كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
54 - (وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ ) أي بيوسف (أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي ) أي أجعلهُ خالصاً لنفسي في تدبير المملكة وأستشيرهُ في الاُمور لأنّه فاهم وأمين لا يخون (فَلَمَّا) جاءهُ يوسف و (كَلَّمَهُ قَالَ ) الملِك ليوسف (إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مِكِينٌ أَمِينٌ )170 أي إنّك عندنا ذو مكانة وأمانة فاصنع في المملكة ما شئتَ .
55 - (قَالَ) يوسف للملِك (اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ ) أي على مخازن نبات الأرض ، يعني إجعلني وكيلاً على بيادر الحنطة والحبوب الاُخرى (إِنِّي حَفِيظٌ ) للحبوب (عَلِيمٌ) بخزنها وحفظها من الحشرات ، فجعلهُ رئيساً للوزراء وألبسهُ خاتمهُ ووضع طوق الذهب في عنقهِ وأركبهُ في مركبتهِ الثانية ونادَوا أمامهُ إركعوا ، وزوّجهُ بعد ذلك أسنات بنت فوطيفارع كاهن أوُنَ فولدت لهُ إبنين قبل أن تدخل سنة الجوع فسمّى البِكرَ منسيّ وسمّى الثاني إفرائيم .
56 - (وَكَذَلِكَ) أي كما أنعمنا عليهِ بالخروج من السجن كذلك (مَكَّنّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ ) فأصبحَ رئيس الوزراء ووكيل الملِك (يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاء ) أي يتصرّف فيها حيث يشاء وينزل منها حيث يُريد (نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاء ) أي من هو أهلٌ للرحمة ، يعني نصيبُ برحمتنا من كان مُحسناً مع الناس (وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ) إلى الفقراء والمحتاجِين .
57 - (وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ خَيْرٌ ) من أجر الدنيا (لِّلَّذِينَ آمَنُواْ ) باللهِ وحده ولم يُشركوا بهِ شيئاً (وَكَانُواْ يَتَّقُونَ ) عقابه بامتثال أوامره واجتناب معاصيه .
وجاءت سبع سنين مُخصبة فاشترى يوسف الطعام وذخرهُ ، ثمّ جاءت سبع سنين مُجدبة فلم يبقَ في أرض كنعان طعام فقال يعقوب لأولادهِ إذهبوا إلى مصر واشتروا لنا طعاماً لئلاّ نموت جوعاً ، فذهبَ أولاد يعقوب إلى مصر ليميروا أهلهم بالطعام .
58 - (وَجَاء إِخْوَةُ يُوسُفَ ) العشرة إلاّ بنيامين (فَدَخَلُواْ عَلَيْهِ ) أي على يوسف (فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ ) أي وهم لم يعرفوهُ ، فكان عُمرهُ حينئذٍ ثلاثين سنة لأنّ المدّة كانت ثلاثة عشر عاماً من وقت أن ألقَوهُ في الجُبّ إلى وقت مجيئهم إليه ليشتروا منهُ طعاماً ، لأنّهُ بقيَ سنة واحدة في بيت العزيز زوج زليخا ثمّ سُجنَ ثلاث سنين ثمّ صار رئيس الوزراء سبع سنين الخصبة ، وبعدها بسنتين من السنين المجدِبة جاء أخوته ، فكان المجموع ثلاث عشرة سنة مُدّة غيابهم عنهُ ، ثمّ إنّهم رأوا عليه لباس الملوك وجالساً على سرير الملك يأمرُ وينهَى ولم يخطُر ببالهم أنّه يصير إلى تلك المنزلة ، وأنّ يوسف تنكّر عليهم وتخمّر وكان يكلّم الترجمان باللغةِ القبطيّة والترجمان يُكلّمهم بالعِبريّة لئلاّ يعرفوهُ ، فاشترَوا منه طعاماً كلّ واحدٍ منهم حِمل بعير ، لأنّ يوسف كان لا يبيع لكلّ رجُل أكثر من حمل بعير .
59 - (وَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ ) يعني لَمّا كالَ لهم الطعام وجهّزهم بهِ (قَالَ) يوسف لأخوتهِ (ائْتُونِي بِأَخٍ لَّكُم مِّنْ أَبِيكُمْ ) يُريد بنيامين (أَلاَ تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ ) يعني أعطيكم الكيل وافياً كثيراً (وَأَنَاْ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ ) أي خير المضيّفين لكم .
القصّة : لَمّا رأى يوسف أخوته عرفهم فتنكّرَ لهم وكلّمهم بجفاء وقال لهم : من أين قدمتم ؟ قالوا : من أرض كنعان لنبتاع طعاماً ، فتذكّر يوسف الرؤيا الّتي رآها من قبل ، فقال لهم : أنتم جواسيس إنّما جئتم لتتجسّسوا ثغور الأرض ، فقالوا إنّما جئنا لنبتاع طعاماً نحنُ كلّنا بنو رجل واحد في أرض كنعان ، والصغير منّا عند أبينا وواحدٌ مفقود ، فقال يوسف بل الأمر كما قلتُ لكم أنتم جواسيس وبهذا تُمتحَنون لا تخرجون من هنا حتّى يأتي أخوكم الصغير إلى هنا . إبعثوا واحداً منكم يأتي بأخيكم وأنتم تُقيّدون حتّى نمتحن كلامكم هل أنتم صادقون وإلاّ فأنتم جواسيس . فجعلهم في الحبس ثلاثة أيّام وفي اليوم الثالث قال لهم يوسف : إصنعوا هذا فتحيَوا إنّي أتّقي الله فواحدٌ منكم يبقى في الحبسِ رهينة وأنتم إنطلقوا وخذوا ميرةً لمجاعةِ بيوتكم وائتُوني بأخيكم الصغير ليتحقّق كلامكم ولا تهلكوا . فصنعوا كما قال لهم .
وقال بعضهم لبعضٍ أنّنا لآثمون في أخينا إذ رأينا نفسهُ في شِدّةٍ وقد استرحمَنا فلم نسمعْ لهُ لذلك نالتنا هذه الشِدّة ، فأجابهم راؤوبين قائلاً ألم أقل لكم لا تأثموا في الولدِ وأنتم لم تسمعوا لذلك نحنُ مُطالَبون بدمهِ . ولم يكونوا يعلمون أنّ يوسف يفهم كلامهم لأنّهُ جعل ترجماناً بينهُ وبينهم ، فتحوّل عنهم وبكى ثمّ عادَ إليهم وخاطبهم وأخذ من بينهم شمعون فقيّدهُ بمشهدهم ، وأمر يوسف أن تُملأ أوعيتهم قمحاً وتُردّ فِضّة كلّ واحدٍ منهم في جوالقهِ (عِدْلِهِ) وأن يُعطَوا زاداً للطريق ، فصُنِعَ لهم كما أمر ، وحملوا ميرتهم على حميرهم وساروا من هناك وجاؤوا أباهم وقصّوا عليه جميع ما نالهم . وهذا معنى قوله :
60 - (فَإِن لَّمْ تَأْتُونِي بِهِ ) يعني بأخيهِ بنيامين (فَلاَ كَيْلَ لَكُمْ عِندِي ) في المرّة الثانية (وَلاَ تَقْرَبُونِ ) مصر .
61 - (قَالُواْ سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ ) أي سنطلبهُ من أبيهِ أن يُرسلهُ معنا (وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ ) ما أمرتنا بهِ .
62 - (وَقَالَ) يوسف (لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُواْ بِضَاعَتَهُمْ ) يعني فضّتهم الّتي اشترَوا بها القمحَ (فِي رِحَالِهِمْ ) مفردها رحل وهو ما يُشدّ على ظهر الدابّةِ والبعير ، أي في أثاثهم ومتاعهم (لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا ) يعني لعلّهم يعرفون المكيدة الّتي عملناها معهم بأن طلبنا منهم إحضار بنيامين ، فيقولون لو كان رجُلاً أجنبيّاً ما أكرَمنا وأضافنا في قصرِه وأعادَ فضّتنا إلينا فلعلّهُ أخونا يوسف (إِذَا انقَلَبُواْ ) يعني إذا رجعوا (إِلَى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) إلى مصر مرّةً اُخرى ولا يخافون . ولكنّهم لم يفهموا أنّها مكيدة ولم يعرفوا أنّه أخوهم يوسف .
63 - (فَلَمَّا رَجِعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُواْ يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ ) في المستقبَل (فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا ) بنيامين (نَكْتَلْ) طعاماً (وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) من أن يُصيبهُ مكروه .
------------------------------------170 :لم يكن ذلك الملك من الفراعنة بل كان من الهكسوس وكانت لهم السّلطة على مصر في ذلك الزمن .كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |