كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
34 - (وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ) سبق تفسيرها في سورة الأنعام في آية 152 ، (وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ ) إذا عاهدتم (إِنَّ) صاحب (الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً ) عنهُ .
35 - (وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ ) للناس (وَزِنُواْ) إذا وزنتم (بِالقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ) أي بالعِيار المتقَن الثابت الّذي لا زيادة فيهِ ولا نُقصان . "القسطاس" هو الحدائد الّتي توضَع في كفّةِ الميزان مُقابلها الشيء المراد وزنهُ ، والشاهد على ذلك قول النابغة الذبياني :
تَخِفُّ الأرضُ إن تَفقِدكَ يوْماً وتَبقَى ما بَقيتَ بها ثَقيلا
لأنّكَ موضِعُ القُسطاسِ منها فَتمنَعُ جانِبَيْها أنْ تَمِيلا
(ذَلِكَ) الوفاءُ بالكيل والوزنُ بالعدل بلا نقصان (خَيْرٌ) لكم في الدنيا عند الناس لأنّه يكسب إسم الأمانة وتزداد عليهِ الناس بالشراء (وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ) أي وأحسن تبياناً على أمانتهِ فيحسُن حاله ويزداد ماله وينتشر صيته بين الناس بالأمانة . وقد سبق معنى "التأويل" في سورة الأعراف .
36 - (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ) . "التقفّي" هو اتّباع أقفية الناس ، ومن ذلك قول الأعشى :
يقُلنَ حَيَاةٌ بَعْدَ مَوْتِكَ مُرَّةٌ وهُنَّ إذا قَفَّيْنَ عَنْكَ ذَواهِلُ
والمعنى : لا تتّبعْ أيّها الإنسان أدبار الناس وتكشف عوراتهم بل استر عورة أخيك المسلِم ولا تفضحْهُ ، ونظيرها في سورة الحجرات قوله تعالى {وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا } ، (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ) . السمع والبصر والفؤاد كلّها من حواسّ النفس ، والمعنى : تُسأل النفس يوم القيامة لا الجسم . وقد شرحتُ هذا البحث في كتابي الإنسان بعد الموت .
37 - (وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا ) أي فخوراً مُتكبّراً (إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ ) أي لن تشقّ الأرض بضرب قدمك عليها عند المشي وقوّتك فوقها بل أنت ضعيف عاجز (وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً ) فتتطاول وتتكبّر وترفع رأسك مفتخراً بمالك وقوّتك .
38 - (كُلُّ ذَلِكَ ) الّذي منعناك عن فعلهِ ، وهيَ خمس وعشرون خِصلة من قوله تعالى (لاَّ تَجْعَل مَعَ اللّهِ إِلَـهًا آخَرَ ) إلى آخرها (كَانَ سَيِّئُهُ ) أصلها (كَانَ سَيِّئةً عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا ) وذلك لأنّ الكتابة لم تكن مُنقّطة في بادئ الأمر ، ولَمّا نقّطوها بعد زمن تركوا هذه التاء بلا نُقَط لظنّهم أنّها هاء .
39 - (ذَلِكَ) إشارة إلى ما تقدّم ذِكرهُ من الأوامر والنواهي (مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ ) أي من الموعظة (وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ اللّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَّدْحُورًا ) أي مطروداً من قِبَل الملائكة .
40 - (أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُم بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلآئِكَةِ إِنَاثًا ) هذا خطاب للمشركين الّذينَ زعموا أنّ الملائكة بنات الله ، ومعناه هل اختار الله لكم البنين واختار لنفسهِ البنات (إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيمًا ) أي عظيماً في الإثم واستحقاق العقوبة عليهِ .
41 - (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَـذَا الْقُرْآنِ ) أي بيّنّا وأوضحنا لهم من كلّ مثَل (لِيَذَّكَّرُواْ) أي ليُفكّروا ويتّعِظوا (وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُورًا ) أي وما يزداد هؤلاء المشركون بضرب الأمثال والمواعظ إلاّ تباعداً عن الاعتبار ونفوراً عن الحقّ .
42 - (قُل لَّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ ) يعني كما يقول المشركون (إِذًا لاَّبْتَغَوْاْ إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً ) يعني لطلبوا الّذينَ جعلوهم آلهة طريقاً يوصِلهم إلى العرش لكي يزوروهُ كما تتزاور الملوك فيما بينهم من مملكةٍ إلى مملكةٍ اُخرى .
43 - ثمّ نزّه نفسه من أن يكون لهُ شريك في الاُلوهيّة فقال تعالى (سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا ) يعني إنّ صِفاتِهِ في أعلى المراتب ولا مُساويَ لهُ فيها .
44 - (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ ) الأثيريّات الّتي تحت العرش (وَالأَرْضُ) كلّها ، يعني الكواكب السيّارة بأجمعها (وَمَن فِيهِنَّ ) من ملائكة ورُسُل وأنبياء وعباد صالحين (وَإِن مِّن شَيْءٍ ) يعني ولا من شيء ذي روح (إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ) أي لا تفهمون تسبيحهم ولُغاتهم (إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا ) بكم إذ أمهلكم إلى وقت آجالكم (غَفُورًا) لمن يتوب منكم
45 - (وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ ) يا محمّد (جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الّذينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ ) وهم المشركون (حِجَابًا مَّسْتُورًا ) عن الأنظار ولا تراهُ العيون .
46 - (وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا ) أن يسمعوهُ ، وقد سبق تفسيرها في سورة الأنعام (وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ ) بالقدرة (وَحْدَهُ) وأنّ آلهتهم لا قدرةَ لها على شيء (وَلَّوْاْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا ) أي أعرضوا عنك مُدبرين لا يستطيعون سماع هذا القول منك .
47 - لَمّا نزل قوله تعالى [في سورة الطور] {فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ } ، اجتمع نفرٌ من قريش في المسجد [الحرام في مكّة ] وتشاوروا وقالوا فلنأتِ بأحاديث مثل قرآن محمّد ونردّ عليهِ زعمهُ ، فاتّفقوا على هذا وجلسوا ساعة يُفكّرون فعجزوا عن الإتيان بمثلهِ فقال بعضهم لبعضٍ لنذهب إلى استماع قرآنهِ فإذا قرأ نجعل فيهِ أغلاطاً فنقول ليس هذا من كلام العرب وهذه كلمات غير مسموعة . ولَمّا استمعوا لهُ لم يتمكّن أحد منهم أن يردّ عليهِ فقالوا هذا سِحرٌ ، فنزل قوله تعالى (نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ ) أي بالغرض الّذي يستمعون القرآن لأجلهِ ، ليس غرضهم التفكير فيهِ والهداية بسببهِ بل غرضهم التكذيب له والردّ عليهِ (إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ ) يعني حين جاؤوا يستمعون لقرآنك (وَ) يعلمُ (إِذْ هُمْ نَجْوَى ) يتناجَون فيما بينهم ويتشاورون ، فالنجوى هيَ المشاورة بين اثنين أو أكثر وكتمان السِرّ فيما بينهم ، ومن ذلك قول عنترة :
أبْصَرْتُ ثمَّ هَوَيْتُ ثمّ كَتَمْتُ ما ألْقَى ولَمْ يَعْلَمْ بذاكَ مُناجِ
وقال جرير :
يقولُ لنا عَلانيةً فنَرَضَى وفي النّجْوَى أخو ثِقَةٍ أريبُ
(إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ ) بعضهم لبعضٍ (إِنْ تَتَّبِعُونَ ) أي ما تتّبعون (إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُورًا ) أي علّموهُ السِحرَ فجاء يسحرُنا بكلامهِ .
كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |