كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
74 - (إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا ) فيستريح (وَلَا يَحْيى ) حياةً طيّبة بل يُعاقَب بأنواع العذاب .
75 - (وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا ) أي مُصدّقاً بالله وبأنبيائهِ (قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى ) في الجنان .
76 - (جَنَّاتُ عَدْنٍ ) أي سبعٍ في العدد (تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ) أي من تحت أشجارها مياه (الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ) أي مُخلّدين فيها مدى الدهور والأحقاب (وَذَلِكَ جَزَاء مَن تَزَكَّى ) أي من تطهّر من الذنوب ، يعني من تجنّبَ السيِئات وواظبَ على الطاعات .
77 - ثمّ أخبرَ الله سُبحانهُ عن حال بني إسرائيل فقال (وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى ) بعدما أرى فرعون تسع آيات فلم يؤمن بها هو ولا قومه (أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي ) بني إسرائيل ليلاً من أرض مصر (فَاضْرِبْ) على الماء بعصاك واجعل (لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا ) أي يابساً (لَّا تَخَافُ دَرَكًا ) من الغرق (وَلَا تَخْشَى ) لحاق فرعون بك ، فخوف الدرك هو من الغرق ، والدليل على ذلك قوله تعالى في سورة يونس {حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ } ، فدخل موسى وقومه البحرَ .
78 - (فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ ) أي فغطّاهم من البحر (مَا غَشِيَهُمْ ) أي ما سمعتم وعرفتم من قِصّتهم فيما مضى . فالغشاء معناهُ الغطاء ، ومن ذلك قول عنترة :
ويطْلعُ ضَوءُ الصبْح تحتَ جَبينِها فَيَغْشاهُ ليلٌ مِنْ دُجَى شَعْرِها الجَعْدِ
79 - (وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ ) عن طريق الحقّ (وَمَا هَدَى ) إلى سبيل الرشاد كما وعدهم بقولهِ ، وذلك في سورة غافر {وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ } .
80 - ثمّ أخذَ سُبحانهُ في خطاب اليهود وذكّرهم بنِعمهِ فقال تعالى (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنجَيْنَاكُم مِّنْ عَدُوِّكُمْ ) فرعون وغيره (وَوَاعَدْنَاكُمْ) بإنزال الألواح الّتي كتبنا فيها التوراة فنزل بها موسى من (جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ ) يعني الواقع عن يمين الطريق المؤدّي إلى مصر ، وعن يمين موسى إذْ كان سائِراً من مدين إلى مصر ، وهو الجبل الّذي كان موسى يُناجي ربّه فوقهُ (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ ) سنين عديدة (وَالسَّلْوَى) بعض الأوقات . وقد سبق الكلام عن المنّ والسلوى في سورة البقرة ، وقلنا لكم :
81 - (كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ ) أي لا تأخذوا من المنّ زيادة على ما تأكلونهُ (فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي ) يعني فينزل عليكم الطاعون إن خالفتم أمري (وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى ) أي فقد هلك .
82 - (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ ) عن المعاصي (وَآمَنَ) بالله وبرُسُلهِ (وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ) إلى إعطاء الزكاة والإنفاق في سبيل الله .
83 - ولَمّا ذهب موسى إلى الجبل ليأتي بالألواح قال الله تعالى مُخاطباً لهُ (وَمَا أَعْجَلَكَ ) بالمجيء (عَن قَوْمِكَ يَا مُوسَى ) ألا تخاف أن يعصوا ويرتدّوا بعدك ؟
84 - (قَالَ) موسى (هُمْ أُولَاء عَلَى أَثَرِي ) أي هم أصحابي سائرين على نهجي لا أظنّ أنّهم يرتدّون (وَعَجِلْتُ) بالمجيء (إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى ) عنهم إذا عملوا بموجب التوراة الّتي تخطّها وترسمها لهم .
85 - (قَالَ) الله تعالى (فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ ) أي اختبرناهم فوجدناهم غير مُستقيمين على التوحيد بل راغبين لعبادة الأصنام (وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ ) فصنعَ لهم عِجلاً من ذهب وقاموا [ أو أخذوا ] يعبدونهُ .
86 - (فَرَجَعَ مُوسَى ) من الجبل وهو يحمل الألواح الّتي هي من الحجر وقد كتب الله فيها التوراة (إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا ) ولَمّا وصل إليهم ورأى العِجلَ حميَ غضبهُ وألقَى الألواح على الأرض فتكسّرت وصاحَ بقومهِ (قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ ) يعني هل طالت مُدّة غيابي عنكم (أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ ) بصنيعكم هذا (فَأَخْلَفْتُم مَّوْعِدِي ) أي ما وعدتّموني عليهِ من حُسن الخلافة بعدي ؟
87 - (قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا ) أي قال الّذينَ لم يعبدوا العِجل وهم اللاويّون إنّنا لم يمكنّا ردّ هؤلاء عن عبادتهم للعجل لأنّنا نهيناهم فلم ينتهوا (وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِّن زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ ) .
وذلك لَمّا خرجوا من مصر استعاروا حُليّاً من الأقباط بأن يتزيّنوا بها في عيدهم ثمّ يُعيدوها لأصحابها ، ولكنّهم لم يعيدوها ، فقام السامري وصنع بودقة كبيرة وصنع قالباً لتمثال عجلٍ وأشعل ناراً داخل حُفرةٍ ووضع البودقة فيها ، ثمّ قال لبني إسرائيل إنّ الحُليّ الّتي أخذتموها من الأقباط نجسةٌ ورجسٌ فألقُوها في النار لتطهر ، وألقَى هو قبضة من قِطع ذهبيّة في النار ، فلمّا رأوا ذلك بنو إسرائيل أتَوا بالحُليّ الّتي أخذوها من الأقباط ورمَوها في النار ، ولَمّا ذاب الذهب صبّهُ في القالب بعد أن صرفهم عنهُ ، وفي اليوم الثاني أخرجَ لهم عِجلاً من الذهب وقد وضعَ شيئاً في جوفهِ فصار لهُ صوت كصوت البقر ، وهذا معنى قول الله تعالى:
88 - (فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ ) أي عِجلاً مسبوكاً ، يعني تمثالاً ليس فيهِ روح ، والشاهد على ذلك قوله تعالى في سورة الأنبياء {وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَّا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ } أي لم نجعل الأنبياء تماثيل لا يأكلون الطعام بل هم بشرٌ مثلهم . فقال السامري لبني إسرائيل إنّ إلاهَ موسى قال لهُ لا تأتِ أنتَ إلى الجبل وأنا آتي إليك ، ولكنّ موسى نسيَ وذهبَ إلى جبل الطور يطلب ربّهُ وهاهو إلاهكم وإلاهُ موسى ، وهذا معنى قوله تعالى (فَقَالُوا) يعني فقال السامري ومن تبعهُ (هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ ) ، فلمّا رأوهُ فرحوا بهِ وأخذوا يرقصون ويُصفّقون ويُقرّبون لهُ القرابين ، فردعهم هارون ونصحهم وقال لهم إنّما فُتِنتُم بهِ وإنّ ربّكم الرحمان وليس الله من ذهب ، {قَالُوا لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى } .
------------------------------------كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |