كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
94 - (قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ ) و هذه كنية إسكندر186 (إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ) وهما قبيلتان من التركمان ، وقد جاء ذكرهم في التوراة أيضاً في سِفر حزقيال في الإصحاح الثامن والثلاثين ، ومأجوج هو إبن يافث بن نوح النبيّ وإليهِ ينتمي نسبهم . وقد وقعت بينهما حروب وقتال لا مجالَ لذكرها ، وليس كما ذهبَ إليه بعض المفسّرِين من أنّهم ليسوا من البشر ولهم أشكال خاصّة ، فمنهم الطوال كطول النخلة ومنهم قِصار يساوي قصرهُ عُرضهُ ، ومنهم طوال الآذان بحيث يفرش أحدى اُذنيهِ ويتغطّى بالاُخرى ، وهذهِ من الخرافات ولا صِحّةَ لها . أمّا فسادهم لهؤلاء القوم فهو فتح المياه عليهم من تلك الفتحة الّتي بين الجبلين فيغرقونهم لِما كانت بينهم من عداوة ، وكلّما سدّوا تلك الفتحة بالحجارة والتراب رجعت قبيلة يأجوج أو مأجوج وهدموها فانحدرت المياه عليهم وأغرقتهم ، وذلك وقت الفيضان . فلمّا جاء إسكندر إلى أرضهم عرضوا عليه أمرهم وطلبوا منه أن يسدّ تلك الفتحة الواقعة وسط الجبل الممتدّ ، على أن يقوموا هم بتكاليف ما يلزم لبناء الحاجز ، وذلك قوله تعالى (فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا ) لئلاّ تجري المياه علينا فتغرقنا .
95 - (قَالَ) إسكندر (مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي ) من المال (خَيْرٌ) ممّا عندكم فلا حاجة لي بالمال (فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ ) من رجالكم فقط ، يعني أعينوني بالعمل دون المال (أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا ) أي حاجزاً للمياه لئلاّ تغرقكم .
96 - (آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ ) يعني قِطعاً من الحديد ، فلمّا جمعوا له الحديد أخذ يصفّها في تلك الفتحة ويجعل بعضها على بعض (حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ ) يعني حتّى ارتفع الحديد وساوى بين جانبي الجبل ، حينئذٍ طلب منهم الحطب فجعله أمام الحديد وخلفه وأشعل النار فيه (قَالَ انفُخُوا ) لتشتعل النار (حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا ) يعني حتّى صار الحديد أحمر كالنار لشدّة الاشتعال (قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ ) أي على الحديد (قِطْرًا) وهو النحاس المذاب . ولَمّا صبّ عليه النحاس تماسك مع الحديد فصار قويّاً متيناً . وسدّ دربند في الهند في دلتا نهر الكنج قرب مدينة كلكتّا ، اُنظر أطلس حافظ آخر صفحة منه وهي 97 ، و"دربند" كلمة فارسيّة ومعناها سدّ الفتحة ، كلمة "دَر" معناها باب أو فتحة ، وكلمة "بند" معناها سدّها .
97 - (فَمَا اسْطَاعُوا ) حينئذٍ (أَن يَظْهَرُوهُ ) يأجوج ومأجوج ، يعني فما استطاعوا أن يعلوهُ ليخرّبوهُ (وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا ) لتخرج المياه من النقب على القوم ليغرقوهم بل صارت المياه تنحدر على يأجوج ومأجوج . ولَمّا تمّ السدّ :
98 - (قَالَ) إسكندر (هَذَا) السدّ (رَحْمَةٌ) لكم (مِّن رَّبِّي ) حيث أرسلني إلى هذا المكان فعملتُ لكم هذا السدّ وخلّصتكم من الغرق (فَإِذَا جَاء وَعْدُ رَبِّي ) لتهديمهِ قبل يوم القيامة (جَعَلَهُ دَكَّاءَ ) أي جعلهُ مُتهدّماً فتنحدر المياه عليكم وتغرقكم . وهذا تهديد لهم وإنذار عن الكفر والرجوع إليهِ ، والمعنى : قال لهم إنْ أصلحتم أعمالكم واستقمتم على عبادة ربّكم بقيَ السدّ على حاله يحرسكم من الغرق وإن رجعتم إلى الكفر والفساد فإنّ الله يهدمهُ وتنحدر المياه عليكم فتغرقكم كما كانت في السابق فلا تغترّوا بقوّة السدّ وتقولوا لا يتهدّم لأنّه من الحديد (وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا ) فإذا وعدَ بشيء يكون لا محالة .
99 - (وَتَرَكْنَا) يأجوج ومأجوج (بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ ) في الحرب والقتال ، ومن علائم ظهور المهدي كثرة الحروب ، وقد وقعت الحرب العالميّة الأولى والثانية وماجت الناس بالحرب بعضها مع البعض (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ) يعني يوم القيامة (فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا ) في المحشر للحساب والعقاب .
100 - (وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ ) أي يوم القيامة (لِّلْكَافِرِينَ عَرْضًا ) في طريقهم ، لأنّها تجذبهم إليها .
101 - (الّذينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاء عَن ذِكْرِي ) أي عن آياتي الّتي فيها تذكير ومواعظ لمن يُفكّر فيها ويتأمّل معانيها ، وهي الكتب السماويّة (وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا ) لها لأنّ فيها ذمّ آلهتهم الّتي يعبدونها من دون الله .
102 - (أَفَحَسِبَ الّذينَ كَفَرُوا ) ينجون من العذاب بشفاعةِ من يعبدونهم (أَن يَتَّخِذُوا عِبَادِي ) الملائكة والأنبياء (مِن دُونِي أَوْلِيَاء ) كي يتولّوا أمرهم ويشفعوا لهم ، كلاّ إنّ حِسابهم خاطئ واعتقادهم باطل وعملهم زائل (إِنَّا أَعْتَدْنَا ) أي هيّأنا (جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا ) أي منزلاً ينزلون فيهِ ويقيمون بهِ إلى الأبد .
103 - (قُلْ) لهؤلاء الّذينَ اتّخذوا الملائكة والّذينَ اتّخذوا المسيح وليّاً من دون الله والّذينَ اتّخذوا المشايخ والأئمّة أولياء من دون الله ، قل لهم (هَلْ نُنَبِّئُكُمْ ) أي نُخبركم (بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا ) أي الّذينَ خسروا أعمالهم الصالحة من أعمال البِرّ وغيرها فلا يؤجَرون عليها ، فقد ذهبت أموالهم وأتعابهم أدراج الرياح لأنّهم أشركوا في أعمالهم غير الله
104 - (الّذينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ ) أي ضاعت أتعابهم وأعمالهم (فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) فلا يؤجرون عليها (وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ ) بذلك (صُنْعًا) يعني إنّ المشركين ينذرون للملائكة ويقرّبون لها القرابين ويستعينون بها ويُقدّسونها ظنّاً منهم أنّها تشفع لهم عند الله ولكنّهم خاطِئون في حسابهم .
105 - (أُولَئِكَ) المشركون (الّذينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ ) الّتي أنزلها على رسوله محمّد (وَلِقَائِهِ) أي أنكروا عالَم النفوس والحساب والعقاب والجزاء ، فقالوا لا بعث ولا عقاب (فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ ) أي ضاعت أعمالهم وأتعابهم فذهبت أدراج الرياح فلا يؤجَرون عليها لأنّهم أشركوا غير الله بها .
وكذلك أصبحت أكثر الناس ينذرون للأنبياء والمشايخ ويستعينون بهم عند قيامهم وقعودهم ويتبرّكون بتربةِ قبورهم وأضرحتهم ويسألون حوائجهم منها ويقدّسونها كما كانت قُريش تقدّس الملائكة وتعبدها . وكذلك النصارى أصبحت تعبد المسيح من دون الله ، والمسلمون اليوم يُعظّمون قبور المشايخ والأئمّة ويقدّسونها من دون الله . وكذلك المِلَل الاُخرى . نَسُوا الله فأنساهم أنفسهم أولائك همُ الغافلون .
(فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا ) أي لا نقيم لهم مُحاكَمة ليخرجوا من جهنّم . ومِثلها في الدنيا الموقوفون في السجن لا يخرجون منه إلاّ بعد المحاكمة فإذا ثبتت براءة أحدهم اُطلِقَ سراحهُ وإلاّ يبقَى موقوفاً في السجن .
كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |