كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل

بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى)

توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت)

الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة

فهرس الآيات , البحث في القرآن الكريم

تفسير سورة يوسف من الآية( 103) من كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل   بقلم محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) : 

103 - (وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ ) على إيمانهم (بِمُؤْمِنِينَ) لك .

104 - (وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ) يعني على تبليغ الرسالة (إِنْ هُوَ ) أي القرآن (إِلاَّ ذِكْرٌ ) أي موعظةٌ (لِّلْعَالَمِينَ) أي للناس أجمعين .

105 - (وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ ) أي وكم من آيةٍ (فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا ) ويُشاهدونها (وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ ) يعني وهم عن التفكير فيها والاعتبار بها مُعرِضون .

106 - (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ ) يعني أكثرهم يؤمنون بأنّ اللهَ خالقهم ورازقهم وهو الّذي أحياهم وبيدهِ مماتهم ولكن يُشركون المخلوقين في العبادة مع الخالق فينذرون للملائكة ويسألون حوائجهم منها ويُقدّسونها . ومِثلها في المعنى قوله تعالى في سورة العنكبوت {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} أي فكيف يُصرَفون عن عبادة الله الخالق إلى عبادة المخلوقين ؟ فكذلك اليوم أصبحت أكثر الناس يؤمنون بأنّ الله خالقهم ولكن يُشركون المشايخ والأئمّة في العبادة مع الله فيعبدون قبور الأئمّة والمشايخ ويُقبّلونها ويتبرّكون بتربتها وجدرانها وينذرون لهم ويستعينون بهم عندَ قيامهم وقعودهم ويسألون حوائجهم منها ويقولون هؤلاء شُفعاؤنا عند الله .

فترى بعض المسلمين يبني مسجداً ثمّ يكتب على بابهِ "مسجد وحسينيّة" فيُشرك الحسين مع الله في عملهِ هذا ، أو ينذر نذراً لله فيشرك الحسين في نذرهِ مع الله فيقول أنذر لله والثواب للحُسين ، أو ينذر للحُسين فيشرك الله بنذرهِ ، أو يُشرك بسؤالهِ فيقول يا ألله يا محمّد يا علي ، وبهذا السؤال أشرك اثنين من البشر مع الله ، وهكذا تجد أكثر الناس يُشركون بأعمالهم مع الله . أما المسيحيّون فقد أشركوا المسيح واُمّهُ مع الله في العبادة ، وهكذا باقي المِلَل والكلّ يعترفون بأنّ الله خالقهم .

107 - (أَفَأَمِنُواْ) هؤلاء المشركون (أَن تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِّنْ عَذَابِ اللّهِ ) يعني هل أمِنوا أن يأتيهم نوعٌ من العذاب يعمّهم ويُغطّيهم كالأعاصير والزلازل والسيول وغير ذلك من العذاب الّذي يعمّ المنطقة كلّها (أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ ) أي ساعة الموت (بَغْتَةً) أي فجأةً (وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ ) بها ، يعني لا يعلمون بوقت نزول العذاب ولا بوقت مماتهم .

108 - (قُلْ) يا محمّد لهؤلاء المشركين (هَـذِهِ سَبِيلِي ) أي هذهِ طريقتي (أَدْعُو) الناس (إِلَى اللّهِ ) يعني إلى عبادتهِ وحده ونبذ الأصنام والأوثان (عَلَى بَصِيرَةٍ ) من ربّي ، يعني على وحيٍ مُتّصل وبيانٍ دائم من ربّي (أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي ) نقوم بهذه الطريقة شِئتم أم أبَيتم سكتّم أم صرختم فلا يُهمّنا صُراخكم ولا يمنعنا جدالكم (وَسُبْحَانَ اللّهِ ) يعني وقل لهم سبحان الله كيف تعبدون الأصنام وأنتم صنعتموها بأيديكم ؟ فأنا أعبُد الله وحده (وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) بهِ شيئاً من مخلوقاتهِ .

109 - قال المشركون من العرب لو شاءَ ربّنا إرسال رُسُل لأنزلَ ملائكةً من السماء ولم يبعث رجُلاً من القُرى ، فنزل قوله تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ ) رُسُلاً (إِلاَّ رِجَالاً ) وليس ملائكةً (نُّوحِي إِلَيْهِم ) ما نُريد أن يُبلّغوا بهِ قومهم ويُنذروهم عن عبادة الأصنام وعن عبادة المخلوقين ، وكلّهم (مِّنْ أَهْلِ الْقُرَى ) يعني من أهل الأمصار لأنّهم أرجحُ عقلاً وعِلماً من أهل البوادي ولأنّ أهل البوادي يغلب عليهم القسوة والجفاء (أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ ) للسياحة والتنقيب عن آثار المشركين (فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الّذينَ مِن قَبْلِهِمْ ) الّذينَ كذّبوا رُسُلهم أليس الهلاك والدمار؟ ولكنّ الّذينَ آمَنوا نجَوا من العذاب (وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ اتَّقَواْ ) المعاصي (أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ) أيّها المشركون وتتركون عبادة المخلوقين وتقديسهم؟

110 - ثمّ بيّنَ سُبحانهُ بأنّ أكثر الناس كذّبوا الرُسُل ولم يؤمنوا حتّى جاءهم العذاب فقال (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ ) من إيمان قومهم ولم يُصدّقوهم إلاّ القليل منهم (وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ ) يعني وأيقنوا أنّ قومهم لا يؤمن منهم أحد بعد تلك الدعوة إليهم والمدّة الطويلة الّتي قضَوها معهم حينئذٍ (جَاءهُمْ نَصْرُنَا ) بإنزال العذاب على المكذّبين ونجاة الرُسُل مع المؤمنين (فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء ) أي نُنجي من آمن منهم (وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا ) أي عذابنا (عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ ) المكذّبين للرُسُل .

111 - (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ ) أي في قصص الأنبياء الماضين وقصّة يوسف وأخوتهِ (عِبْرَةٌ) لمن يعرف محمّداً بأنّه اُمّيّ لا يقرأ كتاباً ولا يكتبُ شيئاً وجاء بقصّةِ يوسف كما هي في التوراة مع أنّ التوراة مكتوبة باللّغةِ العِبريّة ومحمّد عربي لا يعرف من العِبريّة شيئاً ، ثمّ لم تُترجم التوراة إلى اللّغة العربيّة إلاّ في هذا القرن القرن العشرين ، وبذلك يتّضح أنّ القرآن مُنزل من الله لم يختلقهُ محمّد كما يزعمون ، وهو عبرةٌ (لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ ) أي لذوي القلوب الواعية (مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى ) في القرآن من محمّد (وَلَـكِن) مُنزل من الله (تَصْدِيقَ) لدعوة محمّد (الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ ) الكتاب ، أي القرآن (وَتَفْصِيلَ) يعني وفيه تفصيل (كُلَّ شَيْءٍ ) عن قصص الماضين وأنباء المستقبَل (وَهُدًى) لمن يهتدي بهِ إلى طريق الجنّة (وَرَحْمَةً) من الله (لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) بهِ وبمن نزل عليهِ القرآن .


                                        تمّ بعون الله تفسير سورة يوسف ، والْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِين

------------------------------------
<<الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة السورة التالية>>



كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم