كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل

بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى)

توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت)

الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة

فهرس الآيات , البحث في القرآن الكريم

تفسير سورة الأنبياء من الآية( 15) من كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل   بقلم محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) : 

15 - (فَمَا زَالَت تِّلْكَ دَعْوَاهُمْ ) أي فما زالوا يُردّدون تلك الكلمة فيقولون (يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ) ، (حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا ) كما تحصدون الحنطة والشعير (خَامِدِينَ) يعني حتّى أهلكناهم عن آخرهم فأصبحوا موتَى لا حراك بهم ، ومن ذلك قول لبيد يصفُ قتلَى :

                                    خَلُّوا ثِيابَهُمُ على عَوْراتِهِمْ      فهُمُ بأفنِيَةِ البُيُوتِ خُمُودُ

16 - (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا ) من سُحُب ورياح (لَاعِبِينَ) يعني بدون غاية ، وهذا تهديد للمشركين ، والمعنى : هل تظنّون أنّ الله خلق السماوات والأرض وخلق من فيهما ليلهوَ بها دون غاية منها فتظنّون لا حساب عليكم ولا عِقاب فتعملون بما تهوى أنفسكم . ومِثلها في المعنى قوله تعالى في سورة المؤمنون {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ } .

17 - (لَوْ أَرَدْنَا أَن نَّتَّخِذَ لَهْوًا لَّاتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّا) أي من الذين عندنا في السماوات الأثيرية ، يعني من الملائكة فنلهو بمحادثتهم وتعليمهم بما لا يعلمون ، والمعنى : من يعمل أعمالاً لا فائدة منها أو يصنع أشياء لا يستفاد بها فهو يلهو بها مع نفسه ، وهؤلاء اللّاهون غير مفكرين ولم تنضج عقولهم ، وقوله (إِن كُنَّا فَاعِلِينَ) يعني إن كنّا خلقنا أشياء لا فائدة فيها حينئذٍ نكون لاهين ، ولكن لم نخلق شيئاً بلا فائدة ولا مخلوقاً بغير إتقان .

18 - (بَلْ نَقْذِفُ ) القذفُ والإلقاء والرمي بمعنى واحد ، ومن ذلك قوله تعالى في سورة طا ها حاكياً عن لسان بني إسرائيل {وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِّن زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا } ثمّ فسّر هذه الكلمة بقوله تعالى {فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ } . فتكون كلمة "نقذفُ " معناها نُلقي أي نُنزّل . ومِثلها قوله تعالى في سورة غافر {يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ } .

(بِالْحَقِّ) أي ملَك الموت (عَلَى الْبَاطِلِ ) أي رئيس الكفر (فَيَدْمَغُهُ) أي يضربهُ على دماغهِ (فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ) أي تزهق نفسه فيموت كمَداً ، والمعنى : لا نترك المكذّبين للرُسُل يتمتّعون إلى الأبد بل نُنزّل عليهم العذاب فنهلكهم (وَلَكُمُ الْوَيْلُ ) أيّها المشركون ، أي شِدّة العذاب لكم (مِمَّا تَصِفُونَ ) لله من بنات وشركاء .

19 - (وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) مُلكاً وعبيداً إن شاءَ أماتهم وإن شاء أبقاهم ، يعني مَن في الكواكب السيّارة والأرض من جملتها (وَمَنْ عِندَهُ ) في السماوات الأثيريّة ، وهم الملائكة والأنبياء (لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ ) كما تستكبرون أنتم أيّها المشركون (وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ ) على فوات الوقت كما ستأخذكم الحسرة والندامة على كفركم وإشراككم ، وذلك بعد الموت وذهاب الوقت منكم .

20 - (يُسَبِّحُونَ اللّيل وَالنَّهَارَ ) أي على الدوام (لَا يَفْتُرُونَ ) عن التسبيح .

21 - (أَمِ اتَّخَذُوا ) أي الملائكة (آلِهَةً) مادّية (مِّنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنشِرُونَ ) الأموات ويُحيونها فقلّدتم الملائكة في ذلك ، كلاّ إنّ الملائكة لم تتّخذْ إلاهاً غير الله .

22 - (لَوْ كَانَ فِيهِمَا ) أي في السماوات والأرض ، وهي الكواكب السيّارة (آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ) بسبب تناقض آراء الآلهة وإراداتها لمخلوقاتها ، كما تفسد الرعيّة إذا تعدّدت مُلوكها (فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ) أي تنزيهاً لهُ عن ما ينسبون لهُ من شُركاء وأولاد .

23 - (لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ ) لعظمتهِ وتفرّدهِ بالاُلوهيّة (وَهُمْ يُسْأَلُونَ ) يعني الأنبياء يُسألون يوم القيامة عن تبليغ الرسالة .

24 - (أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً ) يعني هل الأنبياء اتّخذت إلاهاً غير الله فقلّدتموهم في ذلك؟ كلّا بل هم عبدوا الله وحده لم يُشركوا بهِ شيئاً (قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ ) على ذلك ، (هَـٰذَا) القرآن (ذِكْرُ مَن مَّعِيَ وَذِكْرُ مَن قَبْلِي ) أي هو موعظة وتذكير لمن معي من الاُمَم وموعظة لمن قبلي إن عملوا بما فيهِ ، يعني اليهود والنصارى والصابئة الّذينَ كانوا على دينهم قبل دين الإسلام (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ ) لإنّهم مقلِّدون لآبائهم (فَهُم مُّعْرِضُونَ ) عن الحقّ والحقيقة .

25 - (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ ) يا محمّد (مِن رَّسُولٍ ) إلى قومهِ (إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ ) في الكون (إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ) ولا تعبدوا غيري .

26 - (وَقَالُوا) أي المشركون (اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا ) وهم مُشركو العرب قالوا الملائكة بنات الله ، وكلمة "ولد" تُطلق على الذكر والاُنثى ، أي كلّ مولود يُسمّى ولد (سُبْحَانَهُ) أي تنزيهاً له عن اتّخاذ الولد (بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ ) يعني ليست الملائكة بنات الله كما يزعم المشركون بل هم عِباد الله أكرمهم الله وأسكنهم جنّاتهِ .

27 - (لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ ) أي لا يتكلّمون بالشفاعة قبل أن يأذن الله لهم في من يشاء . ونظيرها قوله تعالى في سورة النبأ {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا } أي لا يتكلّمون بالشفاعة (وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ) لا يُخالفون أوامره فكيف تجعلونهم بنات الله وهم عبيده ؟

28 - (يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ) يعني يعلمُ حاضرهم وماضيهم وما عملوا من أعمال حسنة (وَلَا يَشْفَعُونَ ) لأحدٍ من الناس (إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى ) يعني لمن رضي الله عنهم (وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ ) أي من مهابتهِ وعظمتهِ (مُشْفِقُونَ) أي خائفون وجِلون .

29 - (وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ ) أي من الملائكة أو الأنبياء أو غيرهم (إِنِّي إِلَهٌ مِّن دُونِهِ ) ويُريد العظَمة لنفسهِ كما فعل إبليس (فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ ) الّذينَ يظلمون الناس ويغصِبون حقوقهم .

------------------------------------
الصفحة الرئيسة الصفحة التالية>>



كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم