كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
32 - (اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ ) أي الكواكب السيّارة ومن جُملتها الأرض (وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاءً ) يعني المطر (فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ ) أي السُفُن (لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأَنْهَارَ ) تجري مياهها لمنافعكم .
33 - (وَسَخَّر لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَآئِبَينَ ) أي دائمَينِ في الحركة ، لأنّ الشمس تدور حول نفسها ، والقمر يدور حول الأرض ، والأرض تدور حول الشمس (وَسَخَّرَ لَكُمُ اللّيل وَالنَّهَارَ ) بواسطة دوران الأرض حول محورها ، فالجهة الّتي تقع عليها أشعّة الشمس تكون نهاراً ، والجهة الاُخرى تكون ليلاً .
34 - (وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ) والمخاطب بهذا المسلمون حيث سبق ذكرهم بقوله تعالى {قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة}. والشيء الذي سألوه من الله فأعطاهم إيّاه هو الذي جاء ذكره في آخر سورة البقرة إذ قال {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا} إلى آخر الآية ، وكذلك أعطاهم كلّ ما سألوه لنصرتهم يوم بدر ، فقد سألوه الغيث فأنزل عليهم المطر وسألوه الإمداد بالملائكة لنصرتهم فأعطاهم ، وذلك قوله تعالى في سورة الأنفال {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ}.
(وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا) عدداً لكثرتها عليكم (إِنَّ الْإِنسَانَ) المشرك (لَظَلُومٌ) أي كثير الظلم (كَفَّارٌ) أي كثير الكفر .
35 - (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ ) تقديرهُ واذكر يا محمّد لقُريش إذ قال إبراهيم (رَبِّ اجْعَلْ هَـذَا الْبَلَدَ ) أي مكّة (آمِنًا) فجعلهُ الله أماناً لمن دخلهُ ، حتّى كان الرجُل منهم يرى قاتل أبيهِ في البيت فلا يتعرّض لهُ بسوء ، ويدنو الوحش فيها من الناس فيأمنهم (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ ) بلطفٍ منك علينا ، وهذا خطاب لأهل مكّة ، والمعنى : إنّكم تقولون نحنُ سائرون على دين إبراهيم فإنّه كان موحّداً يعبد الله وحدهُ ولَمّا بنى البيت دعى بهذه الدعوة فأن كنتم على دينهِ كما تزعمون فلماذا تعبدون الأصنام؟
36 - (رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ ) . في زمن إبراهيم كانوا يجعلون سَدَنَة للأصنام أي الخدم للأصنام من النساء الجميلات ، وكنّ يدعون الناس إلى عبادة الأصنام ، فقول إبراهيم (رَبِّ إِنَّهُنَّ ) يعني النساء الّلاتي يخدمنَ الأصنام أضللنَ كثيراً من الناس بدعواهنّ إلى عبادة الأصنام ، وكذلك إيزابل دعت زوجها الملِك آخاب إلى عبادة الصنم المسمّى بعل فتبعها وضلّ عن طريق الحقّ ودعى قومه إلى عبادة الصنم أيضاً بعد أن سجدَ لهُ . (فَمَن تَبِعَنِي ) من الناس على نهجي وشريعتي (فَإِنَّهُ مِنِّي ) أي من أتباعي (وَمَنْ عَصَانِي ) في شيءٍ (فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) .
37 - (رَّبَّنَا) وإنّما قال هنا ربّنا وهناك قال ربِّ ، أرادَ هو ومن تبعهُ (إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي ) أي أسكنتُ بعض أولادي ، وهو إسماعيل مع اُمّهِ هاجر وهو أكبر أولاده (بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ ) يُريد وادي مكّة ، فلم يكن حينئذٍ بها ماء ولا زرع ولا ضرع (عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ ) أي العظيم الحُرمة ، وكانت اُسُس البيت ظاهرة وقد بناهُ آدم في الماضي وجدّدَ بناءهُ إبراهيم بعد أن تهدّم (رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ ) أي أسكنتهم عند بيتك ليُداوموا على الصلاة (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ ) بالزيارة والتجارة والحجّ (وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ) نِعمك عليهم .
القصّة : تزوّج إبراهيم بهاجر بعد زوجتهِ سارة فولدت لهُ إسماعيل فاغتمّت سارة وغارت من هاجر وقالت لإبراهيم أبعدها عنّي ، فأوحَى اللهُ إليهِ أن أسكِنْها وابنَكَ إسماعيل في مكّة قربَ بيتي المحرّم ، وكان إبراهيم حينئذٍ في الحجاز ، فذهب بهما إلى أرض مكّة وكانت خالية من الماء والنبات وترك لهما قِربة ماء وخبزاً ورجع ، وعند رجوعهِ قال ( رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ ) إلى آخر الآية . وبقيت هاجر ومعها إسماعيل وهو طفل ، فلمّا نفدَ ماء القِربةِ عطشَ إسماعيل فقامت هاجر في الوادي تطلب الماء ذاهبةً إلى الصفا راجعةً إلى المروة تنظر إلى السراب تظنّهُ ماءً وفعلت ذلك سبع مرّات ، فلمّا كان الشوط السابع وهيَ على المروة نظرت إلى إسماعيل وقد ظهرَ الماء من تحتِ رجليهِ فأقبلت عليه وجمعت حوله رملاً وكان الماء يجري فزمّتهُ بما جمعت حولهُ من الرمل ، فلذلك سُمّيت زمزم . وكانت قبيلة جُرهُم نازلة بذي المجاز وعرفات فلمّا ظهر الماء بمكّة عكفت الطير والوحش على الماء ، فنظرت جُرهُم إلى الطير تنزل على ذلك المكان فاتّبعوها حتّى نظروا إلى امرأة وصبيّ نزولٌ في ذلك المكان فسألوها عن سبب قعودها في هذا الوادي فأخبرتهم بقصّتها ، فقالوا لها : أتأذنين لنا أن نكون بالقرب منكما ونسقي أنعامنا من هذه الماء ؟ فأذنت لهم بموجب شروط فنزلوا أرض مكّة وصاروا يسقون أنعامهم من تلك العين ويُعطونها من الأنعام بدل سقي أنعامهم . وقد جاءت قِصّة هاجر وإسماعيل في التوراة أيضاً وذلك في الإصحاح الحادي والعشرين من سفر التكوين .
38 - (رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللّهِ مِن شَيْءٍ فَي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء ) أي ولا في الفضاء .
39 - (الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء ) فيستجيبُ للموحّدين المطيعين .
40 - (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي ) أي واجعل من ذرّيتي اُناساً يقيمون الصلاة (رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ ) أي وتقبّل منّي دُعائي الناس إلى عبادتك ، يعني تقبّل منّي هذا العمل الّذي أقوم بهِ وهو دُعائي إلى دينك وعبادتك وحدك . وإنّما قال " تَقَبَّلْ دُعَائي" ، ولم يقل تقبّل عبادتي ، لأنّ الدُعاء إلى دين الله أفضل من العبادة ، ولأنّ الدعوة إلى دين الله فيها مشقّات وإهانة من الناس ، ولكن العبادة وحدها ليس فيها أذىً من الناس .
------------------------------------كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |