كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
24 - (وَإِذَا قِيلَ لَهُم ) أي للمشركين (مَّاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ ) على محمّد من الوحي (قَالُواْ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ ) أي أحاديث الأوّلين المسطورة في الكتب الّتي لا صِحّةَ لها .
25 - فقال الله تعالى (لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ ) أي ذنوبهم (كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) لا ينقصُ منها شيء مهما استغفروا لهم أولادهم (وَمِنْ أَوْزَارِ الّذينَ يُضِلُّونَهُم ) يعني ويحملون أوزاراً اُخرى بسبب الّذينَ يُضلّونهم عن الحقّ (بِغَيْرِ عِلْمٍ ) أي جاهلين العاقبة (أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ ) يعني ساءت أحمالهم الّتي أعدّوها ليوم القيامة .
26 - (قَدْ مَكَرَ الّذينَ مِن قَبْلِهِمْ ) مِثل مكرهم ، أي من قبل هؤلاء المشركين مكروا بأنبيائهم وكذّبوهم ، وهم الرّهط من قوم صالح الّذينَ تشاوروا على قتلهِ ليلاً (فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ ) يعني فهدّم الله بُنيانهم من الاُسُس ، وذلك بأن زلزل الأرض بهم وهم جلوس في بيتٍ يتشاورون على قتل النبيّ صالح (فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ ) وماتوا تحته (وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ ) أي أتاهم الزلزال من تحتهم فلم يشعروا إلاّ وبيتهم يتهدّم فوق رؤوسهم . وأمّا قصّة هؤلاء الرهط فقد جاء ذكرهم في سورة النمل وذلك قوله تعالى {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ . قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثمّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ . وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ } .
27 - (ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ ) أمام المجتمَع (وَيَقُولُ) الملَك الموكّل بتعذيبهم (أَيْنَ شُرَكَآئِيَ ) الّذينَ كنتم تُشركونهم مع الله في العبادة178 و (الّذينَ كُنتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ ) أي كنتم تُعادون المؤمنين فيهم وتُدافعون عنهم (قَالَ الّذينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ ) يعني قال الأنبياء (إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالْسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ ) وإنّما جاء على الماضي (قَالَ الّذينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ ) ، يعني وقد قالت لهم أنبياؤهم ذلك في الماضي في حياتهم المادّية ولكنّهم لم يسمعوا لقولهم ولم يعملوا بأمرهم .
28 - (الّذينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ) أي تقبض نفوسهم من أجسامهم (ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ ) بعبادة الأوثان والأصنام (فَأَلْقَوُاْ السَّلَمَ ) حينئذٍ ، أي استسلموا للحقّ وانقادوا حين لا ينفعهم الانقياد والإذعان وقالوا (مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ ) باعتقادنا ، فتردّ عليهم الملائكة وتقول لهم (بَلَى) أعمالكم سيئة (إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) في الدنيا من الكفرِ والإشراك .
29 - (فَادْخُلُواْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ ) مثواكم أي منزلكم .
30 - لَمّا قدّم الله سُبحانهُ أقوال الكافرين فيما أنزلهُ على رسولهِ عقّبهُ بذكر أقوال المؤمنين في ذلك فقال (وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْاْ ) يعني قال المشركون للمؤمنين (مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ ) على نبيّكم (قَالُواْ خَيْرًا ) أي أنزل الله خيراً لنا ، ثمّ قال الله تعالى (لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ ) في الدنيا (وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ ) من دار الدنيا (وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ ) أي والآخِرة نِعمَ الدار للمتّقين .
31 - ثمّ أخذَ سُبحانهُ يصفُ تلك الدار الّتي يدخلونها ويقيمون فيها فقال (جَنَّاتُ عَدْنٍ ) أي سبع في العدد (يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَآؤُونَ ) من مأكلٍ ومشرب وملبس وأزواج مُطهّرة (كَذَلِكَ يَجْزِي اللّهُ الْمُتَّقِينَ ) .
32 - (الّذينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ طَيِّبِينَ ) أي قلوبهم طاهرة من الحسَد والدجَل والكذِب والرِياء والنِفاق ، ومِثلها في المعنى في سورة الشعراء قولهُ تعالى {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ ، إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } ، (يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) في دار الدنيا من أعمال صالحة .
33 - (هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ) يعني هل ينتظر هؤلاء المشركون إلّا أن تأتيهم ملائكة الموت فتقبض نفوسهم من أجسامهم فحينئذٍ يؤمنون حين لا ينفعهم الإيمان (أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ) بالنصر للمؤمنين على المشركين فيُقهَرون ، فما هذا العناد وما هذا التعنت (كَذَٰلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ) مثل فعلهم فكذّبوا رسُلنا وآذَوهم فأهلكناهم بذنوبهم (وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَـٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) .
34 - (فَأَصَابَهُمْ) يعني فأصاب الّذينَ من قبلهم (سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُواْ ) في دار الدنيا من أعمال سيئة وتكذيب للرُسُل (وَحَاقَ بِهِم ) أي وأحاط بهم العذاب في الآخرة (مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ ) يعني الّذي كانوا بوعد العذاب ووقوعهِ يستهزئون ويُكذّبون .
35 - (وَقَالَ الّذينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَاء اللّهُ مَا عَبَدْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ نَّحْنُ وَلا آبَاؤُنَا ) يعني لو أمرنا الله أن نترك عبادتهم لتركناها ولكنّ الله شرّفهم وأمرنا بعبادتهم وهم شفعاؤنا عند الله (وَلاَ حَرَّمْنَا مِن دُونِهِ ) أي من غير أمرِه (مِن شَيْءٍ ) مِمّا حرّمناهُ ولكن اللهَ حرّمهُ علينا فحرّمناهُ (كَذَلِكَ فَعَلَ الّذينَ مِن قَبْلِهِمْ ) وقالوا مِثل قولهم ، وإنّما قالوا ذلك لأنّهم وجدوا آباءهم سائرين على هذا المنهج فظنّوا أنّ الله أمرَ آباءهم بهِ فسلكوه وساروا عليهِ ولذا قالوا (لَوْ شَاء اللّهُ مَا عَبَدْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ نَّحْنُ وَلا آبَاؤُنَا ) ، فقال الله تعالى (فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ ) والمعنى : قد أبلَغَتْكم رُسُلنا وأنذَرَتكم فليس لكم عذرٌ بعد هذا .
------------------------------------178 :كلّ آية يأتي فيها كلمة "شُركائي" فهيَ من قول الملَك الموكّل بتعذيبهم ، لأنّهم كانوا يعبدون الملائكة ويقولون هي بنات الله . فالملائكة شُركاء في العمل وفي الجنّة ، والشاهد على ذلك قوله تعالى في سورة فُصّلت {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي قَالُوا آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِن شَهِيدٍ } فكلمة " آذنّاك" يعني أعلمناك ، والمخاطَب بذلك الملَك الموكّل بتعذيبهم .كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |