كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل

بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى)

توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت)

الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة

فهرس الآيات , البحث في القرآن الكريم

تفسير سورة البقرة من الآية( 82) من كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل   بقلم محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) : 

82 - (وَالّذينَ آمَنُواْ ) بالله وبرسوله محمّد (وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُولَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ )

83 - (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ) الّذينَ هم من أسلافكم أيّها اليهود وذلك في زمن موسى نبيّكم ، يعني أخذنا عليهم العهد والميثاق وقلنا لهم (لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ) ولكنّ كثيراً منهم نقضوا العهد بعد وفاة موسى ، وعبدوا البعلَ بعد وفاة سُليمان وأشركوا وعقّوا الوالدين وقطعوا صِلة الرحم وغصبوا حقّ المساكين واعتدَوا على الضعفاء وتركوا الصلاة ومنعوا الزكاة (ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ ) أنتم أيّها المعاصِرون عن الحقّ وعن طاعة الله كما تولّت أسلافكم (إِلاَّ قَلِيلاً مِّنكُمْ ) لم يتركوا طاعة الله (وَأَنتُم) اليوم (مِّعْرِضُونَ) عن القرآن وعن رسولي محمّد . والميثاق الّذي أخذه عليهم موسى مسطور في مجموعة التوراة في سِفر التثنية في الإصحاح الخامس ولكنّهم نقضوا المواثيق ونكثوا العهود وظلموا الضعفاء والمساكين وأشركوا بالله .

وإليك بعض ما جاء في مجموعة التوراة في سِفر النبيّ إرميا في الإصحاح السابع عن كفرهم ونفاقهم ، إذْ بعث الله إليهم النبيّ إرميا وقال لهُ قِفْ في باب بيت المقدس وقل لهم ["ها إنّكم متَّكِلون على الكذب الّذي لا ينفعُ ، أتسرقونَ وتقتلونَ وتزنونَ وتقفونَ أمامي في هذا البيتِ الّذي دُعِيَ باسمي عليهِ وتقولون أنقِذْنا ، حتّى متى تعملون َكلّ هذه الرجاساتِ ، هل صارَ هذا البيتُ الّذي دُعيَ باسمي مغارةَ لصوصٍ في أعينكم ؟ ... والآن من أجل عملكم هذه الأعمالَ يقول الربّ وقد كلّمتكم مُبكّراً ومكلّماً فلم تسمعوا ودعوتكم فلم تجيبوا ، أصنعُ بالبيت الّذي دُعيَ باسمي عليهِ الّذي أنتم مُتّكلون عليه وبالموضِع الّذي أعطيتكم وآباءكم إيّاهُ كما صنعتُ بشيلوه ، وأطرحكم من أمامي كما طرحتُ كلّ إخوتكم نسل إفرائيمَ ، وأنتَ فلا تصلِّ لأجلِ هذا الشعبِ ولا ترفع لأجلهم دُعاءً ولا صلاةً ولا تلحّ عليّ لأنّي لا أسمعكَ ، أما ترى ماذا يعملون في مُدن يهوذا وفي شوارع أورشليم ، الأبناءُ يلتقِطونَ حطباً والآباءُ يوقدون النّارَ والنساءُ يعجنّ العجينَ لِيصنعنَ كعكاً لِملكةِ السماواتِ ["الشعرى اليمانيّة" ، يُكنّونَها بذلك ] ، ولسكبِ سكائبَ لآلهةٍ اُخرى لكي يغيظوني ، أفَإيّايَ يغيظون يقول الربّ ، أليس أنفسهم لأجل خزي وجوهِهم ، لذلك هكذا قال السيّدُ الربُّ ، ها غضبي وغيظي ينسكبانِ على هذا الموضِع على الناسِ وعلى البهائِم وعلى شجرِ الحقلِ وعلى ثمر الأرض فيتّقدانِ ولا ينطفِيان . هكذا قال ربُّ الجنودِ إلاهُ إسرائيل ضمّوا مُحرقاتكم إلى ذبائحكم وكلوا لحماً ، لأنّي لم أُكلّم آباءكم ولا أوصيتهم يوم أخرجتهم من أرض مصرَ من جهةِ مُحرقةٍ وذبيحةٍ ، بل إنّما أوصيتهم بهذا الأمر قائلاً إسمعوا صوتي فأكونَ لكم إلاهاً وأنتم تكونون لي شعباً وسيروا في كلّ الطريق الّذي أوصيكم بهِ ليحسنَ إليكم ، فلم يسمعوا ولم يميلوا أذنَهم بل ساروا في مشوراتِ وعنادِ قلوبهم الشريرة وأعطَوا القفا لا الوجهَ ، فمن اليوم الّذي خرجَ فيهِ آباؤكم من أرضِ مصرَ إلى هذا اليوم أرسلتُ إليكم كلّ عبيدي الأنبياء مُبكّراً كلّ يومٍ ومُرسلاً ، فلم يسمعوا لي ولم يميلوا آذانهم بل صلّبوا رِقابهم ، أساءوا أكثر من آبائهم . فتكلّمهم بكلّ هذه الكلماتِ ولا يسمعون لكَ وتدعوهم ولا يجيبونك ، فتقول لهم هذهِ هيَ الاُمّةُ الّتي لم تسمع لصوت الربّ إلاهها ولم تقبل تأديباً ، بادَ الحقُّ وقُطِعَ عن أفواههم . جُزّي شعركِ واطرحيهِ وارفعي على الهضابِ مُرثاةً لأنّ الربّ قد رفضَ ورذلَ جيلَ رِجزه ، لأنّ بني يهوذا قد عملوا الشرّ في عينيّ يقول الربّ ، وضعوا مُكرهاتهم في البيت الّذي دُعِيَ باسمي لينجّسوهُ ، وبنَوا مُرتفعات توفةَ الّتي في وادي ابن هنومَ ليحرقوا فيها بنيهم وبناتهم بالنارِ الّذي لم آمر بهِ ولا صعدَ على قلبي ، لذلك هاهيَ أيّامٌ تأتي يقول الربّ ولا يُسمّى بعدُ توفةُ ولا وادي ابن هنّومَ بل وادي القتل ويُدفَنونَ في توفة حتّى لا يكون موضعٌ ، وتصيرُ جثثُ هذا الشعبِ أكلاً لطيور السماءِ ولوحوش الأرضِ ولا مُزعجٌ ، وأُبطّلُ من مُدنِ يهوذا ومن أورشليم صوتَ الطربِ وصوت الفرحِ صوت العريس وصوت العروس لأنّ الأرض تصيرُ خراباً . " ]

84 - (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ ) مرّةً اُخرى ، يعني ميثاق أسلافكم الّذينَ كانوا في زمن يوشع بن نون ، وذلك بعد وفاة موسى ، وقلنا لهم (لاَ تَسْفِكُونَ دِمَاءكُمْ ) يعني لا يقتل بعضكم بعضاً (وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُم مِّن دِيَارِكُمْ ) أي ولا تحاربوا قوماً منكم فتهزموهم وتخرجوهم من ديارهم (ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ ) بالميثاق وقبلتم بتلك الشروط (وَأَنتُمْ) أيّها المعاصرون (تَشْهَدُونَ) بذلك لأنّ الميثاق الّذي أخذناهُ على أسلافكم مسطور في مجموعة التوراة في الإصحاح الرابع والعشرين من سِفر يشوع .

85 - ثمّ بيّنَ سُبحانهُ أنّهم نكثوا العهد وخانوا الميثاق وقتلوا النفوس وسفكوا الدماء وأخرجوا قومهم من ديارهم فقال تعالى (ثُمَّ أَنتُمْ ) أبناء (هَـؤُلاءِ) الّذينَ أخذنا عليهم الميثاق (تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ ) يعني يقتل بعضكم بعضاً (وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ ) بالحرب والقتال (تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) أي مُتعاونين على إخراجهم بالظلم والتعدّي (وَإِن يَأتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ ) يعني إذا وجدتم أسيراً من قومكم في أيدي أعدائكم تفكّون أسرهُ بالفِدية (وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ ) من ديارهم ، يعني كما أوجبنا عليكم فكّ الأسير من أيدي أعدائكم كذلك حرّمنا عليكم قتل أبناء جنسكم وحرّمنا عليكم إخراجهم من ديارهم ، فلماذا تعملون بالوصيّة الأولى ولا تعملون بالوصيّة الثانية ؟ (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ) يعني تصدّقون بعض أحكام التوراة وتعملون بِها وتنكرون الأحكام الاُخرى ولا تعملون بِها ، (فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُنيا ) على أيدي أعدائكم ، والخزي أصابهم مرّاتٍ عديدةً إحداها على يد نبوخذنصّر ملك بابل وغيرها كثير من قتلٍ وسلبٍ وأسْرٍ وتشريد (وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) أيّها اليهود من أعمال سيئة ، وقِصّة قتل بعضهم لبعضٍ وإخراجهم من ديارهم مذكورة في مجموعة التوراة في سِفر قضاة في الإصحاح التاسع عشر إلى الحادي والعشرين .

------------------------------------
<<الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة الصفحة التالية>>



كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم