كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
77 - (وَلِلّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ) فأخبرناكَ يا محمّد بما غابَ عنك عِلمهُ من قِصّة السامري وهارون وغيرهما ، فالسماوات والأرض يُريد بها الكواكب السيّارة ومن جملتها الأرض . ثمّ بيّنَ سُبحانهُ قدرتهُ على خرابهما بدقيقةٍ واحدة فقال (وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ ) أي ساعة موت الإنسان (إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ ) في سُرعتهِ (أَوْ هُوَ أَقْرَبُ ) من ذلك (إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )
78 - (وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) الأسماع من حواسّ النفوس مُفردها سمع ، والأبصار عيون النفوس مُفردها بصر ، والأفئدة قلوب النفوس مُفردها فؤاد ، والمعنى : بعد خروجكم من بطون اُمّهاتكم جعلنا لأرواحكم أسماعاً وأبصاراً وافئدةً ، لأنّ النفس تتكوّن داخل الجسم فتدخل ذرّات الأثير في مسامات الجسم فتبني داخله هيكلاً أثيريّاً يشبهُ الجسم تمام الشبه ، فاليد يتكوّن داخلها يدٌ أثيريّة والعين يتكوّن داخلها عين أثيريّة والاُذن يتكوّن داخلها اُذنٌ أثيريّة ، وهكذا كلّ أعضاء الجسم وحواسّه ، ولكنّ حواسّ النفس تُسمّى سمع وبصر وفؤاد ، قال الله تعالى في سورة الإسراء {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً } ، وهذه الثلاثة من حواسّ النفس ، والمعنى : إنّ النفوس تُسأل عمّا عملت من خير أو شرّ لا الأجسام .
79 - (أَلَمْ يَرَوْاْ ) أهل مكّة (إِلَى الطَّيْرِ ) الّتي رمت أصحاب الفيل بالحجارة (مُسَخَّرَاتٍ) بأمرنا طائراتٍ (فِي جَوِّ السَّمَاء مَا يُمْسِكُهُنَّ ) عن قذفهم بالحجارة (إِلاَّ اللّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ ) القصف لأصحاب الفيل (لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) بوقوعها ونظير هذه الآية في سورة الملْك آية 19 .
80 - (وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا ) أي موضعاً تسكنون فيهِ بأن خلقَ لكم الموادّ الإنشائيّة لبناء البيوت (وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتًا ) وهي المنسوجة من شعرِ المعز (تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ ) أي يوم ارتحالكم من مكانٍ إلى مكانٍ آخر ليسهل عليكم حملها (وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ ) تنصبونها بسهولة (وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا ) يعني من صوف الغنم ووبر الإبل وشعر المعز تتّخذون (أَثَاثًا) للبيت كالبُسُط والأفرشة والمخادّ [أو الوسائد ] والأكياس للحمل (وَمَتَاعًا) تتمتّعون بهِ في اللّباس والفرو ، أي تتّخذون منها ألبِسةً لكم (إِلَى حِينٍ ) مماتكم وانتقالكم إلى عالم النفوس .
81 - (وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّمَّا خَلَقَ ظِلاَلاً ) عن الشمس ، أي أشياء تستظلّون بها عن حرارة الشمس كالجبال والأبنية والأشجار (وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا ) ، "الكنّ" إسمٌ لكلّ بيتٍ صغير كالبيت الّذي يوضَع فيه الدجاجة أو الطيور ، وجمعهُ أكنان وأكنّة ، والمعنى : جعل لكم من الجبال كهوفاً ومغاراتٍ تأوونَ إليها عند الحاجة والضيق والسفر (وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ ) أي ألبسة (تَقِيكُمُ الْحَرَّ ) والبردَ ، وإنّما لم يذكر البرد في هذهِ الآية لأنّهُ سبق في الآية المتقدّمة بقوله (أَثَاثًا وَمَتَاعًا ) وهيَ الفرو الّتي تُتّخَذ من جلود الغنم وغيرها فتمنعهم البرد في الشتاء (وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ ) أي وجعل لكم ألبسة حديديّة تقيكم القتل تلبسونها وقت الحرب والقتال وهيَ الدروع (كَذَلِكَ) أي كما أعطاكم هذهِ النِعم في الماضي كذلك (يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ ) في المستقبل إن آمنتم برسولي وتركتم عبادة الأوثان ، وقد بيّنّا لكم الآيات (لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ ) وتنقادون للحقّ
82 - (فَإِن تَوَلَّوْاْ ) عنك يا محمّد ولم يسمعوا لقولك (فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ ) وعلينا الحساب العسير .
83 - (يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا ) يعني يعرفون كلّ النِعم من الله ثمّ يقولون جاءتنا ببركة الأصنام وبواسطتها ، ولا يقولون بفضل الله علينا . وكذلك اليوم أكثر الناس يقولون إنّما يرزقنا الله ويعطينا ببركة قبور الأئمّة والمشايخ ولولاها لهلكنا (وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ ) لنِعم الله عليهم ، وهم الّذينَ يقولون ما أصابنا من المال فهو من علمنا بالتجارة والصناعة وليس من الله .
84 - (وَيَوْمَ) القيامة (نَبْعَثُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ) يشهد عليهم بكفرهم وإشراكهم ، والشاهد هو رسُولهم والملائكة الحَفَظَة أيضاً تشهد عليهم (ثُمَّ لاَ يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ ) بالكلام ، أي لا يستمعون لهم ليعتذروا (وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ ) أي لا يُسترضَون ولا يُستَصلَحون ، يعني لا يُطلَب منهم أن يُصلِحوا أعمالهم هناك لأنّ الآخرة ليست بدار تكليف بل دار حساب وعقاب ، ومن ذلك قول حسين بن الضحّاك :
غَضِبَتْ أَنْ زُرْتُ اُخرى خِلْسَةً فَلَهَا العُتْبَى لَدَيْنَا والرِّضَا
يا فَدَتْكِ النَّفْسُ كانَتْ هَفْوَةً فَاغْفِرِيْهَا واصْفَحِي عَمَّا مَضَى
85 - (وَإِذَا رَأى الّذينَ ظَلَمُواْ الْعَذَابَ ) ندِموا وعضّوا على أيديهم وتمنّوا لو كانوا مُسلمين (فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ ) العذاب (وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ ) يعني ولا يُمهَلون إلى وقتٍ آخر .
86 - (وَإِذَا رَأى الّذينَ أَشْرَكُواْ شُرَكَاءهُمْ ) الّذينَ كانوا يعبدونهم في الدنيا كالملائكة والمسيح والمشايخ (قَالُواْ) المشركون (رَبَّنَا هَـؤُلاء شُرَكَآؤُنَا الّذينَ كُنَّا نَدْعُوْ مِن دُونِكَ ) في دار الدنيا (فَألْقَوْا) الملائكة والمشايخ والأئمّة (إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ ) أي ردّوا عليهم القول فقالوا (إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ ) فيما تقولون فإنّنا لم ندعُكم إلى عبادتنا ولم نأمركم بتقديس قبورنا بل أمرناكم بعبادةِ ربّكم وحدهُ وأكّدنا لكم على ذلك ولكنّكم غيّرتم دِينكم وبدّلتم بهوى أنفسكم فلا تتّهمونا بجرائمكم .
------------------------------------كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |