كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
39 - (بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ ) من كلام الله ، أي كذّبوا بالآيات المتشابهة التي لم يفهموها ولم يُحيطوا عِلماً بمعناها (وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ ) في زمن المهدي أيضاً يُكذّبون ، يعني : ولَمّا يأتهم تأويل الآيات المتشابهة من القرآن أيضاً يكذّبون . وهذا تقدير محذوف ، والشاهد على ذلك قوله تعالى (كَذَلِكَ كَذَّبَ الّذينَ مِن قَبْلِهِمْ ) أي أسلافهم أيضاً كذّبوا رُسُلهم (فَانظُرْ) يا محمّد (كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ ) أليس الهلاك والدمار ؟
40 - (وَمِنهُم مَّن يُؤْمِنُ بِهِ ) أي بالقرآن لأنّه يتّبع المحكم منهُ ويترك المتشابه (وَمِنْهُم مَّن لاَّ يُؤْمِنُ بِهِ ) لأنّه مُفسد يتّبع المتشابه من القرآن ليفتن الناس ويصدّهم عن الإيمان بهِ (وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ ) فيعاقبهم على فسادهم في الآخرة .
41 - (وَإِن كَذَّبُوكَ ) يا محمّد فيما تدعوهم إليهِ (فَقُل لِّي عَمَلِي ) أي لي جزاء عملي (وَلَكُمْ) جزاء (عَمَلُكُمْ أَنتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ ) ، والمعنى : أنتم لا تؤاخَذون بذنبي إن كنتُ مُذنباً كما تزعمون وأنا لا اُؤاخذُ بذنبكم فكلّ واحد يؤاخذ بذنبهِ . ومِثلها في سورة سبأ قوله تعالى {قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي } .
42 - (وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ ) ولكن بآذانٍ صمّاء (أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُواْ لاَ يَعْقِلُونَ ) كلاّ لا تقدر أن تُسمعهم .
43 - (وَمِنهُم مَّن يَنظُرُ إِلَيْكَ ) ولكن بأعينٍ عمياء (أَفَأَنتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُواْ لاَ يُبْصِرُونَ ) فلا تقدر أن تهدي إلاّ من أحبّهُ الله ولا تُسمعُ إلاّ من هداهُ الله .
44 - (إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَـكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) .
45 - (وَيَوْمَ) مماتهم (يَحْشُرُهُمْ) أي يجمعهم في عالم البرزخ وهم نفوس أثيريّة (كَأَن لَّمْ يَلْبَثُواْ ) في الدنيا (إِلاَّ سَاعَةً مِّنَ النَّهَارِ ) لأنّ الماضي كأن لم يكن فيحسبهُ الإنسان كالرؤيا مهما طال الزمن ، وفي ذلك قال الشاعر :
قُضِيَتْ سُنُونٌ بِالوِصالِ وبِالهَنا فكأنَّها مِنْ قُصْرِها أيّامُ
ثُمّ انْقَضَتْ أيّامُ هَجْرٍ بَعْدَهَا فَكَأَنَّها مِنْ طُوْلِهَا أَعْوَامُ
ثُمّ انْقَضَتْ تِلْكَ السُّنُونُ وأهْلُهَا فكأنَّها وكأنَّهم أحْلامُ
(يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ ) وهذا في عالم النفوس يعني بعد الموت تتعارف الأرواح فيما بينها ، وقد رُوِيَ عن النبيّ (ع) أنّهُ قال : "النفوس جُندٌ مُجنّدة ما تعارفَ منها ائتلف وما تناكرَ منها اختلف" ، (قَدْ خَسِرَ الّذينَ كَذَّبُواْ بِلِقَاء اللّهِ ) يعني الّذينَ كذّبوا بالآخرة والحساب والعقاب ، لأنّهم لم يستعدّوا لها ولم يتزوّدوا من الزاد والمتاع لأجلها (وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ ) إلى طريق الحقّ .
46 - (وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ ) يا محمّد (بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ ) من العذاب في الدنيا (أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ ) فنريك تعذيبهم في الآخرة (فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ) بعد موتهم ولا يفوتوننا إن كانوا في الدنيا أو في الآخرة (ثُمَّ اللّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ ) بعد وفاتك فلا يَخفَى عليهِ شيء من أفعالهم .
47 - (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ ) ضالّة (رَّسُولٌ فَإِذَا جَاء رَسُولُهُمْ ) وبلّغ الرسالة (قُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ ) فننجي المؤمنين ونُهلك الكافرين (وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ) . ومِمّا يؤيّد هذا قوله تعالى في سورة القصص {وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا } .
48 - (وَيَقُولُونَ) أي المشركون (مَتَى هَـذَا الْوَعْدُ ) الّذي تعدوننا بهِ من نزول العذاب علينا ، وهذا القول استهزاءً منهم بالعذاب (إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) في قولكم ؟
49 - (قُل) لهم يا محمّد (لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلاَ نَفْعًا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ ) يعني إلاّ ما شاء الله أن يُملِّكني ذلك ، (لِكُلِّ أُمَّةٍ ) مُكذّبة (أَجَلٌ) بالعذاب ، يعني لها يوم مُعيّن لوقوع العذاب (إِذَا جَاء أَجَلُهُمْ ) أي الوقت الْمُحدّد لهم (فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ) عن وقتهم (وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ ) .
50 - (قُلْ أَرَأَيْتُمْ ) يعني أَبْدُوا لي رأيكم ماذا يكون مصيركم (إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا ) يعني ليلاً (أَوْ نَهَارًا مَّاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ ) يعني : ما الفائدة من استعجالهم بالعذاب وماذا يكون مصيرهم غير الدمار والهلاك كما هلكَ من كان قبلهم ؟
51 - (أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ ) العذاب (آمَنْتُم بِهِ ) يعني ثمّ إذا وقع العذاب عليكم حينئذٍ تؤمنون بهِ ؟ أي تؤمنون بالقرآن وبمن نزل عليه القرآن حين لا يُقبَل إيمانكم ولا يفيد تضرّعكم ، بل يُقال لكم (آلآنَ) آمَنتم (وَقَدْ كُنتُم بِهِ ) أي بالعذاب (تَسْتَعْجِلُونَ) أي تطلبونهُ مُستعجلين ؟ والألف من قوله (أَثُمَّ) سؤال استفهام .
52 - (ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ) من هؤلاء بعد موتهم وانتقالهم إلى عالم النفوس (ذُوقُواْ عَذَابَ الْخُلْدِ ) أي الدائم (هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ ) من آثام .
53 - (وَيَسْتَنبِئُونَكَ) يا محمّد ، أي يسألونك عن البعث والحساب والعقاب (أَحَقٌّ هُوَ ) يعني أواقعٌ هو؟ (قُلْ إِي وَرَبِّي ) واقعٌ لا مَحالة (إِنَّهُ لَحَقٌّ ) يعني إنّهُ قولٌ صِدقٌ لا خلاف فيهِ (وَمَا أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ ) يعني وما أنتم بمعجزينا في الدنيا ولا بفائتينا في الآخرة بل أنتم في قبضتنا وتحت حُكمنا . فلمّا سمع المشركون هذه الآية قال بعضهم إن صحّ ما قالهُ محمّد من البعث والحساب فإنّنا نفتدي بالمال ولا نُعذّب ، فنزل قوله تعالى :
------------------------------------كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |