كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
6 - (إِنَّ الّذينَ كَفَرُواْ ) بك يا محمّد وبالقرآن (سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ ) لأنّهم ظالمون يظلمون الناس ، والظالم لا يهديه الله إلى الإسلام بل يُضلّه . والشاهد على ذلك قوله تعالى في سورة إبراهيم { وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاء } .
7 - (خَتَمَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ) ، "الختم" سدّ أفواه القناني ، يُقال "خَتَمَ فم القارورة" أي سدّها سدّاً مُحكماً ، ومن ذلك قول الإعشى :
وصَهْبَاءَ طَافَ يَهُودِيُّها وأَبْرَزَهَا وعَلَيْهَا خَتَمْ
والمعنى : ختم الله على قلوبهم بالرَين أي بالصدأ وعلى سمعهم بالوَقر أي ثقل السمع ، وعلى أبصارهم غِشاوة أي قِلّة البصر لئلاّ يُسلِموا ، وذلك لأنّهم ظالمون يظلمون الناس ، والله لا يهدي القوم الظالمين (وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ ) في الآخرة .
ثمّ أخذَ سُبحانهُ في ذمّ المنافقين فقال تعالى :
8 - (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ ) هو يوم القيامة ، لأنّ الأرض تتمزّق في ذلك اليوم فلا يبقَى يومٌ أو ليلٌ في الأرض ، (وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ ) حقيقةً بل هم كاذبون منافقون .
9 - (يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالّذينَ آمَنُوا ) بقولهم آمَنّا (وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ ) بأنّهم يخدعون أنفسهم لأنّهم لم يُفكّروا في عواقب الاُمور ولم يعلموا أنّ خداعهم سيكون وبالاً عليهم .
10 - (فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ) أي نفاق ، وهو مرض نفسي ، ومن ذلك قول الشاعر :
أُجَامِلُ أَقْوَاماً حَيَاءً وَقَدْ أَرَى صُدُوْرَهُمُ بَادٍ عَلَى مِرَاضُهَا
(فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ ) أي مؤلم (بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ) أي بسبب كذبهم وخداعهم .
11 - (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ ) بكذِبكم ونفاقكم (قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ )
12 - (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَـكِن لاَّ يَشْعُرُونَ ) بالحقيقة لأنّهم اعتادوا الدجَل والنفاق
13 - (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ ) أي للمنافقين (آمِنُواْ) لِمحمّد وانقادوا لأمره (كَمَا آمَنَ النَّاسُ ) أي كما آمَن المهاجرون من أهل مكّة (قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء ) أي كما آمَن الجُهّال ، مفردها سفيه وهو الجاهل بالاُمور القليل المعرفة ، فقال الله تعالى (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَـكِن لاَّ يَعْلَمُونَ ) عواقب الاُمور .
14 - (وَإِذَا لَقُواْ الّذينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا ) كما آمنتم (وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ ) يعني إذا التقَوا بمن أغوَوهم وقادوهم إلى الكفر والضلال (قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ ) بالتبعيّة ولسنا مع المؤمنين (إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُونَ ) بالمؤمنين بأن قلنا لهم آمَنّا .
15 - (اللّهُ يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ ) بأن يؤجّل عقابهم ولا يعاجلهم به في دار الدُنيا (وَيَمُدُّهُمْ) بالمال ويتركهم (فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ) أي يتحيّرون ويتردّدون كالأعمى الّذي لا يرَى حقيقة الأشياء ، ومن ذلك قول رؤبة :
ومَهْمَهٍ أطرافُهُ في مَهْمَهِ أعمَى الهُدَى بِالجاهِلينَ العُمَّهِ
16 - (أُوْلَـئِكَ الّذينَ اشْتَرُوُاْ ) أي استبدلوا (الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ ) لأنّهم أبدلوا الجنّةَ بالنار والعزَّ بالعار (وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ ) إلى دينٍ من الأديان السماويّة بل كانوا تائهين .
17 - (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً ) أي مثَل هؤلاء المنافقين كمثَل أصحاب الذي استوقد ناراً ، يعني طلب إيقاد النار ، ومن ذلك قول جرير :
أقولُ لهُ يا عبدَ قيسٍ صَبابة ً بِأيٍّ تَرى مُسْتَوْقِدَ النّارِ أوْقَدَا
والّذي طلبَ إيقاد النار هو موسى بن عمران ، قال الله تعالى في سورة القصص {فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُون }.
والمعنى : مثَل هؤلاء المنافقين وفعلهم معك يا محمّد كفعل المنافقين من بني إسرائيل مع موسى نبيّهم . ومِمّا يؤيّد هذا قولهُ تعالى في سورة الأحزاب {يَا أَيُّهَا الّذينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالّذينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا } ،
(فَلَمَّا أَضَاءتْ ) يعني أضاءت الشجرة التي كلّم الله تعالى منها موسى وهي شجرة الزيتون ، أضاءت بالعلم والهداية (مَا حَوْلَهُ ) يعني أضاءت على موسى ومن التفّ حوله من بني إسرائيل بأن أنقذهم من يد فرعون وخلّصهم من استعباده ، وفعلاً كانت الشجرة تتوقّد نوراً وناراً وتضيء الوادي الّذي حول موسى ولكن لا تحترق ، فإنّ الله تعالى وصف تلك الشجرة بصفتين بقول (فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ) : الأولى حقيقيّة وهي إضاءتُها الوادي الّذي كانت فيهِ وكان موسى واقفاً ينظر إليها ويستمع لقول الله منها ، والثانية معنويّة وهي إضاءتها بالعلم والهداية حيث منها تلقّى موسى الوحي وصارَ نبيّاً ورسولاً وتبعهُ قومه . ثمّ كفر بنو إسرائيل بعد ذلك وفسقوا وخيّمَ الجهلُ عليهم فقالوا أرِنا اللهَ جهرةً فأخذتهم الصاعقة ، ثمّ صارت ظُلمة ، وهذا معنى قوله تعالى (ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ ) أي بنور الهداية من فاسقي بني إسرائيل (وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ ) الجهل (لاَّ يُبْصِرُونَ ) الحقّ .
18 - (صُمٌّ) عن استماع الحقّ (بُكْمٌ) عن النطق بهِ (عُمْيٌ) عن رؤيتهِ (فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ ) عن غيّهم ، أي لا يتراجعون عن عاداتهم السيّئة . فالأصمّ هو الأطرش ، والأبكم هو الأخرس .
------------------------------------كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |