كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
15 - (مَّنِ اهْتَدَى ) إلى طريق الحقّ (فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ ) يعني فالنفع في ذلك يعودُ عليهِ (وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ) يعني ضرر ضلاله راجع إلى نفسهِ (وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ اُخرى ) يعني لا يحمل أحدٌ ذنب غيره (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ ) قوماً بعذاب الاستئصال (حَتَّى نَبْعَثَ ) فيهم (رَسُولاً) يُنذرهم عن عبادة الأوثان ويدعوهم إلى إطاعة الرحمان ، فإن لم يسمعوا لقولهِ ولم يعملوا بأمره أهلكناهم بذنوبهم .
16 - (وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً) من القرى بسبب ظلمهم وكفرهم (أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا) أي أمرّنا مترفيها ، وهو من الإمرة وليس من الأمر الذي هو ضد النهي ، والمعنى : جعلنا مترفيها أمراء على ساكنيها (فَفَسَقُوا فِيهَا) أي في تلك القرية ووقعت العداوة بين أمرائها فتقاتلوا (فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ) بالعذاب والدمار (فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا) .
17 - (وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ ) أي من القرون الماضية ، والقرن مائة سنة ، وكلّ رئيس يُسمّى قرن (مِن بَعْدِ نُوحٍ ) بسبب تكذيبهم للرُسُل (وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيرًا ) فيعاقبهم عليها لا يفوتهُ شيء منها .
18 - (مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ ) أي النِعم العاجلة مُكافأةً لأعماله ، يعني يريد الدنيا (عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ ) أي نُعطيهِ من المال والأولاد غير ذلك وليس لهُ في الآخرة من نصيب ، ولكن (لِمَن نُّرِيدُ ) أي نُعطي الدنيا ونُعجّل لهُ في العطاء لمن نُريد أن نُعذّبهُ في الآخرة بسبب نفاقهِ وسوء أخلاقهِ وظُلمهِ للناس (ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا ) أي يُعذّب بنارها (مَذْمُومًا) بين النفوس (مَّدْحُورًا) من قَبَل ملائكة العذاب ، أي مدفوعاً إلى النار . ومِثلها في سورة الزمر قوله تعالى {وَسِيقَ الّذينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا } .
19 - (وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ ) أي ومن أراد نعيم الآخرة (وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا ) يعني وعملَ الأعمال الصالحة وأطاع الله في أوامرِه (وَهُوَ مُؤْمِنٌ ) بالله وبرُسُلهِ (فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا ) يعني سعيهم مقبول وأجرهم موفور .
20 - (كُلاًّ نُّمِدُّ هَـؤُلاء وَهَـؤُلاء ) يعني كلّاً من الفريقين الكافرين والمؤمنين نمدّهم بالخيرات ولكن الكافر نُعطيه في الدنيا ، والمؤمن نُعطيه في الدنيا ونزيده في الآخرة (مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُورًا ) أي محصورا ، يعني عطاؤهُ في الدنيا عامّ للكافرين والمؤمنين ، ولكن في الآخرة خاصّ للمؤمنين .
21 - (انظُرْ) يا محمّد (كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ) بالرزق ، فجعلنا بعضهم أغنياء وبعضهم فقراء وبعضهم موالي وبعضهم عبيداً ، كذلك في الآخرة (وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ ) للمؤمنين (وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً ) من مراتب الدنيا ، فينبغي أن تكون رغبتهم في الآخرة وسعيهم لها أكثر مِمّا يسعَون لدنياهم لينالوا الدرجات الرفيعة والمقام المحمود في الجنان العالية .
22 - (لاَّ تَجْعَل مَعَ اللّهِ إِلَـهًا آخَرَ ) أيّها الإنسان (فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا ) في الآخرة بين النفوس (مَّخْذُولاً) بين الشياطين . قال الله تعالى في سورة الفرقان {وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا } ، يعني : تبقَى حقيراً ذليلاً لا مُساعد لك ولا ناصر ينصرك ويُخلّصك من عذاب الله .
23 - (وَقَضَى رَبُّكَ ) أي وحكم ربّك حُكماً قطعيّاً ، ومن ذلك قول عنترة :
جارُوا فَحَكَّمْنا الصَّوارِمَ بَيْنَنا فَقَضَتْ وأَطْرافُ الرِّماحِ شُهُودُ
(أَلاَّ تَعْبُدُواْ ) أحداً (إِلاَّ إِيَّاهُ ) وحدهُ ، يعني لا تعبدوا غيرهُ (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ) يعني وحكم أيضاً أن تُحسِنوا مع الوالدينِ إحساناً (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ ) يعني كبر السنّ بطول العُمر (أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ ) وهي كلمة تضجّر ، والمعنى : لا تؤذِهِما بقليل ولا بكثير ولا بالكلام (وَلاَ تَنْهَرْهُمَا ) أي ولا تزجرهما بكلمةٍ غليظة ولا صياح (وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا ) أي وخاطبهما بكلامٍ رقيق جميل بتأدّب يكون فيهِ كرامة لهما .
24 - (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ ) أي وبالغ في التواضع والخضوع لهما قولاً وفعلاً بِرّاً بهما وشفقةً عليهما (وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ) يعني اُدعُ لهما بالمغفرة والرحمة في حياتهما وبعد مماتهما جزاءً لتربيتهما إيّاك .
25 - (رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ ) أي بما تضمرونهُ من البِرّ لهما أو العُقوق (إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ ) في أعمالكم طائعين لله فيما أمركم (فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا ) أي للتائبين النادمين الراجعين إلى بِرّ الوالدَين غفوراً ، فالأوّابين يعني الراجعين ، ومن ذلك قول كعب بن سعد :
بِعَيْنّي أَوْ يُمَنَى يَدَيّ وقِيْلَ لِي هُوَ الغَانِمُ الجَذْلاَنُ يَوْمَ يَؤُوْبُ
يعني حين يرجعُ .
26 - (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ ) يعني أعطِ الفقراء من أقربائك حقّهم من الغنيمة والفَيء ، وذلك من قوله تعالى في سورة الأنفال {وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى } ، (وَالْمِسْكِينَ) أي وأعطِ الفقير حقّهُ الّذي أوجبهُ الله لهُ من الزكاة (وَابْنَ السَّبِيلِ) أي المسافر المنقطع أيضاً أعطِهِ حقّهُ (وَلاَ تُبَذِّرْ ) المال (تَبْذِيرًا) في الأرض . "التبذير" هو المال الّذي يتلف ويذهب فلا يستفيد منهُ أحد ، و"الإسراف" في الشيء تبذير ، والمال الّذي يُنفق في الباطل والحرام تبذير ومعصية .
------------------------------------كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |