كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل

بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى)

توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت)

الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة

فهرس الآيات , البحث في القرآن الكريم

تفسير سورة طه من الآية( 6) من كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل   بقلم محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) : 

6 - (لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ ) الغازيّة من طيورٍ تطير (وَمَا فِي الْأَرْضِ ) من دوابّ تسير (وَمَا بَيْنَهُمَا ) من سُحُبٍ تمطر (وَمَا تَحْتَ الثَّرَى ) أي وما تحت الأرض من حيوان صغير يكمن في جُحره ، والمعنى : كلّ هؤلاء مخلوقاته وتحتَ تصرّفهِ فيهبُ منها ما يشاء لمن يشاء .

7 - (وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ ) للمشركين وتدعوهم إلى الدين (فَإِنَّهُ يَعْلَمُ ) أقوالك ويأجرك عليها وعلى قيامك بالدعوة إلى دينهِ ويعلم (السِّرَّ وَأَخْفَى ) منهُ ، يعني ويعلم قول السِر الّذي تدعو بهِ إلى الله ويعلمُ ما هو أخفى من السِر وهو ما تحدّث به نفسك فيجازيك عليه ولا ينقصك شيئاً من الأجر والثواب . والآية معطوفة على قوله تعالى (إِلَّا تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ ) . والمعنى : عِظ المشركين بالقرآن وادعُهم إلى عبادة الرحمان جهراً وسِرّاً وإنّ الله يأجرك على قيامك بالدعوة إلى دينهِ ولا يهمّك استهزاؤهم ، وقل لهم :

8 - (اللَّهُ لَا إِلَهَ ) في الكون (إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى ) فاعبدوهُ ولا تعبدوا غيرهُ .

9 - ثمّ أخذَ سُبحانهُ يُذكّرهُ بقصّةِ موسى وكيفَ قام بالدعوة بجدٍّ وعزيمةٍ ولم يرهب فرعون المتكبّر ليقتدي بهِ في القيام بالدعوة ولا يرهب المشركين فقال تعالى (وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى ) يعني ألم يأتكَ خبر موسى بن عمران فيما سبق ، واسمُ اُمّهِ يُوكابد وقصّتهُ مع فرعون وكيف قاوم فرعون حتّى انتصرَ عليه ، فكن مِثله وقاوم المشركين والله ينصرك عليهم كما انتصر موسى على فرعون .

10 - (إِذْ رَأَى نَارًا ) في صحراء سيناء في جهة جبل الطور ، ويُسمّى جبل حوريب أيضاً ، وكان قاصداً السفَر من بلدة مدين إلى مصر وهو وزوجته وأولاده وكان الوقت ليلاً (فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا ) أي اقعدوا هُنا (إِنِّي آنَسْتُ نَارًا ) أي أبصرتُ ناراً (لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ ) أي بشعلةٍ في رأس عود ، فالقبَس هو اللّهب المضِيء ، والشاهد على ذلك قوله تعالى في سورة الحديد {انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ } ، ومن ذلك قول عنترة :

                               شُهُبٌ بِأَيْدِي القابِسِينَ إذا بَدَتْ      بِأَكُفِّهِمْ بَهَرَ الظَّلامَ سَنَاها

(أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى ) يعني أو أجدُ أحداً عندها يهديني إلى الطريق .

11 - (فَلَمَّا أَتَاهَا ) وجدَ شجرة زيتون والنار تتوقّد منها والشجرة لا تحترق فوقفَ مُتعجّباً من ذلك المنظر ، حينئذٍ (نُودِي يَا مُوسَى ) وكان الصوت يخرج من الشجرة . فقال الله تعالى :

12 - (إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى ) . إسم الوادي طوى ، وهيَ بُقعةٌ من صحراء سيناء قرب جبل الطور ، وإنّما أصبحت مُقدّسة لأنّ إبراهيم كان يُصلّي ويتعبّد الله فيها فأصبحت كالمسجد ، ولذلك قال الله تعالى لموسى (إخْلَعْ نَعْلَيْكَ ) .

13 - (وَأَنَا اخْتَرْتُكَ ) للرسالة (فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى ) إليك من القول .

14 - (إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي ) يا موسى (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ) أي لأنْ تذكرَني فيها بالتسبيح والتعظيم والتكبير .

15 - (إِنَّ السَّاعَةَ ءاَتِيَةٌ ) يعني ساعة موت الإنسان قائمة لا محالة (أَكَادُ أُخْفِيهَا ) أي قاربَ أن يَخفَى وقتها عن الناس لحين اقتراب آجالهم . ثمّ بيّن سبحانه الغاية من إخفائها فقال (لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى ) أي لتُجزى في الآخرة كلّ نفس بما كانت تسعى في الدنيا من حسنات أو سيئات . لأنّ من يُنكر البعث والحساب يترك الحسنات ويعمل الموبقات فيخسر ، ومن يُصدّق بالبعث والحساب يتجنّب الموبقات ويعمل الحسنات فينجح .

16 - (فَلاَ يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا ) أي عن الإيمان بالبعث والحساب (مَنْ لاَ يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى ) . التردّي هو السقوط من أعلى إلى أسفل ، ومن ذلك قول عنترة :

                          شَفَى النَّفْسَ مِنِّي أوْ دَنَا مِنْ شِفائِها      تَرَدِّيهِمُ مِنْ حالِقٍ مُتَصَوِّبِ

وقال أيضاً :
                             بأَرْضٍ تَرَدَّى الماءُ في هَضَباتِها      فأَصْبَحَ فيها نَبْتُها يَتَوَهَّجُ

وقال حسّان :
                                هلاّ اعْتَبَرْتُمْ بِخَيْلِ اللهِ إذْ لَقِيَتْ      أَهْلَ القَلِيبِ ومَنْ أَرْدَيْنَهُ فِيهَا

يعني ومن أسقطوهُ قتيلاً فيها ، والقليب بئر لا ماء فيها . والمعنى : إن لم تؤمن بالبعث والحساب ولم تعبدني ولم تذكرني في صلاتك ولا في غيرها تخسر وتقع في العذاب . والخطاب وإن كان لموسى فهو في الحقيقة لسائر المكلّفين . وقال الطبرسي في كتابه مجمع البيان ما نصّهُ "وفي هذه الآيات دلالة على أنّ الله تعالى كلّم موسى وأنّ كلامهُ مُحدَث لأنّهُ حلّ الشجرة وهيَ حروف منظومة" . وقال الله تعالى في سورة الأنبياء {مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ } ، فالذِكر هو القرآن ، وذلك لأنّ بعض المسلمين قالوا القرآن مُحدَث وبعضهم قالوا أزلي غير مُحدَث .

17 - (وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَىٰ) ؟

18 - (قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي) أي أسوق بها غنمي ، ومن ذلك قول شريك بن الأعور يهجو معاوية :

                            أيشتُمُنِي معاويةُ بنُ حَربٍ ..... وسيفي صارمٌ ومعِي لِساني
                          وحولي مِن بني عمّي ليوثٌ ..... ضَراغمةٌ تَهشُّ إلى الطِّعانِ

أي تسوق إلى الطعان (وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَىٰ) أي حاجات أخرى .

القصة:  لَمّا قضى موسى الأجل مع شعيب وسار بأهله من مدين قاصداً مصر وجد في طريقه عصا فأخذها ، ولكن الحقيقة لم تكن عصا بل هي حيّة خلقها الله خاصّة لموسى لتكون له آية ، وهي طويلة غليظة لها حراشف تكسو جسمها فإذا أرادت أن تنام أخفت رأسها وذنبها داخل الحراشف كالسلحفاة والقنفذ فصارت كالعصا ، وإذا أرادت أن ترعى الغنم أخرجت رأسها وذنبها فظهرت أفعى ، ولذلك قال الله تعالى وما تلك بيمينك ياموسى ؟ فقال موسى هي عصاي ، لأنّ موسى لم يكن يعلم أنّها أفعى بل كان يعتقد أنّها عصا ، ولكنّ الله تعالى أعلمُ بها حيث هو الذي خلقها .

------------------------------------
الصفحة الرئيسة الصفحة التالية>>



كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم