كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
80 - (وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الحِجْرِ ) يعني أصحاب البيوت الحجريّة (الْمُرْسَلِينَ) وهم قبيلة ثمود قوم صالح .
81 - (وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا ) أي بيّناتٍ لنا (فَكَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ ) لا ينقادون للحقّ .
82 - (وَكَانُواْ يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ ) أحجاراً ويبنون بها (بُيُوتًا آمِنِينَ ) من تخريبها بالأمطار والسيول ، فزلزلنا بهم الأرض .
83 - (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ ) يعني وقت الصباح أخذوا يتصايحون ويصرخون حين تهدّمت ديارهم فوق رُؤوسِهم فتلايمت بيوتهم فوق رؤوسهم وماتوا .
84 - (فَمَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ) من مال وبيوت ، أي لم تدفع عنهم بيوتهم الحجريّة شيئاً من العذاب ولا أموالهم بل كانت بيوتهم سبباً لموتهم وهلاكهم .
85 - (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ ) أي الكواكب السيّارة ومن جملتها الأرض (وَمَا بَيْنَهُمَا ) يريد بذلك الأقمار والشهُب والنيازك ، لأنّها واقعة ما بين الكواكب السيّارة (إِلاَّ بِالْحَقِّ ) يعني إلاّ بالوعد الحقّ ، وقد سبق تفسير مِثلها في سورة الأنعام (وَإِنَّ السَّاعَةَ ) أي ساعة خرابها وهو يوم القيامة (لآتِيَةٌ) فنعاقبهم على أفعالهم (فَاصْفَحِ) يا محمّد عن من أسلم من المشركين ولا تؤاخذهم عن الماضي (الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ) بأن تُعاملهم بالإحسان بدل الإساءة .
86 - (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ ) فخلقَ السماوات والأرض بحكمةٍ وإتقانٍ فجعلها تسبح في الفضاء وتدور حول الشمس ولا تسقط في الفضاء وخلقَ فيهما أنواع المخلوقات من حيوان ونبات وطيور وحشرات فتبارك الله أحسنُ الخالِقين .
87 - (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ) يا محمد (سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) .
كلّ حديث يُعاد ذكره أو كتابته يسمى تثنية ، ومن ذلك سفر التثنية في مجموعة التوراة لإنّه جاء ذكره مرتين ، فقوله تعالى (آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي) ، يعني سبع قصص من قصص الأنبياء الماضيين التي ذكرناها لموسى فكتبوها في التوراة ، ولَمّا كُتبت في القرآن صارت مثاني ، يعني ذكرت مرتين الأولى في التوراة لموسى والثانية لمحمد في القرآن .
وممّا يؤيد هذا قوله تعالى في سورة الزمر {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ} ، فقوله تعالى {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ} يعني أحسن القصص من ذكر الماضيين ليطمئنّ قلبك يا محمد ولتعتبر أمّتك بما حدث قبلهم من الأمم مع أنبيائهم . والدليل على ذلك قوله تعالى في سورة يوسف {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ}
وقوله {كِتَابًا مُّتَشَابِهًا} يعني ما ذكرناه لك في القرآن يشبه ما ذكرناه في التوراة من قصص الأنبياء . والدليل على ذلك قوله تعالى في سورة الأعلى {إِنَّ هَـٰذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَىٰ صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ} ، وقوله أيضاً {أَوَلَمْ تَأْتِهِم بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَىٰ} .
فقوله تعالى {مَّثَانِيَ} أي تكرر ذكرها مرتين الأولى في التوراة والثانية في القرآن فصارت مثاني . وقوله {تَقْشَعِرُّ مِنْهُ} ضمير الهاء في " مِنْهُ" يعود للحديث ، والمعنى تقشعر من ذكر الحديث {جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ}والمعنى : إنّ المؤمنين إذا سمعوا قصص الأمم الماضية التي كذّبت الرسل وكيف أهلكهم الله بأنواع العذاب تقشعرّ جلودهم لذكرها وسماعها ويخافون ربّهم ويتّقون عذابه بفعل الحسنات واجتناب السيئات {ثمّ تلينُ جلودُهم وقلوبُهم إلى ذكرِ الله} لما وعدهم الله من حسن الثواب في الآخرة والنعيم في الجنة .
وقوله (وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) يعني وآتيناك القرآن الذي لم يسبق لأحدٍ من الأنبياء مثله من إيجاز في الكلام وبلاغة في المعنى وفصاحة في الألفاظ وتشريع في الأحكام وأخبار عن الماضين وأنباء عن المستقبل وأخبار عن الغيب والحاضر .
والقصص السبع هي قصة آدم ونوح وإبراهيم ولوط وإسماعيل ويعقوب ويوسف ، فهؤلاء كلهم جاؤوا قبل موسى فذكر الله قصصهم لموسى فكتبها قومه في مجموعة التوراة في سفر التكوين . وذُكرت في القرآن أيضاً ولكن على أصحّ الوجوه وأحسن القول إذ أنّ عزرا بن سرايا غيّر في توراته بعض الشيء من قصص الأنبياء متعمّداً أو ناسياً حيث بقي سبعين سنة في بابل أسيراً لم يقرأ التوراة الأصلية لأن بختنصّر ملك بابل مزّقها .
88 - وُلِدَ للنبيّ (ع) أربعة أولاد ذكور فماتوا صغاراً ، فكان إن رأى بعض أولاد المشركين يُطيل النظر إليهم ويتمنّى لو بقيَ لهُ ولدٌ في قيدِ الحياة . فنزل قوله تعالى (لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ ) أي بالولد (أَزْوَاجًا) أي الزوج والزوجة (مِّنْهُمْ) أي من المشركين (وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ ) يعني لا تحزن على أطفالك الّذينَ ماتوا ستجدهم أمامك في الجنّة وتأنس بهم وتلاعبهم خيرٌ لك من بقائهم في الدنيا فيكبروا وتبقى في الجنّة بلا أطفال يؤانِسونك (وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ ) أي اُرفقْ بهم . ومِثل هذه الآية في سورة طاها .
89 - (وَقُلْ) يا محمد للمشركين (إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ) أنذركم بالعذاب إن لم تؤمنوا .
90 - (كَمَا أَنزَلْنَا) العذاب (عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ) الذين ذبحوا ناقة صالح واقتسموا لحمها فيما بينهم
91 - ثمّ أخذ سبحانه في ذمّ المشركين من أهل مكة فقال (الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ) أي جعلوه مثل شوك العضاة يؤذيهم لأنّه يُفندّ آراءهم ويُخطّيء عقائدهم ، بينما جعله الله موعظة ورحمة لمن آمن به . فالعضاه شجر بري كثير الشوك وشوكه متين طويل فلذلك يُضرب به المثل في الأذى . ويسمّى شوكه "عضين" وجمعه "عضوات" ، ومن ذلك قول الشاعر :
تِلكَ ديارٌ تأزِمُ المآزِما ..... وعَضَواتٌ تَقطعُ اللّهازِما
فاللهزمة عظم ناتيء في اللحى تحت الأذن وهما اللهزمتان وجمعه لهازم . إنّ الشاعر يضرب المثل بهذا الشوك لصلابته يقول إنّه يقطع لهازم الدواب إذا أكلت منه .
92 - (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) ،
93 - (عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) فالكافر يُسأل سؤال توبيخ وتقريع ، والمؤمن يُسأل سؤال محاكمة ، والأنبياء يسألون عن تبليغ الرسالة ، وكلُّ راعٍ مسؤول عن رعيته .
كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |