كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
44 - (فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا ) ولا تغلُظا في الكلام (لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ ) أي ربّما يتّعظ ويؤمن (أَوْ يَخْشَى ) عذاب الله فينقاد للحقّ .
45 - (قَالَا) أي قال موسى وهارون (رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا ) بالكلام فيشتمنا ويُهيننا (أَوْ أَن يَطْغَى ) علينا فيقتلنا .
46 - (قَالَ) الله تعالى (لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا ) بالمساعَدة (أَسْمَعُ) ما يقول لكما (وَأَرَى) أفعالهُ .
47 - (فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ ) أرسَلَنا إليك (فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ ) أي أطلِقْهم ليذهبوا إلى حال سبيلهم (وَلَا تُعَذِّبْهُمْ ) بالأشغال الشاقّة (قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكَ ) وهي العصا (وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى ) أي سلامة من العذاب لمن اتّبع الهُدى .
48 - (إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَن كَذَّبَ ) بآيات ربّهِ (وَتَوَلَّى) عن الإيمان برُسُلهِ .
49 - (قَالَ) فرعون (فَمَن رَّبُّكُمَا يَا مُوسَى) ؟
50 - (قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ ) من نبات وحيوان وإنسان (خَلْقَهُ) أي صورتهُ الّتي هي على شكلهِ ، وهي النفس الأثيريّة ، فكلمة "شيء" تُطلَق على المادّة ، والمعنى : أعطى لكلّ جسم حيّ حياتهُ بإدخال الروح فيهِ فأصبح حيّاً (ثُمَّ هَدَى ) يعني ثمّ هداهُ إلى اُمور معاشهِ وكيفيّةِ تحصيلها ، فالحيوان هداهُ بالغريزة ، والإنسان هداهُ بالعقل والتفكير .
51 - ولَمّا قال موسى (إنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَن كَذَّبَ ) ، أجابه فرعون (قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى ) لم تتعذّب بل صاروا تراباً ؟ ولم يعلم فرعون بأنّ النفس هيَ الإنسان الحقيقي وما الجسم إلاّ قالَب تتكوّن فيهِ النفس ، ولم يعلم أنّ العذاب والنعيم للنفوس خاصّة دون الأجسام ، ولذلك اعترض على موسى بهذا القول ، فأجابهُ موسى:
52 - (قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي ) يعني إنّ النفوس باقية لا تفنى وأمّا تعذيبها فذلك راجع إلى الله إن شاء عذّبها في عالم البرزخ وإن شاء عذّبها يوم القيامة ، وأمّا سيّئاتها فمكتوبة (فِي كِتَابٍ ) أعمالها (لَّا يَضِلُّ رَبِّي ) فيعذّب غير المذنب (وَلَا يَنسَى ) فيترك المذنب بلا تعذيب .
53 - (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا ) أي جعلها مُمهّدة للزرع والسُكنى والمعاش والسفر وغير ذلك (وَسَلَكَ) أي جعلَ وسهّلَ (لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا ) وهي المسالك بين الجبال والأودية والطُرُق في الصحارى من بلدةٍ إلى اُخرى (وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاءً ) أي المطر (فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا ) أي أصنافاً (مِّن نَّبَاتٍ شَتَّى ) أي نباتات مُختلفة في الألوان والطعم والرائحة .
54 - (كُلُوا) من أثمارها (وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ ) من نباتاتها (إِنَّ فِي ذَلِكَ ) أي في تمهيد الأرض للزراعة وإنزال المطر من الفضاء وخروج النبات من الأرض (لَآيَاتٍ) أي لأدلّة واضحة على وجود مكوّن للأرض والمطر وخالق لها ولهذه النباتات والأنعام ، فهذه كلّها آيات (لِّأُوْلِي النُّهَى ) أي لذوي العقول الّذينَ ينهَون الناس عن فِعل المحرّمات ، يعني الّذينَ ينهَون عن المنكَر ويأمرون بالمعروف ، والشاهد على ذلك قول الخنساء :
لِيَبْكِ الخَيْرَ صَخْراً مِنْ مَعَدٍّ ذَوُو أحْلامِها وذَوُو نُهَاهَا
وقال الأعشى :
تَعالَوا فَإنّ العِلْمَ عندَ ذَوِي النُّهَى مِنَ الناسِ كالبَلْقاءِ بادٍ حُجُولُهَا
55 - (مِنْهَا) أي من الأرض (خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ ) يعني نعيد أجسامكم الّتي خلقناها من الأرض وذلك بعد الموت (وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً اُخرى ) يعني نخرجكم من الأرض إلى الفضاء ، وذلك يوم القيامة لأنّ الأرض تتمزّق فتكون نيازك ويكون المحشر في الفضاء . وأمّا الخروج الأوّل فهو خروج النفس من المادّة أي من الجسم ، والثاني خروجها من الأرض إلى الفضاء .
56 - (وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ ) أي أرَينا فرعون (آيَاتِنَا) أي مُعجزاتنا التسع وهي العصا واليد البيضا والجراد والقمّل والدم والضفادع وغير ذلك ممّا سبق ذكرهُ مُفصّلاً في سورة الأعراف في آية 133 (كُلَّهَا فَكَذَّبَ ) بها (وَأَبَى) أي امتنعَ أن يستسلم وينقاد للحقّ ويُطلق بني إسرائيل .
57 - (قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى ) يعني تريد أن تأخذ بني إسرائيل فتُحاربنا بهم وتنتصر علينا وتخرجنا من أرضنا بالقتل والأسر ثمّ تستولي على أملاكنا فإنّ سِحرَكَ لا يؤثّر فينا .
58 - (فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِّثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا ) لاجتماع الناس والسَحَرة في اليوم الموعود (لَّا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنتَ ) يا موسى (مَكَانًا سُوًى ) أي وكذلك المكان نتّفق عليهِ سويّةً نحن ولا أنت فلا نغيّرهُ . فوافق موسى على ذلك .
59 - (قَالَ) موسى (مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ ) أي يوم العيد (وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ) أي تجتمع الناس (ضُحًى) أي وقت الضحى من يوم الزينة .
60 - (فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ ) عن الإيمان بعد تلك المواعظ والإرشادات ولم ينقَدْ للحقّ (فَجَمَعَ كَيْدَهُ ) الّذي أرادَ أن يكيد بهِ موسى من السَحَرَةِ (ثُمَّ أَتَى ) بالسحَرة إلى المكان المتّفَق عليه بين الطرفين وفي اليوم الموعود .
61 - (قَالَ لَهُم مُّوسَى ) أي قال للسَحَرة (وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ) بأن تَنسِبوا مُعجزاتي إلى السِحر وتوهِموا الناس بسحركم ودجَلِكم ، فيجب أن تُظهِروا الحقيقة للناس ولا تكذبوا عليهم (فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ ) يعني فيخرجكم الله من دياركم بعذاب ويهلككم بالسيل أو بالزلزال أو بغير ذلك ، يُقال "سحتهُ من الدار" أي طردهُ منها ، ولا تزال هذه الكلمة مُستعملة عند العرب وخاصّة في العراق (وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى ) أي لم ينجح من كذبَ على الله .
------------------------------------كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |