كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
50 - (قُلْ) لهم يا محمّد (كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا ) .
51 - (أَوْ خَلْقًا مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ ) أي ممّا يعظمُ عندكم إعادتهُ فإنّ الله لا يعجزهُ شيء من ذلك (فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا ) يعني من يُعيد أجسامنا إلى الحياة ثانيةً (قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ ) أي خلقكم (أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ ) يعني يُحرّكون رؤوسهم تحريك المستهزئ المستخِفّ ، ومن ذلك قول امرئ القيس :
وراحَ كتَيْسِ الرَّبْلِ يَنْغُضُ رَأْسَهُ أَذَاةً بِهِ مِنْ صائِكٍ مُتَحَلِّبِ
وقال الآخر :
أتنغُضُ لي يومَ الفَخارِ وقدْ تَرَى خُيُولاً عَلَيْها كالأُسُودِ ضَوارِيَا
(وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ ) أي متى يكون البعث والإعادة إلى حياة جديدة (قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيبًا ) يعني عسى أن يكون يوم موتكم قريباً فتعود نفوسكم إلينا ونُعاقبكم على إنكاركم البعث وعلى أفعالكم هذهِ . لأنّ الإنسان إذا مات قامت قيامتهُ فيُبعثُ من جسمهِ إلى عالم الأثير ، أي ينتقل إلى عالم النفوس فيلقى جزاءهُ إمّا العذاب وإمّا النعيم . ولكن المشركين ظنّوا بذلك أنّ الأجسام تعود إلى الحياة مرّةً اُخرى فلذلك استنكروهُ وكّذبوا بالبعث والحساب . وإنّما قال تعالى (قُلْ كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا ) يعني إنّ الله قادر على إعادة الأجسام من جديد ولكن لا فائدة من ذلك لأنّ النفوس باقية لم تمت وهيَ الإنسان الحقيقي فالنعيم والعقاب للنفسِ وليس للجسم .
52 - (يَوْمَ يَدْعُوكُمْ ) للحساب والعقاب (فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ ) يعني تنقادون لحُكمهِ ولا يُمكنكم أن تعصوا أمره (وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ ) يعني ما لبثتم في الدنيا (إِلاَّ قَلِيلاً) لأنّ الماضي يُعدّ قليلاً بالنسبة للآخرة .
53 - (وَقُل لِّعِبَادِي ) المؤمنين (يَقُولُواْ) فيما بينهم الكلمة (الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) لخلوّها من الجدال والخشونة لئلاّ تقع بينهم عداوة بسبب الكلام الخشن (إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ ) فليحذروهُ ، أي يُفسد بينهم بالحمل على المخاشنة وتهييج المرء فيتحوّل إلى العناد ويزداد الفساد (إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا ) أي ظاهر العداوة .
54 - (رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ ) أي أعلم بذنوبكم (إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ ) بفضلهِ فيعفو عنكم (أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ ) بعدلهِ بعد موتكم (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً ) يعني وما أرسلناك حفيظاً عليهم تحفظهم من العذاب فتحرص على هدايتهم .
55 - (وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ) أي أعلمُ بأعمالهم ، يعني بمن هم في الكواكب السيّارة ومن جملتها الأرض بكثرتهم فضلاً عن هؤلاء لقِلّتهم وأرسلَ فيهم أنبياء ليُرشدوهم ويُعلّموهم (وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ ) بإعطاء المعجزات والبيّنات والكتب (وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا ) وهو كتاب داوُد .
56 - (قُلِ ادْعُواْ ) الملائكة (الّذينَ زَعَمْتُم ) أنّها بنات الله وعبدتموها (مِّن دُونِهِ ) أي ادعوها لكشف الضُرّ عنكم إن كنتم صادقين أنّها تقدر على ذلك ، وكذلك المسيح وغيره (فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً ) يعني ولا تحويل حالكم من الفقر إلى الغِنى .
57 - (أُولَـئِكَ الّذينَ يَدْعُونَ ) يعني الّذينَ يدعونهم المشركون بأنّهم أبناء الله وبناته كالملائكة والمسيح وغيره (يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ ) أي يطلبون التقرّب إلى الله بأعمالهم الصالحة ، فالوسيلة معناها التقرّب ، والشاهد على ذلك قول عنترة :
إنَّ الرِّجالَ لَهُمْ إلَيْكِ وَسِيلَةٌ إنْ يأخُذُوكِ تَكَحَّلِي وتَخَضَّبِي
(أَيُّهُمْ أَقْرَبُ ) يعني ليرَوا أيّهم أقرب عند الله منزلةً (وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ ) في الآخرة (وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ ) بسبب بعض تقصير وقع منهم (إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ) أي يحذرهُ العقلاء والمفكّرون . والمعنى : إنّ الّذينَ تدعونهم وتعبدونهم فهم يعبدون الله ويرجون رحمتهُ ويخافون عذابهُ فلماذا لا تُقلّدونهم في أعمالهم لتربحوا وتنجوا من العذاب ؟
58 - (وَإِن مِّن قَرْيَةٍ ) يعني ولا من قريةٍ على وجه الأرض (إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا ) بالحرّ والعطش وذلك لمن يكون في جهة النهار (قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ) وذلك حين وقوف الأرض عن دورتها المحوريّة فيكون ليلٌ دائم في جهةٍ منها لا يعقبهُ نهار ، وفي الجهة الاُخرى نهارٌ دائم لا يعقبهُ ليل (أَوْ مُعَذِّبُوهَا ) بالجوع والبرد (عَذَابًا شَدِيدًا ) وهذا لمن يكون في جهة اللّيل (كَانَ ذَٰلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا ) أي كتبناهُ في اللّوح المحفوظ فهو كائنٌ لا محالة . وإنّما قال تعالى (أَوْ مُعَذِّبُوهَا ) لأنّ المؤمنين يصعدون إلى السماوات في ذلك اليوم ، يعني نفوسهم تصعد ولا يبقى على الأرض إلاّ الكافرون والمشركون والمنافقون فلذلك يُعذّبون بالجوع والبرد حتّى يموتوا . أمّا الّذينَ يسكنون في جهة النهار فيهلكون بالحرّ والعطش ، وهذا الحادث يقع قبل يوم القيامة . وقد سبق تفسيرها في كتابي الكون والقرآن .
59 - (وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ) الرسل (بِالْآيَاتِ إِلَّا أَن كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ) والمعنى : إنّ السبب الذي منعنا أن نرسل رسولاً بمعجزة مادية هم الأولون الذين كذّبوا بالمعاجز وقالوا سحر مبين ، فإن أعطيناكم معجزة مادية على يد محمد كما طلبتم ورأيتموها بأعينكم لقلتم هذا سحر مبين كما قالت أسلافكم ، فحينئذٍ يجب علينا إهلاككم (وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ) أية (مُبْصِرَةً) أي واضحة كما اقترحوا على رسولهم (فَظَلَمُوا) أنفسهم (بِهَا) أي بسببها إذ قتلوها فأهلكناهم (وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ) أي بالمعجزات (إِلَّا تَخْوِيفًا) لتلك الأمة كما أرسلنا موسى بتسع آيات تخويفاً لفرعون وملئه .
كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |