كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
59 - (وَتِلْكَ) قِصّة (عَادٌ جَحَدُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ ) أي أنكروا مُعجزات هود الدالّة على صِدقهِ وصِحّة نبوّتهِ (وَعَصَوْاْ رُسُلَهُ ) وإنّما جمعَ الرُسُل وهو واحد لأنّ هوداً لَمّا وعدهم بالعذاب خرج من بينهم هو ومن تبعهُ من المؤمنين ، ثمّ أرسل من أصحابهِ جماعة يُنذرونهم بقرب الوقت لنزول العذاب ربّما يتوبون ويتركون عبادة الأصنام فعصَوهم ولم يسمعوا لقولهم حتّى نزل العذاب بهم (وَاتَّبَعُواْ أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ) من رؤسائهم ، و"الجبّار" معناهُ الظالم والمتكبّر ، ومن ذلك قول عنترة يصف الخيل في الحرب :
عليها كلُّ جبّارٍ عنيدٍ إلَى شُرْبِ الدِّماءِ تَراهُ ظامِي
60 - (وَأُتْبِعُواْ فِي هَـذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً ) في التوراة وفي القرآن (وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ ) تلعنهم الملائكة ويلعنهم مُقلّدوهم (أَلا إِنَّ عَادًا كَفَرُواْ رَبَّهُمْ ) أي جحدوا ربّهم وأنكروه ، يعني قالوا ليس في السماء إلاهٌ وإنّما الآلهة في الأرض الّذينَ نعبدهم (أَلاَ بُعْدًا لِّعَادٍ ) أي أبعدهم الله من رحمتهِ ، وهم (قَوْمِ هُودٍ ) .
61 - ثمّ ذكر سُبحانهُ حادثة اُخرى فقال (وَإِلَى ثَمُودَ169) أرسلنا (أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ ) وحدهُ ولا تشركوا بهِ شيئاً (مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ ) أي خلقكم منها ، لأنّ جسم الإنسان مكوّن من عناصر أرضيّة كالكالسيوم والصوديوم والبوتاسيوم والكبريت والفسفور والحديد وغير ذلك ، وتدخل هذه العناصر في جسم الإنسان بواسطة الأغذية (وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا ) يعني ومكّنكم من عمارتها بالبناء والسُكنى والحرث والزرع وغير ذلك (فَاسْتَغْفِرُوهُ) عن ما مضَى من آثامكم (ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ ) فلا تعودوا إلى مثل ذلك في المستقبل (إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ ) من السائلين (مُّجِيبٌ) للداعين الموحِّدين المضطرّين . وقد سبق تفسير مثل هذه الآية في سورة الأعراف أية 73 .
62 - (قَالُواْ يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَـذَا ) أي كناّ نرجو الخير منك لِما كنتَ عليهِ من الخِصال الحميدة قبل هذا القول فالآن يئسْنا منك ومن خيرك (أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ ) أي موجِب للرِيبة والتُهمة .
63 - (قَالَ) صالح (يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ ) أي أبدوا لي رأيكم ماذا يكون مصيركم (إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةً مِّن رَّبِّي ) يعني على بيان دائم ووحيٍ مُتّصل من ربّي وكذّبتموني فماذا يكون مصيركم بعد التكذيب (وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً ) هيَ الرسالة (فَمَن يَنصُرُنِي مِنَ اللّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ ) واتّبعتُ آراءكم وسمعتُ لقولكم (فَمَا تَزِيدُونَنِي ) بذلك (غَيْرَ تَخْسِيرٍ ) أي خسارة على خسارة .
64 - (وَيَا قَوْمِ هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ ) أي الّتي طلبتموها من الله فخلقَها (لَكُمْ آيَةً ) أي دلالة على صِدقي ومعجزةً لكم (فَذَرُوهَا) أي اُتركوها (تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ ) من العُشب والنبات (وَلاَ تَمَسُّوهَا ) أي ولا تُصيبوها (بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ ) إن فعلتم (عَذَابٌ قَرِيبٌ ) أي عاجِل فيهلككم .
65 - (فَعَقَرُوهَا) أي ذبحوها وتقاسموا لحمها بينهم (فَقَالَ) صالح (تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ) ثمّ ينزل بكم العذاب (ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ ) عليكم .
66 - (فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا ) بالعذاب (نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالّذينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا ) يعني بوحينا وإرشاداتنا (وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ ) يعني ونجّيناهم من الخزي الّذي أصاب المشركين بعد موتهم بين النفوس (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ ) لا يغلبه أحد (الْعَزِيزُ) في مُلكه لا يمتنع عليه شيء . فأهلكهم الله بالزلزال .
67 - (وَأَخَذَ الّذينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ ) يعني أخذوا يتصايحون ويصرخون حين تهدّمت منازلهم فوقهم ، والشاهد على ذلك قوله تعالى في سورة ي س {وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنقَذُونَ } ، لأنّ الغريق لا يمكنهُ أن يصرخ ويستنجد لأنّ فمهُ مليء بالماء . (فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ ) تحت الأنقاض ، أي خامدين موتَى لا حراكَ بهم .
68 - (كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا) يعني كأن لم يعيشوا فيها مُستغنين بالمال والأولاد (أَلاَ إِنَّ ثَمُودَ كَفرُواْ رَبَّهُمْ ) أي أنكروا ربّهم وجحدوهُ (أَلاَ بُعْدًا لِّثَمُودَ ) من رحمة الله .
69 - ثمّ ذكرَ سُبحانهُ قِصّة إبراهيم ولوط فقال (وَلَقَدْ جَاءتْ رُسُلُنَا ) يعني الملائكة ، وعددهم ثلاثة وكانوا على صورة الغلمان أتوا (إِبْرَاهِيمَ بِالْبُـشْرَى ) بشّروهُ بأن سيكون لهُ ولد (قَالُواْ سَلاَمًا ) عليك يا إبراهيم (قَالَ سَلاَمٌ ) عليكم ، فأجلسهم في الخيمة ودخل بيته (فَمَا لَبِثَ أَن جَاء بِعِجْلٍ حَنِيذٍ ) يعني مشوي بالحجارة وهي طريقة كانوا يستعملونها كالفُرن الّذي نستعملهُ اليوم ، ومن ذلك قول علقمة :
فَظَلَّ الأَكُفُّ يَخْتَلِفْنَ بِحانِذٍ إلَى جُؤْجُؤٍ مِثْلِ الْمَدَاكِ الْمُخَضَّبِ
وقال الآخر :
لهم راحٌ وفارُ الْمِسْكِ فِيهَا وشاوِيْهِمْ إذا شاووا حَنِيذَا
والمعنى : جاءهم بالطعام وكان عِجلاً مشويّاً وخبزاً وزبداً ولبناً فقدّمهُ إليهم وقال كُلُوا .
70 - (فَلَمَّا رَأَى ) إبراهيم (أَيْدِيَهُمْ) أي أيدي الملائكة (لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ ) يعني لا تمتدّ إلى الطعام ولا يأكلون منهُ (نَكِرَهُمْ) أي أنكرهم (وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً ) أي اعتراهُ بعض الخوف منهم لكونهم لم يأكلوا من طعامهِ (قَالُواْ لاَ تَخَفْ ) يا إبراهيم (إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ ) لإهلاكهم .
------------------------------------169 :ثمود شعبٌ عربيّ قديم بادَ أثرهُ قبل الإسلام وقد ثبتَ وجودهُ تاريخيّاً في كتابة سرجون (715 ق م ) وفي مؤلّفات جغرافيّي اليونان والرومان وفي الشعر الجاهلي . ذكرهُ صاحب المنجد في صفحة 120 .كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |