كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
103 - (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ) أي اليهود (يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ) أي يعلّم محمداً التوراة فلّما درسها إدّعى النبوة . فردّ الله عليهم قولهم فقال (لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ) أي ينكرون حكم الصيام إلى القرآن إذ جاء به قول الله تعالى {وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} ، والتوراة لسان (أَعْجَمِيٌّ) أي لغة عبرية فكيف يفهم محمد اللغة العبرية لكي يدرس التوراة ؟ (وَهَـٰذَا) القرآن (لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ) ليس فيه كلمات عبرية ولا سريانيّة .
104 - (إِنَّ) الكافرين (الّذينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ ) أي بكتابهِ (لاَ يَهْدِيهِمُ اللّهُ ) إلى الإسلام (وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) في الآخرة .
105 - (إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الّذينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ ) وليس محمّد كما يزعمون (وَأُوْلـئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ ) بقولهم الأصنام تشفع لنا عند الله ، وغير ذلك من الأكاذيب والافتراءات .
106 - (مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ ) وارتدّ عن دين الإسلام فعليهِ غضبٌ من الله (إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ ) على الكفر فكفرَ تقيّةً لئلاّ يُقتَل (وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ ) أي ثابتٌ على إيمانهِ ومُعتقدٌ بهِ فلا إثمَ عليهِ من كلمة الكفر إن كانت تقيّةً خوف القتل (وَلَـكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا ) أي اتّسَعَ قلبُهُ للكفر وطابت نفسُهُ بهِ (فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ ) في الآخرِة (عَذَابٌ عَظِيمٌ ) .
107 - (ذَلِكَ) العذاب جزاؤهم (بِأَنَّهُمُ) أي بسبب أنّهم (اسْتَحَبُّواْ) أي آثروا (الْحَيَاةَ الْدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ) إلى طريق الجنّة .
108 - (أُولَـئِكَ الّذينَ طَبَعَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ ) بالرّين بسبب نفاقهم (وَسَمْعِهِمْ) بالصمم (وَأَبْصَارِهِمْ) بالعمى (وَأُولَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ) عن ذكر ربّهم . ومن ذلك قوله تعالى في سورة الكهف { وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ } .
109 - (لاَ جَرَمَ ) أي لا شكّ ولا ريبَ ، وقد سبق معناها في سورة هود وفي هذه السورة أيضاً (أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرونَ ) لأنّهم خسِروا الجنّة ونعيمها .
110 - (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُواْ ) من مكّة إلى المدينة ولحقوا بالنبيّ (مِن بَعْدِ مَا فُتِنُواْ ) أي من بعد ما عُذّبوا (ثُمَّ جَاهَدُواْ ) مع النبيّ (وَصَبَرُواْ) على الدين والجهاد (إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا ) أي من بعدِ كلمة الكفر (لَغَفُورٌ) لهم (رَّحِيمٌ) بهم .
111 - (يَوْمَ) يموت الإنسان (تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ ) إلى عالم الفوس (تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا ) أي تجادل من أغواها ودعاها إلى الإشراك والكفر فتقول لهم لولا أنتم لكنّا مُسلمين (وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ ) من حسنات أو سيّئات ، يعني تستوفي جزاءها (وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ) في الجزاء بزيادةٍ أو نقصان .
112 - (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا) لأهل مكة (قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً) من الأعداء لا يعتدي على أهلها أحد (مُّطْمَئِنَّةً) من كل غاصب معتدٍ (يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ) كما كفر أهل مكة (فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) من تماثيل فيعبدونها . وهم أهل سبأ هدّم الله سدّهم "سد مأرب" فذهبت مياههم ويبست أشجارهم وجدبت أرضهم وقلّ زرعهم فأصابهم الجوع ، وألقى بينهم العداوة فتفرقوا وتشتتوا .
113 - (وَلَقَدْ جَاءهُمْ رَسُولٌ مِّنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ ) . ضرب الله مثَلاً لأهل مكّة بقرية سبأ باليمن وكيف كان أهلها آمنين مُطمئنّين يأتيهم رزقهم من كلّ مكان ولَمّا أرسل الله لهم رسولاً كذّبوهُ وآذَوهُ فأذلّهم الله بالجوع والمرض وشتّتهم في البلاد ، فكذلك أهل مكّة كانوا آمنين مُطمئنّين يأتيهم رزقهم من كلّ مكان فلمّا أرسل الله لهم محمّداً كذّبوهُ وآذَوهُ فإن لم يتركوا أذاهُ ويؤمنوا بهِ يُذلّهم الله ويُشتّتهم كما شتّتَ أهل سبأ . قال الله تعالى في قِصّتهم [ في سورة سبأ] {فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ } .
114 - ثمّ خاطب المسلمين فقال تعالى (فَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ ) من الأنعام (حَلالاً طَيِّبًا ) لا تُحرّموا على أنفسكم شيئاً منها كما يفعل المشركون (وَاشْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ) .
115 - (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالْدَّمَ وَلَحْمَ الْخَنزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ ) أي وما ذُبِحَ لغير الله فأكلهُ حرام (فَمَنِ اضْطُرَّ ) إلى أكل بعض هذه المحرّمات من اللّحوم (غَيْرَ بَاغٍ ) اللّذة في الأكل (وَلاَ عَادٍ ) أي غير مُتعدّ بذلك حدود الله (فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) وقد سبق تفسير مثل هذه الآية في سورة البقرة.
116 - (وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَـذَا حَلاَلٌ وَهَـذَا حَرَامٌ ) أي لا تقولوا لِما حلّلتموهُ بأنفسكم مثل الميتةِ هذا حلال ، ولِما حرّمتموهُ مثل السائبة هذا حرام (لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ ) في إضافة التحريم إليهِ (إِنَّ الّذينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ ) أي لا ينجون من العذاب ولا ينالون خيراً في الآخرة .
117 - (مَتَاعٌ قَلِيلٌ ) يتمتّعون بهِ في الدنيا ثمّ يموتون (وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) في الآخرة .
------------------------------------كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |