كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل

بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى)

توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت)

الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة

فهرس الآيات , البحث في القرآن الكريم

تفسير سورة هود من الآية( 89) من كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل   بقلم محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) : 

89 - (وَيَا قَوْمِ لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي ) "الشِقاق" هو المخالفة والمعاداة ، والمعنى : لا تُخالفوني فيما آمركم بهِ ولا تعادوني فيما أنهاكم عنه فإنّ ذلك يحملكم على الإجرام ويوقعكم في المهالك (أَن يُصِيبَكُم ) يعني لئلاّ يُصيبكم (مِّثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ ) من الهلاك بالغرق (أَوْ قَوْمَ هُودٍ ) بالريح العقيم (أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ ) بالزلزال (وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِّنكُم بِبَعِيدٍ ) أي بزمنٍ بعيد بل بمدّةٍ قريبة .

90 - (وَاسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ) من ذنوبكم (ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ ) ولا تعودوا لمثلها في المستقبل (إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ ) بالمستغفرين (وَدُودٌ) للتائبين .

91 - (قَالُواْ يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِّمَّا تَقُولُ ) والمعنى : لا نسمع لقولكَ ولا نعمل بأمرك (وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ) لا قوّةَ لك تدفعنا عن قتلك (وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ ) أي لولا عشيرتك الّذينَ هم على دِيننا لرجمناك بالحجارة وقتلناك (وَمَا أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ ) لأنّك على غير دِيننا .

92 - (قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُم مِّنَ اللّهِ ) فتتركون قتلي لأجل رهطي ولا تحفظوني لله الّذي أرسلني إليكم بدين الحقّ (وَاتَّخَذْتُمُوهُ) أي الدِين الّذي اُرسِلتُ بهِ (وَرَاءكُمْ ظِهْرِيًّا ) أي منبوذاً وراء ظهوركم لا تعملون بهِ ولا تقبلونه (إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ) عِلماً فيعاقبكم على أعمالكم السيّئة .

93 - (وَيَا قَوْمِ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ ) أي اعملوا على قدر تمكّنكم منّي ومن قتلي فلا أخافكم لأنّ الله ينصرني عليكم (إِنِّي عَامِلٌ ) بما أمرني ربّي من تبليغ الرسالة والنهي عن عبادة الأصنام (سَوْفَ تَعْلَمُونَ ) في المستقبل (مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ ) أنا أم أنتم ، لأنّهم هدّدوهُ بآلهتهم قالوا إنّها تنتقم منك (وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ ) أنا أم أنتم (وَارْتَقِبُواْ) العذاب (إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ ) .

94 - (وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا ) بالعذاب (نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالّذينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مَّنَّا ) أي بوحينا وإرشاداتنا لهم بأن قلنا لهم اُخرجوا من بينهم فخرجوا (وَأَخَذَتِ الّذينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ ) يعني أخذوا يتصايحون ويصرخون حين سقطت ديارهم فوقهم (فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ ) تحت الأنقاض ، أي موتَى لا حراكَ بهم .

95 - (كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا ) أي كأن لم يعيشوا فيها مُستغنين بالمال والأولاد (أَلاَ بُعْدًا لِّمَدْيَنَ ) من رحمة الله ، يعني لقبيلة مدين ، أمّا مدين نفسه فرجُل صالح هو إبن إبراهيم الخليل (كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ ) من رحمة الله . وكانت هذه الحادثة بعد قوم لوط وقبلَ مجيء موسى .

96 - ثمّ عطف سُبحانهُ بقصّةِ موسى على ما تقدّم من قصص الأنبياء فقال تعالى (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا ) التسع (وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ ) أي وسُلطة ظاهرة بيّنة .

97 - (إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ ) أي وجماعتهِ (فَاتَّبَعُواْ أَمْرَ فِرْعَوْنَ ) وتركوا موسى وآياتهِ (وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ ) لهم (بِرَشِيدٍ) أي بمُصيب إلى الحقّ بل أرشدهم إلى الضلال .

98 - (يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) إلى جهنّم كما أضلّهم في الدنيا (فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ ) في عالم البرزخ (وَبِئْسَ الْوِرْدُ ) الّذي أوردهم إليهِ من العذاب (الْمَوْرُودُ) إليهِ ، يعني بئسَ الواردِين وبئسَ المكان الّذي وردوا إليهِ .

99 - (وَأُتْبِعُواْ فِي هَـذِهِ ) الدنيا (لَعْنَةً) في التوراة والقرآن (وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ ) تلعنهم الملائكة ويلعنهم مُقلّدوهم وتابعوهم في دينهم (بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ ) يعني بئسَ التابع والمتبوع ، فَ"الرِفد" هم الجماعة الّتي تأتي بعدها جماعة حتّى ترفدَ عليها أي تصل إليها ، والشاهد على ذلك قول دكين:

                                    خيرَ امْرِئٍ قَدْ جاءَ مِنْ مَعَدِّهْ      مِنْ قَبْلِهِ أَوْ رافِدٍ مِنْ بعدِهْ

وقال عمرو بن كلثوم :
                                   ونَحْنُ غَداةَ أوقِدَ في خَزَازَى      رَفَدْنا فَوْقَ رِفْدِ الرَّافِدِينا

"الرِفد" مثل الوَفد الّذينَ يفِدون على رئيس أو كريم فيضيِّفهم ويُكرمهم .

100 - (ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْقُرَى ) الظالمة (نَقُصُّهُ عَلَيْكَ ) يا محمّد (مِنْهَا قَآئِمٌ ) إلى اليوم (وَ) منها (حَصِيدٌ) يعني بعضها قائمٌ بناؤهُ لم يتهدّم وبعضها تهدّمَ واندثر كالنبات المحصود .

101 - (وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ ) بإنزال العذاب عليهم (وَلَـكِن ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ ) بسبب كفرهم وعنادهم (فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ مِن شَيْءٍ ) يعني لم تدفع عنهم شيئاً من العذاب (لَمَّا جَاء أَمْرُ رَبِّكَ ) بالعذاب (وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ ) أي غير تخسير ، ومن ذلك قول بشر بن أبي خازم:

                                   هُمُ جَدَعوا الأنوفَ فَأَوْعَبُوها      وهُمْ تَرَكُوا بَنِي سَعْدٍ تَبابَا

102 - (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ ) في المستقبل (إِذَا أَخَذَ الْقُرَى ) بالعذاب (وَهِيَ ظَالِمَةٌ ) يعني وأهلُها ظَلَمَة وكَفَرَة مُنافقون مُشركون (إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ) يعني عذابهُ مؤلم شديدُ الوقعة .

103 - (إِنَّ فِي ذَلِكَ ) الّذي ذكرناهُ لك من قصص الاُمَم المكذّبة (لآيَةً) أي علامة واضحة على وجود العذاب في الآخرة (لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخِرَةِ ) فتجنّبَ المحرّمات (ذَلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ ) للحساب والعقاب (وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ ) يشهدهُ الخلائق كلّهم من الجِنّ والإنس والملائكة والأنبياء والرُسُل .

------------------------------------
<<الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة الصفحة التالية>>



كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم