كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل

بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى)

توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت)

الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة

فهرس الآيات , البحث في القرآن الكريم

تفسير سورة هود من الآية( 111) من كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل   بقلم محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) : 

111 - (وَإِنَّ كُـلاًّ) من اليهود والمشركين (لَّمَّا) ينتقلون إلى العالم الأثيري (لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ ) يعني يعاقبهم ربّك على أعمالهم عقاباً وافياً ، واللّام من قوله (لَيُوَفِّيَنَّهُمْ) لام القسَم (إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ) فلا تَخفَى عليه خافية من أعمالهم وأسرارهم .

112 - (فَاسْتَقِمْ) يا محمّد على التبليغ والإنذار (كَمَا أُمِرْتَ ) في القرآن (وَمَن تَابَ ) من قومك من الشرك وأسلم فليستقِمْ (مَعَكَ) على نهجك (وَلاَ تَطْغَوْاْ ) أي لا تتجاوزوا حدود الله فيما أمركم به ونهاكم عنه (إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) فيجازيكم على أعمالكم .

113 - ثمّ نَهى اللهُ سُبحانهُ عن المداهَنة في الدِين والميل إلى الظالمين فقال (وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الّذينَ ظَلَمُواْ ) أي لا تميلوا إلى الظالمين بالعطف عليهم ولا تُصدّقوهم فيما يقولون ولا تُناصروهم على ظُلمهم ، وتشمل كلمة "الّذينَ ظلَموا" المشركين من العرب لأنّهم ظلَموا النبيّ فغدروا حقّهُ وحاربوهُ (فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ ) في الآخرة عِقاباً لكم على مُناصَرَتهم (وَمَا لَكُم ) حينئذٍ (مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ) يدفعون عنكم عذاب الله (ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ ) على أعدائكم إن ركنتم إليهم بشيء من اُمور الدين

114 - (وَأَقِمِ الصَّلاَةَ ) لأصحابك يا محمّد ، أي صلِّ بِهم جماعة (طَرَفَيِ النَّهَارِ ) أي وقتين من أطراف النهار ، قبل طلوع الشمس وهي صلاة الصُبح ، وقبل الغروب وهي صلاة العصر (وَزُلَفًا مِّنَ اللّيل ) أي قريباً من اللّيل وهي صلاة المغرب (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ) يعني إذا صلّى الإنسان دفع الله عنهُ بليّة وإذا تصدّق على فقير دفع الله عنه مكروهاً وإذا أطعم جائعاً أنجاه الله من شرّ متوقّع ، (ذَلِكَ) القيام بالصلاة (ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ) أي ذِكرى لمن يذكر الله ويعبدهُ . أمّا صلاة الظهر والعشاء فقد ذُكِرَتا في سورة الإسراء وهي قوله تعالى {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللّيل } ، فدلوك الشمس زوالها وهي صلاة الظهر ، أمّا غسق اللّيل فهو ظلامهُ وهي صلاة العشاء . ويُباح لمن كان مشغولاً في وظيفة أو في معمل ولا يمكنهُ أن يُصلّي صلاة الظهر بوقتها أن يُصلّيها مع صلاة العصر ، أي قبلها بدقائق .

115 - (وَاصْبِرْ) يا محمّد على الصلاة مع المؤمنين من قومك وأحسِن إليهم (فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ) .

116 - (فَلَوْلاَ كَانَ ) يعني فلو كان ، وكلمة "لا" للنفي أي ما كان (مِنَ الْقُرُونِ ) الّتي أهلكناها (مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ ) من الوِجدان والصَلاح (يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ ) لَمَا أهلكناهم ، والمعنى : لو كان في القرون الماضية أولو بقيّةٍ من وجدان ينهَون عن الفساد لَما أهلكناهم بالعذاب (إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ ) كانوا ينهَون عن الفساد ، يعني إلاّ المؤمنين الّذينَ أنجيناهم كانوا ينهَونَ عن الفساد وهم قليلون (وَاتَّبَعَ الّذينَ ظَلَمُواْ مَا أُتْرِفُواْ فِيهِ ) يعني اتّبعوا الشهوات ولذلك كانوا لا ينهَون عن الفساد لأنّهم أهل الفساد (وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ ) علاوةً على فسادهم .

117 - (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ ) أي بلا ذنبٍ منهم (وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ) .

118 - (وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ) مسلمين موحّدين ولكن اختلفوا عن الحقّ وظلمَ بعضهم بعضاً فخلّى بينهم وبين باطلهم بسبب ظُلمهم (وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ) عن الحقّ إلى الآن .

119 - (إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ ) منهم فهداهُ إلى طريق الحقّ بسبب عطفهِ على الفقراء والمساكين و[بسبب أنّه] يرحم الضُعفاء ويُساعدهم فلذلك هداهُ الله (وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ) أي للتراحم خلقهم فيجب أن يرحم بعضهم بعضاً ويُشفق بعضهم على بعض (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ ) والكلمة هي قوله تعالى مخاطباً إبليس (لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ) والمعنى : لقد امتلأت جهنّم من الجنّ والكافرين من الناس كما وعدتُ إبليس بذلك .

120 - ( وَكُـلاًّ) من الأنباء والقِصص (نَّقُصُّ عَلَيْكَ ) يا محمّد (مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ) لكي تتحمّل أذى قومك وتصبر كما صبر أولو العزمِ من الرُسُل (وَجَاءكَ) الوحيُ من الله (فِي هَـذِهِ ) البلدة ، أي في مكّة ، وهو (الْحَقُّ) وليس باطلاً كما يزعم المشركون (وَمَوْعِظَةٌ) لمن يتّعِظ بهِ (وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ) لأنّ الذكرى تنفعهم ويزداد بذلك إيمانهم .

121 - (وَقُل لِّلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ ) أي على تمكينكم منّا وما تهيّئون من السلاح للحرب ضِدّنا (إِنَّا عَامِلُونَ ) ضدّكم .

122 - (وَانتَظِرُوا) الهزيمة والخُسران الّذي يُصيبكم (إِنَّا مُنتَظِرُونَ ) النصر من الله عليكم .

123 - (وَلِلّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ) أي الكواكب السيّارة ومن جُملتها الأرض ، يعني له عِلمُ ما غابَ فيهما لا يَخفَى عليه شيء منهما (وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ ) قلتُ فيما سبق أنّ كلمة "أمر" كناية المخلوقات الروحانيّة ، فكلّ قِسمٍ منها يُسمّى "أمر" ، والمعنى : إليه ترجع أرواح الجنّ والإنس فيحكم فيها بالعدل ويُجازيها على أعمالها (فَاعْبُدْهُ) يا محمّد (وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ) في نشر الدعوة وتبليغ الرسالة (وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) أيّها المشركون .


                                        تمّ بعون الله تفسير سورة هود ، والْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِين

------------------------------------
<<الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة السورة التالية>>



كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم