت في ذلك الوقت المحدود تعلمون حينئذٍ أنّها توافق على ترك عبادتها ولا ترضى بعبادة من يعبدها بل تبرأ منهُ ، وبهذه التجربة يجب أن يزول الشكّ عنكم وتؤمنوا بما أقول لكم (وَلَـكِنْ أَعْبُدُ اللّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ ) يعني إنّ الملائكة الّتي تقبض الأرواح ليس ذلك باختيارها بل بأمرٍ من الله (وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) بأنّ الموت والحياة بيد الله لا بيد الملائكة .
105 - ثم خصّ النبيّ بالخطاب فقال تعالى (وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ ) يعني قم بواجبك نحو الدِين من إرشاد الناس إلى طريق الحقّ ونهيهم عن عبادة الأوثان وتعليمهم شريعة الإسلام (حَنِيفًا) أي موحِّداً (وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) في أعمالك لغير الله .
106 - (وَلاَ تَدْعُ ) أي لا تسأل أحداً (مِن دُونِ اللّهِ ) حاجتك (مَا لاَ يَنفَعُكَ ) إن أراد اللهُ بك ضرّاً (وَلاَ يَضُرُّكَ ) إن أراد اللهُ لك نفعاً ، والمعنى : لا تسأل أحداً شيئاً ، لجلب نفعٍ ولا لدفع ضرٍّ لأنّ النفع والضرّ كلّهُ بيد الله ، فإن أردتَ شيئاً من ذلك فاسأل الله وهو يُعطيك ما تُريد (فَإِن فَعَلْتَ ) ذلك وسألت حاجتك من المخلوقين الّذينَ تجعلهم واسطة بينك وبين الله (فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ ) لنفسك أيّها الإنسان لأنّك لا تحقّق أملك فيما طلبتَ .
107 - (وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ ) يعني فلا يقدر أحد أن يردّ الخير عنك ويمنعهُ منك (يُصَيبُ بِهِ ) أي بالخير (مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ ) يعني يُعطي الخير لمن هو أهلهُ ، والخير يُريد بهِ النبوّة ، يعني يُعطي الخير لمن كان سليم القلب كريم النفس صادق القول رحيماً بالفقراء عطوفاً على الضعفاء والمساكين (وَهُوَ الْغَفُورُ ) لمن يعطف على الضعفاء (الرَّحِيمُ) بمن يرحم المساكين .
108 - (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُمُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ) ويُريد بالحقّ القرآن (فَمَنِ اهْتَدَى ) بهِ إلى طريق الحقّ (فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ) يعني فإنّ نفعهُ يعود عليه (وَمَن ضَلَّ ) عنهُ (فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ) أي على نفسهِ لأنّهُ يجني عليها (وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ ) يعني وما أنا عليكم بحفيظ إذا وقع العذاب فلا أقدر أن أدفعهُ عنكم .
109 - (وَاتَّبِعْ) يا محمّد (مَا يُوحَى إِلَيْكَ ) من ربّك ولا تتماهل (وَاصْبِرْ) على أذى قومك وتكذيبهم لك (حَتَّىَ يَحْكُمَ اللّهُ ) بينك وبينهم بإظهار دينهِ وإعلاء كلمتهِ (وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ )
تمّ بعون الله تفسير سورة يونس ، والْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِين
كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |