كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
9 - (وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ) أي أحللنا بهِ نِعمةً من الصحّة والمال والولد وغير ذلك من نِعَم الدُنيا (ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ ) أي أخذناها منه لنختبرهُ هل يصبر أم يكفر (إِنَّهُ لَيَئُوسٌ ) أي قَنوط من رحمةِ الله (كَفُورٌ) للنِعم .
10 - (وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاء بَعْدَ ضَرَّاء مَسَّتْهُ ) يعني لئن أعطيناهُ نِعمة من صحّةِ جسمٍ ومالٍ وولد وغير ذلك بعد أن كان في ضيق ومرض وفقر (لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي ) أي ذهب الشرّ عنّي فلا يعود بعد ذلك (إِنَّهُ لَفَرِحٌ ) بما أصابهُ (فَخُورٌ) على الفقراء ، أي يتكبّر ويفتخر بما لديهِ من المال ولا يؤدّي زكاتهُ للفقراء .
11 - (إِلاَّ الّذينَ صَبَرُواْ ) عند الشِدّة فهم يشكرون عند الرخاء (وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ ) أي واظبوا على الأعمال الصالحة (أُوْلَـئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ) في الآخرة ، أي أجرٌ كثير .
12 - قال بعض أفراد قُريش ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا اُنزِلَ إليهِ ملَكٌ فيكون معهُ نذيراً فنصدّقهُ أو يُلقَى إليهِ كنزٌ يُنفقهُ علينا فنتبعهُ ، فنزلت هذه الآية (فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ ) يعني تتركهُ بين أصحابك ولا ترسلهُ إلى المشركين تجنّباً عن أقوالهم اللاّذعة واقتراحاتهم التافهة (وَضَآئِقٌ بِهِ ) أي بقولهم (صَدْرُكَ أَن يَقُولُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ ) فينفقهُ علينا فنتبعهُ (أَوْ جَاء مَعَهُ مَلَكٌ ) يُنذِرُ معه ويشهد بصحّةِ قولهِ فنصدّقه ، فقال الله تعالى مُخاطِباً رسوله (إِنَّمَا أَنتَ نَذِيرٌ ) وليس لك مِمّا اقترحوهُ شيء إذ لا مصلحة في ذلك (وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ) أي حفيظ ، يعني يحفظك من شرّهم ومكايدهم .
13 - (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ ) يا محمّد لهؤلاء المشركين (فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ ) بزعمكم (وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم ) إقناعهُ على رأيكم من رؤسائكم الّذينَ اتّخذتموهم أولياء (مِّن دُونِ اللّهِ ) ليُساعدوكم على إتيان عشرِ سوَر مِثل سوَر القرآن (إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) في قولكم بأنّ محمّداً افتراهُ . وقد سبق تفسير مثل هذه الآية في سورة يونس في آية 38 .
14 - (فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ ) أولياؤكم ولم تتمكّنوا من إتيان عشرِ سوَر (فَاعْلَمُواْ) أيّها المشركون (أَنَّمَا أُنزِلَ ) القرآن (بِعِلْمِ اللّهِ ) بالمغيّبات حيث أخبرناكم فيهِ بِما كان قبلكم وبِما يكون بعدكم ، والغيب لا يعلمهُ إلاّ الله وحدهُ وهذا أحسن بُرهان لكم على إنزالهِ من الله وليس من محمّد (وَ) اعلموا (أَن لاَّ إِلَـهَ ) في الكون (إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ ) أي مُستسلمون ومنقادون ؟
15 - (مَن كَانَ يُرِيدُ ) بعملهِ الصالح (الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا ) ولا يريد الآخرة (نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ ) أي جزاء أعمالهم من صِلةِ الرحم وإطعام الفقراء ومُساعدة الضعفاء (فِيهَا) أي في الدنيا (وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ ) أي لا يُنقَصون من جزاء أعمالهم شيئاً .
16 - (أُوْلَـئِكَ الّذينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ ) عِقاباً لهم على إشراكهم (وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا ) أي بطلَ ما صنعوا في الدنيا من حسنات لأنّهم أخذوا أجرها في الدنيا ولم يبقَ لآخرتهم شيء (وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ) للأوثان .
17 - إستمع المشركون لقول أبي سفيان واتّبعوهُ ، وكذّبوا رسول الله وعادَوهُ ، فردّ الله عليهم وأنّبهم على ذلك فقال تعالى (أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ ) وهو محمّد كمَنْ لا ينثني عن جهله وهو أبو سفيان ، والمعنى : أتتركون محمّداً وتكذّبونهُ الّذي هو على بيّنةٍ من ربّهِ وتتّبعون أبا سفيان الذي ليس لهُ بيّنة ولا عِلمَ له بشيء من الدين (وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ ) يشهد له بصحّة قوله ، والمعنى : ويتبع محمّداً شاهد من اُمّتهِ يشهد له بأنّه رسول الله ، وذلك الشاهد هو المهدي ، ومِمّا يؤيّد هذا قوله تعالى في سورة الرعد { قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ } يعني ومن عنده عِلم الكتُب السماويّة فهو يشهد لي في آخر الزمان إذا جاء بتفسير القرآن ، (وَ) شاهد آخر جاء (مِن قَبْلِهِ ) أيضاً ، أي من قبل محمّد يشهد لهُ بأنّه رسول الله ، وذلك الشاهد هو (كِتَابُ مُوسَى ) أي التوراة حيث جاء فيها ذكر النبيّ وصفاتهِ ، وذلك الكتاب (إَمَامًا) يؤتمّ بهِ ويعمل بنو إسرائيل بأحكامهِ (وَرَحْمَةً) لهم (أُوْلَـئِكَ) إشارة إلى أصحاب الكتاب (يُؤْمِنُونَ بِهِ ) في المستقبل ، أي يؤمنون بالكتب السماويّة كلّها ومن جملتها القرآن ، وذلك في زمن المهدي ، والدليل على ذلك قوله تعالى (يُؤْمِنُونَ بِهِ ) ولم يقل آمَنوا بهِ ، فأهل الكتاب آمَنوا بكتابهم ولم يؤمنوا بالقرآن ولكن في المستقبل يؤمنون بهِ حيث تتّضحُ لهم الأدلّة على أنّه مُنزَل من الله ولم يختلقهُ محمّد من نفسه كما يتوهّمون .
ثمّ أخذَ سُبحانهُ في تهديد المشركين فقال (وَمَن يَكْفُرْ بِهِ ) أي بالقرآن (مِنَ الأَحْزَابِ ) يعني أهل مكّة ومن حولها (فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ ) في الآخرة فلا يحزنك كفره يا محمّد (فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ ) أي فلا تكُ في شكّ من نزول القرآن عليك إذ كفرت بهِ الأحزاب ولم يؤمنوا (إِنَّهُ) أي القرآن (الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ ) لجهلهم بالحقيقة وعنادهم .
18 - (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا ) فادّعى له الولد أو ادّعى له البنات أو ادّعى أنّ الأصنام شفعاء عند الله (أُوْلَـئِكَ) المفترون (يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ ) يوم القيامة للتأنيب والعقاب (وَيَقُولُ الأَشْهَادُ ) أي الملائكة الحَفَظَة تشهد عليهم فتقول (هَـؤُلاء الّذينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ ) فادّعَوا لهُ البنات (أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ) الّذينَ ظلموا أنفسهم بهذا الادّعاء وظلموا من اقتدى بهم .
------------------------------------كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |