كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
49 - (وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ ) الغازيّة من نجم ونيازك وشُهُب ، والدليل على ذلك قوله تعالى في سورة الرحمن {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ } ، وسُجود النجم سُقوطهُ (وَمَا فِي الأَرْضِ مِن دَآبَّةٍ ) تدبّ عليها من حيوانات مُنقادين للغريزة الّتي ركّبها الله تعالى فيهم (وَالْمَلآئِكَةُ) يسجدون للهِ ومنقادون لأوامره (وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ ) عن عبادتهِ .
50 - (يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ ) لأنّ الملائكة تسكن السّماوات الأثيريّة السبع ، والعرش فوقهم ، ولذلك قال تعالى (مِّن فَوْقِهِمْ ) ، (وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) أي يفعلون ما يأمرهم الله بهِ ولا يعصونه في شيء .
51 - (وَقَالَ اللّهُ لاَ تَتَّخِذُواْ إِلـهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلهٌ وَاحِدٌ فَإيَّايَ فَارْهَبُونِ ) أي خافوني ولا تخافوا غيري .
52 - (وَلَهُ مَا فِي الْسَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ) مُلكاً وعبيداً (وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا ) ، "الوصَب" بفتح الصاد هو المرض وجمعهُ أوصاب ، ومن ذلك قول الأعشى :
تَقولُ بِنْتِي وقدْ قَرَّبْتُ مُرْتَحَلاً يا رَبِّ جنِّبْ أبِي الأوْصَابَ والوَجَعَا
وقال أيضاً :
بانَتْ سُعادُ وَأَمسَى حَبلُها رابا وَأَحدَثَ النَأيُ لي شَوقاً وَأَوصابا
و"الوصِب" بكسر الصاد آخِر المرض وآخِر الشِدّة وآخِر التعب ، ومن ذلك قول أبي الأسود :
لا تبْتَغِي الحَمْدَ القَلِيلَ بَقاؤُهُ يَوْما بِذَمّ الدَّهْرِ أجمَعَ وَاصِبَا
يعني لا تبتغِ حمداً على عملٍ يحمدوك بهِ اليوم وغداً يذمّوك بهِ ، وقال مليح :
تَنَبَّهْ لِبَرْقٍ آخِرَ اللّيل مُوصِبٍ رَفِيعِ السَّنا يبْدُوْ لَنَا ثُمَّ يَنْضُبُ
وقال حسّان :
غَيَّرَتْهُ الرِّيحُ تَسْفِي بِهِ وَهَزِيمٌ رَعْدُهُ واصِبُ
يعني رعدهُ مُتأخّر . فقوله تعالى (وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا ) أي لهُ الإذعان والانقياد أخيراً ، يعني إن لم يُذعِنوا في الدنيا فسيُذعِنون في الآخرة (أَفَغَيْرَ اللّهِ تَتَّقُونَ ) أي تحذرون ، والمعنى : تحذرون من المخلوقين وتخافونهم ولا تحذرون عِقاب الله وأخيراً تُذعِنون لهُ . ومِمّا يؤيّد هذا قوله تعالى في سورة الصافّات {دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ } أي عذابٌ آخَر .
53 - (وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ) أنعمَ بها عليكم (ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ ) يعني إليهِ تصرخون ولهُ تدعون ليُنقذكم من الشدائد ، والمعنى : وقت الشِدّة تدعون الله وتشكون إليهِ ما بكم من ضُرّ لينقذكم منهُ ولكن وقت الرخاء تنسَونهُ وتعبدون غيره .
54 - (ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنكُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ ) فيجعلون لهُ شُركاء في العبادة .
55 - (لِيَكْفُرُواْ بِمَا آتَيْنَاهُمْ ) يعني أرادوا بالإشراك نُكران نِعمتنا عليهم ، فقالوا أتتنا هذهِ النِعم بواسطة آلهتنا وببركتها ، فقال الله تعالى (فَتَمَتَّعُواْ) بدنياكم (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ) عاقبةَ كفركم وإشراككم بربّكم .
56 - (وَيَجْعَلُونَ لِمَا لاَ يَعْلَمُونَ ) يعني يجعلون نصيباً لِشركائهم الّتي لا تعلم بفعلهم هذا ولا بالنصيب الّذي جعلوهُ لها (نَصِيبًا) أي حصّةً (مِّمَّا رَزَقْنَاهُمْ ) من الأنعام والحرث تقرّباً إليها بزعمهم ، كما ذكرها سُبحانهُ في سورة الأنعام ، وكذلك تفعل اليوم أكثر الناس فيجعلون للمشايخ والأئمّة نصيباً من أنعامهم وأملاكهم يوقفونها وقفاً لهم ولقبورهم (تَاللّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَفْتَرُونَ ) على الله من الأكاذيب بأنّ الله أكرمها وأعطاها الشفاعة فتشفع لكم عند الله بزعمكم
57 - (وَيَجْعَلُونَ لِلّهِ الْبَنَاتِ ) بزعمهم ، فقالوا الملائكة بنات الله وهي تشفع لنا عند الله (سُبْحَانَهُ) أي تنزيهاً لهُ عن اتّخاذ البنات (وَلَهُم مَّا يَشْتَهُونَ ) يعني ويُريدون لهم الأولاد ولا يُريدون البنات .
58 - (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ) بأن ولدت له زوجتهُ بنتاً (ظَلَّ) أي بقيَ (وَجْهُهُ مُسْوَدًّا ) من الخجل ، وهذا مثَل يُضرَب عند العرب في العار والخزي (وَهُوَ كَظِيمٌ ) أي ممتلئ غيظاً وحُزناً بسبب البنت الّتي وُلِدَتْ لهُ .
59 - (يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ ) أي يختفي عن قومهِ لئلاّ يرَوهُ حياءً منهم وخجلاً (أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ ) يعني يُشاور نفسهُ أيُمسكها في بيتهِ على ذلّ وهوان الّذي أصابهُ بسببها أم يدسّها في التراب فتموت ويرتاح من عارها ، وهذا يُسمّى عندهم "الوأد" الّذي كان من عادة بعض القبائل فيحفرُ حُفرَةً في الأرض ويدفه بنتهُ وهيَ حيّة خوف العار (أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ ) يعني ساءَ الحُكم حُكمهم هذا بأن يجعلون لأنفسهم ما يشتهون وللهِ ما يكرهون . ثمّ قال تعالى :
60 - (لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ ) أي لهم سواد الوجه والخزي في الآخرة ، وهو المثَل الّذي ضربهُ لهم بقولهِ {ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ } ، (وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَىَ ) وهو العِزّة والسُلطان ، فالمثَل الأعلى الّذي يُضرَب بين الناس في العِزّةِ يقولون "عزيزٌ كأنّه سُلطان" ، (وَهُوَ الْعَزِيزُ ) في سُلطانهِ (الْحَكِيمُ) في خلقهِ .
61 - (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم ) مُعجّلاً لهم العذاب (مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ ) أي ما ترك على ظهر الأرض من دابّةٍ تدبّ عليها بل لأهلكهم جميعاً (وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ ) أي يؤخّرُ عِقابهم (إلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ) يعني إلى وقتِ مماتهم فيُعاقبهم في عالم النفوس (فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ ) بالموت (لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ) عنهُ (وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ ) يعني لا يتمكّن أحد أن يؤخّر مماتهم ساعةً واحدة ولا يُقدّمها ساعة .
------------------------------------كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |