كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
15 - (إِنَّ السَّاعَةَ ءاَتِيَةٌ ) يعني ساعة موت الإنسان قائمة لا محالة (أَكَادُ أُخْفِيهَا ) أي قاربَ أن يَخفَى وقتها عن الناس لحين اقتراب آجالهم . ثمّ بيّن سبحانه الغاية من إخفائها فقال (لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى ) أي لتُجزى في الآخرة كلّ نفس بما كانت تسعى في الدنيا من حسنات أو سيئات . لأنّ من يُنكر البعث والحساب يترك الحسنات ويعمل الموبقات فيخسر ، ومن يُصدّق بالبعث والحساب يتجنّب الموبقات ويعمل الحسنات فينجح .
16 - (فَلاَ يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا ) أي عن الإيمان بالبعث والحساب (مَنْ لاَ يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى ) . التردّي هو السقوط من أعلى إلى أسفل ، ومن ذلك قول عنترة :
شَفَى النَّفْسَ مِنِّي أوْ دَنَا مِنْ شِفائِها تَرَدِّيهِمُ مِنْ حالِقٍ مُتَصَوِّبِ
وقال أيضاً :
بأَرْضٍ تَرَدَّى الماءُ في هَضَباتِها فأَصْبَحَ فيها نَبْتُها يَتَوَهَّجُ
وقال حسّان :
هلاّ اعْتَبَرْتُمْ بِخَيْلِ اللهِ إذْ لَقِيَتْ أَهْلَ القَلِيبِ ومَنْ أَرْدَيْنَهُ فِيهَا
يعني ومن أسقطوهُ قتيلاً فيها ، والقليب بئر لا ماء فيها . والمعنى : إن لم تؤمن بالبعث والحساب ولم تعبدني ولم تذكرني في صلاتك ولا في غيرها تخسر وتقع في العذاب . والخطاب وإن كان لموسى فهو في الحقيقة لسائر المكلّفين . وقال الطبرسي في كتابه مجمع البيان ما نصّهُ "وفي هذه الآيات دلالة على أنّ الله تعالى كلّم موسى وأنّ كلامهُ مُحدَث لأنّهُ حلّ الشجرة وهيَ حروف منظومة" . وقال الله تعالى في سورة الأنبياء {مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ } ، فالذِكر هو القرآن ، وذلك لأنّ بعض المسلمين قالوا القرآن مُحدَث وبعضهم قالوا أزلي غير مُحدَث .
17 - (وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَىٰ) ؟
18 - (قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي) أي أسوق بها غنمي ، ومن ذلك قول شريك بن الأعور يهجو معاوية :
أيشتُمُنِي معاويةُ بنُ حَربٍ ..... وسيفي صارمٌ ومعِي لِساني
وحولي مِن بني عمّي ليوثٌ ..... ضَراغمةٌ تَهشُّ إلى الطِّعانِ
أي تسوق إلى الطعان (وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَىٰ) أي حاجات أخرى .
القصة: لَمّا قضى موسى الأجل مع شعيب وسار بأهله من مدين قاصداً مصر وجد في طريقه عصا فأخذها ، ولكن الحقيقة لم تكن عصا بل هي حيّة خلقها الله خاصّة لموسى لتكون له آية ، وهي طويلة غليظة لها حراشف تكسو جسمها فإذا أرادت أن تنام أخفت رأسها وذنبها داخل الحراشف كالسلحفاة والقنفذ فصارت كالعصا ، وإذا أرادت أن ترعى الغنم أخرجت رأسها وذنبها فظهرت أفعى ، ولذلك قال الله تعالى وما تلك بيمينك ياموسى ؟ فقال موسى هي عصاي ، لأنّ موسى لم يكن يعلم أنّها أفعى بل كان يعتقد أنّها عصا ، ولكنّ الله تعالى أعلمُ بها حيث هو الذي خلقها .
19 - (قَالَ) الله تعالى (أَلْقِهَا يَا مُوسَىٰ) لم يقل ألقِ عصاك ، فإنّ الله تعالى ذكرها بالكناية ولم يسمّها عصا حتى قال موسى هي عصاي .
20 - (فَأَلْقَاهَا) موسى على الأرض (فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَىٰ) يعني فحينئذٍ تبيّن أنّها حيّة تمشي على الأرض وليست عصا78 .
21 - (قَالَ) الله تعالى (خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَىٰ) أي سنعيدها على عادتها الأولى ، يعني تخفي رأسها في حراشفها فتكون كالعصا .
22 - (وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ ) أي أدخِلها تحت إبطكَ ثمّ أخرجها (تَخْرُجْ بَيْضَاءَ ) اللّون لها شعاع (مِنْ غَيْرِ سُوءٍ ) أي من غير مرض ولا برص تلك (آيَةً اُخرى ) .
23 - (لِنُرِيَكَ) في المستَقبل (مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى ) غير هاتين الآيتين .
24 - (اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ) .
25 - (قَالَ) موسى (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ) يعني اجعلني مسروراً بهذا الواجب لأقوم بهِ بقوّةٍ وعزيمة .
26 - (وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ) أي هيّء لي أسباب النجاح والوصول إلى الغاية .
27 - (وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي ) .
28 - (يَفْقَهُوا) آل فرعون (قَوْلِي) لأنّ لسانهُ كان فيه رتلة لا يفصح حرف الراء .
29 - (وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا ) أي مُساعداً يؤازرني (مِّنْ أَهْلِي ) .
30 - (هَارُونَ أَخِي ) .
31 - (اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي ) أي قوِّ بهِ ظهري ، يعني ساعدني بهِ على القيام بهذا الواجب .
32 - (وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي ) .
33 - (كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا ) يعني نُنزّهكَ عن الشريك عند فرعون وقومه ليتركوا عبادة الأصنام .
34 - (وَنَذْكُرَكَ) عندهم بالحمدِ والثناء (كَثِيرًا) لينقادوا إلى طاعتك .
35 - (إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيرًا ) أي بأعمالنا بصيراً فتعلم هل نقوم بهذه المهِمّة أم نتكاسل عنها .
36 - (قَالَ) الله تعالى (قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى ) أي أعطيناك ما سألت .
37 - (وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً اُخرى ) كما مننّا عليك من قبل .
38 - (إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ ) في شأنك ، واسمها يوكابد (مَا يُوحَى ) أي كما يوحَى إلى الأنبياء . ثمّ فسّرَ ذلك الوحي بقوله تعالى :
39 - (أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ ) يعني ضعيهِ في سَفَط مُستطيل مطلي بالزفت ثمّ ألقي السَفَط على الماء في نيل مصر (فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ ) يعني ستسوقهُ الرياح والأمواج إلى الساحل قرب قصر فرعون ، حينئذٍ (يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ ) يعني يأخذه فرعون الّذي هو عدوّ لله وعدوّ لموسى .
لأنّ العرّافين أخبروهُ أنّ رجلاً من بني إسرائيل يكون خراب مملكتك على يدهِ ، فلمّا وضعتهُ في السَفَط وألقتهُ في النيل ساقتهُ الأمواج إلى الساحل قرب قصر فرعون وبعثتْ اُختهُ تراقب السَفَط ، وذلك بعد أن أرضعتهُ ثلاثة أشهر خفية عن الرُقباء ، ولَمّا خافت أن يعلموا بهِ ألقتهُ في اليمّ فخرجت بنت فرعون تتمشّى على الساحل فرأت السَفَط فقالت لخادمتها أخرجيهِ من الماء لنرى ما فيهِ ، فلمّا أخرجتهُ رأت طفلاً رضيعاً حسَن الصورة نائماً فيهِ فأحبّتهُ وأخذتهُ إلى اُمّها فعزموا على تربيتهِ فجاؤوا له بمرضعات فلم يقبلهنّ لأنّه تعوّد على ثدي اُمّهِ (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي ) يعني جعلتك محبوباً عندهم ليأخذوك ويقوموا بتربيتك (وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي ) أي ولتصنع تلك الأفعال على مراقبةٍ منّي . فالعين معناها المراقَبة ، يعني كانت ولادتهُ وإرضاعه خُفيةً ثلاثة أشهر ووضعُه في السَفَط وإلقاؤهُ في اليمّ ومجيء بنت فرعون لتأخذه كلّ ذلك كان بإرادة الله وتحت رعايتهِ .
كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |