كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
110 - (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُواْ ) من مكّة إلى المدينة ولحقوا بالنبيّ (مِن بَعْدِ مَا فُتِنُواْ ) أي من بعد ما عُذّبوا (ثُمَّ جَاهَدُواْ ) مع النبيّ (وَصَبَرُواْ) على الدين والجهاد (إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا ) أي من بعدِ كلمة الكفر (لَغَفُورٌ) لهم (رَّحِيمٌ) بهم .
111 - (يَوْمَ) يموت الإنسان (تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ ) إلى عالم الفوس (تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا ) أي تجادل من أغواها ودعاها إلى الإشراك والكفر فتقول لهم لولا أنتم لكنّا مُسلمين (وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ ) من حسنات أو سيّئات ، يعني تستوفي جزاءها (وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ) في الجزاء بزيادةٍ أو نقصان .
112 - (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا) لأهل مكة (قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً) من الأعداء لا يعتدي على أهلها أحد (مُّطْمَئِنَّةً) من كل غاصب معتدٍ (يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ) كما كفر أهل مكة (فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) من تماثيل فيعبدونها . وهم أهل سبأ هدّم الله سدّهم "سد مأرب" فذهبت مياههم ويبست أشجارهم وجدبت أرضهم وقلّ زرعهم فأصابهم الجوع ، وألقى بينهم العداوة فتفرقوا وتشتتوا .
113 - (وَلَقَدْ جَاءهُمْ رَسُولٌ مِّنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ ) . ضرب الله مثَلاً لأهل مكّة بقرية سبأ باليمن وكيف كان أهلها آمنين مُطمئنّين يأتيهم رزقهم من كلّ مكان ولَمّا أرسل الله لهم رسولاً كذّبوهُ وآذَوهُ فأذلّهم الله بالجوع والمرض وشتّتهم في البلاد ، فكذلك أهل مكّة كانوا آمنين مُطمئنّين يأتيهم رزقهم من كلّ مكان فلمّا أرسل الله لهم محمّداً كذّبوهُ وآذَوهُ فإن لم يتركوا أذاهُ ويؤمنوا بهِ يُذلّهم الله ويُشتّتهم كما شتّتَ أهل سبأ . قال الله تعالى في قِصّتهم [ في سورة سبأ] {فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ } .
114 - ثمّ خاطب المسلمين فقال تعالى (فَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ ) من الأنعام (حَلالاً طَيِّبًا ) لا تُحرّموا على أنفسكم شيئاً منها كما يفعل المشركون (وَاشْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ) .
115 - (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالْدَّمَ وَلَحْمَ الْخَنزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ ) أي وما ذُبِحَ لغير الله فأكلهُ حرام (فَمَنِ اضْطُرَّ ) إلى أكل بعض هذه المحرّمات من اللّحوم (غَيْرَ بَاغٍ ) اللّذة في الأكل (وَلاَ عَادٍ ) أي غير مُتعدّ بذلك حدود الله (فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) وقد سبق تفسير مثل هذه الآية في سورة البقرة.
116 - (وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَـذَا حَلاَلٌ وَهَـذَا حَرَامٌ ) أي لا تقولوا لِما حلّلتموهُ بأنفسكم مثل الميتةِ هذا حلال ، ولِما حرّمتموهُ مثل السائبة هذا حرام (لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ ) في إضافة التحريم إليهِ (إِنَّ الّذينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ ) أي لا ينجون من العذاب ولا ينالون خيراً في الآخرة .
117 - (مَتَاعٌ قَلِيلٌ ) يتمتّعون بهِ في الدنيا ثمّ يموتون (وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) في الآخرة .
118 - (وَعَلَى الّذينَ هَادُواْ ) أي اليهود (حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِن قَبْلُ ) هذهِ الآية ، وذلك ما جاء في قوله تعالى سورة الأنعام {وَعَلَى الّذينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ .. إلى آخر الآية} ، وكذلك الميتة والدم ولحم الخنزير مُحرّم عليهم (وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ ) بتحريم ذلك عليهم (وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) بالعصيان والكفر بنِعم الله . ثمّ ذكر التائبين فقال الله تعالى :
119 - (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ ) لغفّارٌ (لِلَّذِينَ عَمِلُواْ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ) أي يجهلون عواقبها (ثُمَّ تَابُواْ ) عن المعصية (مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُواْ ) أعمالهم (إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ) .
120 - (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً ) أي كان إماماً للهُدى يقتدي به أولاده وذرّيّته ومن تبعه من المؤمنين ، والدليل على ذلك في سورة البقرة [قوله تعالى] {قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي } ، (قَانِتًا لِلّهِ ) أي مُنقطِعاً لله في الطاعة والعبادة (حَنِيفًا) أي موحّداً (وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) .
121 - (شَاكِرًا لِّأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ ) أي اختارهُ الله للنبوّة لحُسنِ سريرتهِ وطيب أخلاقهِ (وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) يعني إلى طريق الحقّ طريق التوحيد .
122 - (وَآتَيْنَاهُ فِي الْدُّنْيَا حَسَنَةً ) أي نِعمةً من المال والأولاد والجاه (وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ) في المكان وحُسن الحال ، يعني كما أصلحنا أحوالهُ في الدنيا كذلك أصلحنا أحوالهُ في الآخرة وأعطيناهُ المنزلة الرفيعة .
123 - (ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ) يا محمّد (أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ ) أي شريعتهُ (حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) .
124 - سأل النبيّ (ع) أحد أصحابه عن يوم الاستراحة في الاُسبوع فقال الجمعة ، فقال الصحابي إنّ اليهود يجعلونهُ يوم السبت ، فنزلت هذه الآية (إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الّذينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ ) والمعنى : إنّما جُعِلَ حُكم السبت بالقعود عن العمل وترك البيع والشراء وتحريم الصيد فيهِ على بني إسرائيل امتحاناً لهم لنرى هل يمتثلون أوامرنا أم يُخالفون ، وبذلك الامتحان وجدنا أكثرهم خالفوا أمر الله ، وذلك قوله تعالى (اخْتَلَفُواْ فِيهِ ) ، يعني خالفوا ما أمرهم الله بهِ من ترك البيع والشراء والصيد وغير ذلك (وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ) يعني فيما خالَفوا أمرَ الله فباعُوا وشرَوا وصادوا السمك في سبتِهِم .
------------------------------------كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |