كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل

بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى)

توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت)

الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة

فهرس الآيات , البحث في القرآن الكريم

تفسير سورة طه من الآية( 65) من كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل   بقلم محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) : 

65 - (قَالُوا) السَحَرة (يَا مُوسَى إِمَّا أَن تُلْقِيَ ) عصاك على الأرض (وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى ) .

66 - (قَالَ) موسى (بَلْ أَلْقُوا ) أنتم أوّلاً ، فألقَوا (فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا ) حيّات (تَسْعَى) على الأرض ، أي تمشي ، والمعنى : لم تكنْ حيّات في الحقيقة ولم تمشِ على الأرض ولكنّ الناظر إليها يُخيّل إليهِ أنّها تمشي على الأرض .

67 - (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى ) يعني لَمّا رآها موسى اعتراهُ بعض الخوف لأنّ عصاهُ واحدة وعصيّهم كثيرة فخاف أن تتغلّب على عصاهُ .

68 - (قُلْنَا) لموسى (لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَى ) أي أنتَ الغالِب .

69 - (وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ) يعني الحيّة الّتي قبضتَ عليها في يدك اليُمنى ، ولم يقل ألقِ عصاك ، لأنّ الله تعالى يعلم أنّها حيّة وليست عصا (تَلْقَفْ) بفمها (مَا صَنَعُوا ) من السِحر ، يعني تلتقم تلك الحبال والعِصيّ بفمها وتُقطّعها قِطعاً كثيرة (إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ ) يعني إنّ ما صنعوهُ كان تمويهاً ومكيدة ولم تتحوّل تلك الحبال حيّات بل الناظر إليها يظنّها حيّات (وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى ) من سحرٍ عظيم ، لأنّ الحقّ يُبطلهُ والحقيقة تكشفهُ . فألقى موسى حينئذٍ الأفعى الّتي كانت في يده على هيئة عصا فأخرجت رأسها من حراشفها وفتحت فمها وهيَ تشخُر وتزمجر وكانت طويلة متينة وأقبلت على تلك الحِبال والعِصي فأخذت تلتقمها بفمها وتقطّعها بأسنانها وترميها على الأرض ، فخافت الناس منها وهربوا من أمامها .

70 - (فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ) حينئذٍ (سُجَّدًا) أي مُنقادين لموسى و (قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى )

71 - (قَالَ) فرعون (آمَنتُمْ لَهُ ) أي لموسى (قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ ) في الإيمان (إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ ) يعني موسى (الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ ) ولذلك آمنتم لهُ (فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ ) يعني أقطعُ أيدي بعضكم وأرجل بعضكم (وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ ) يعني يدقّ المسامير بأيديهم في جذوع النخل ويتركهم مُعلّقين فيها (وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى ) أنا على إيمانكم بدون إذنٍ منّي أم ربّ موسى على ترككم الإيمان ، فأيّنا يكون عذابهُ أدوَم وأشدّ ؟

72 - (قَالُوا) السحَرة لفرعون (لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ ) أي لن نفضّلكَ على ما جاءَنا بهِ موسى من الأدلّة على صِدقهِ وصحّةِ نبوّتهِ (وَالَّذِي فَطَرَنَا) أي ومن الأدلّة على الله الّذي خلقَنا (فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ ) بنا ، أي فاصنع ما أنت صانع بنا من التعذيب (إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ) والمعنى : إنّما تتمكّن على الأجسام فقط ولكن النفوس لا سُلطة لك عليها ، ونحن مُنتقلون إلى الآخرة سواء أقتلتنا أم لم تقتلنا .

73 - (إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ ) يعني وما دعَوتنا إليهِ من السِحر ضدّ موسى (وَاللَّهُ خَيْرٌ ) يعني وثواب الله خيرٌ لنا من الدنيا (وَأَبْقَى) لأنّ الدنيا فانية والآخرة باقية .

74 - (إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا ) فيستريح (وَلَا يَحْيى ) حياةً طيّبة بل يُعاقَب بأنواع العذاب .

75 - (وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا ) أي مُصدّقاً بالله وبأنبيائهِ (قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى ) في الجنان .

76 - (جَنَّاتُ عَدْنٍ ) أي سبعٍ في العدد (تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ) أي من تحت أشجارها مياه (الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ) أي مُخلّدين فيها مدى الدهور والأحقاب (وَذَلِكَ جَزَاء مَن تَزَكَّى ) أي من تطهّر من الذنوب ، يعني من تجنّبَ السيِئات وواظبَ على الطاعات .

77 - ثمّ أخبرَ الله سُبحانهُ عن حال بني إسرائيل فقال (وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى ) بعدما أرى فرعون تسع آيات فلم يؤمن بها هو ولا قومه (أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي ) بني إسرائيل ليلاً من أرض مصر (فَاضْرِبْ) على الماء بعصاك واجعل (لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا ) أي يابساً (لَّا تَخَافُ دَرَكًا ) من الغرق (وَلَا تَخْشَى ) لحاق فرعون بك ، فخوف الدرك هو من الغرق ، والدليل على ذلك قوله تعالى في سورة يونس {حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ } ، فدخل موسى وقومه البحرَ .

78 - (فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ ) أي فغطّاهم من البحر (مَا غَشِيَهُمْ ) أي ما سمعتم وعرفتم من قِصّتهم فيما مضى . فالغشاء معناهُ الغطاء ، ومن ذلك قول عنترة :

                         ويطْلعُ ضَوءُ الصبْح تحتَ جَبينِها      فَيَغْشاهُ ليلٌ مِنْ دُجَى شَعْرِها الجَعْدِ

79 - (وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ ) عن طريق الحقّ (وَمَا هَدَى ) إلى سبيل الرشاد كما وعدهم بقولهِ ، وذلك في سورة غافر {وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ } .

80 - ثمّ أخذَ سُبحانهُ في خطاب اليهود وذكّرهم بنِعمهِ فقال تعالى (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنجَيْنَاكُم مِّنْ عَدُوِّكُمْ ) فرعون وغيره (وَوَاعَدْنَاكُمْ) بإنزال الألواح الّتي كتبنا فيها التوراة فنزل بها موسى من (جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ ) يعني الواقع عن يمين الطريق المؤدّي إلى مصر ، وعن يمين موسى إذْ كان سائِراً من مدين إلى مصر ، وهو الجبل الّذي كان موسى يُناجي ربّه فوقهُ (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ ) سنين عديدة (وَالسَّلْوَى) بعض الأوقات . وقد سبق الكلام عن المنّ والسلوى في سورة البقرة ، وقلنا لكم :

81 - (كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ ) أي لا تأخذوا من المنّ زيادة على ما تأكلونهُ (فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي ) يعني فينزل عليكم الطاعون إن خالفتم أمري (وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى ) أي فقد هلك .

------------------------------------
<<الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة الصفحة التالية>>



كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم