كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
3 - (لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ ) بحبّ الدنيا وجمع المال ، غافلةً عن الموعظةِ وطلب الآخرة (وَأَسَرُّواْ النَّجْوَى ) أي تشاوروا فيما بينهم بالسِرّ (الّذينَ ظَلَمُواْ ) حقّكَ من أهل مكّة وقالوا (هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ ) فلو أرادَ الله أن يُرسلَ رسولاً لأنزلَ ملائكة ، وهذا رجلٌ ساحر (أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ ) يعني أتنقادون للسِحرِ (وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ ) يعني وأنتم عُقلاء ذوو تبصّر كيف تتّبعون ساحراً ؟
4 - (قَالَ) الرسول (رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاء وَالأَرْضِ ) فأخبرَني عن أقوالكم وأفعالكم (وَهُوَ السَّمِيعُ ) لِما تقولون (الْعَلِيمُ) بما تفعلون .
5 - (بَلْ قَالُواْ ) أي قال غيرهم من المشركين (أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ ) يعني قالوا إنّ القرآن جاءَ بهِ محمّد نتيجة أفكار وعِلم (بَلِ افْتَرَاهُ ) من نفسهِ وليس من الله كما يقول ، وقال آخرون (بَلْ هُوَ شَاعِرٌ ) نَظمهُ من شِعرِه (فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ ) أي بمعجزة (كَمَا أُرْسِلَ الأَوَّلُونَ ) بالمعاجِز ، كناقة صالح وعصا موسى وغير ذلك .
6 - فردّ الله عليهم قولهم فقال تعالى (مَا آمَنَتْ قَبْلَهُم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا ) يعني الّذينَ سبقوهم في طلب المعاجِز أنكروها لَمّا حصلت وقالوا هذا سِحرٌ مُبين ، فلا قوم صالح آمَنوا لَمّا رأوا الناقة ولا قوم فرعون آمَنوا لَمّا رأوا العصا ، فأهلكناهم بسبب تكذيبهم للرُسُل (أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ ) أي فهل أهل مكّة يؤمنون إذا أعطيناهم معجزةً مادّية ، كلاّ بل يكون حالهم ومصيرهم كمصير قوم صالح وقوم فرعون .
7 - (وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً ) . وهذا جواب لقولهم هل هذا إلا بشرٌ مثلكم ، والمعنى : نحن لم نرسل قبلك إلى الناس أنبياء من الملائكة بل أرسلناهم رجالاً مثلك (نُّوحِي إِلَيْهِمْ ) ما يقومون بهِ من تبليغ الرسالة (فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ ) يعني إسألوا أهل التوراة عن ذلك (إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ) حقيقة الأنبياء .
8 - (وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا ) أي لم نجعل الأنبياء تماثيل (لَّا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ ) بل هم بشرٌ مثلكم يأكلون ويشربون (وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ ) في دار الدنيا بل ماتوا وانتقلوا حين موتهم إلى عالَم الأثير إلى جوار ربّهم في الجنان الروحانيّة .
9 - (ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ ) يعني وفَينا لهم بما وعدناهم من النصر على أعدائهم المكذّبين لهم (فَأَنجَيْنَاهُمْ) أي أنجَينا الأنبياء (وَمَن نَّشَاءُ ) يعني ومن آمَن بهم وعمِلَ بقولهم (وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ ) أي الكافرين الّذينَ أسرفوا في المعاصي ، يعني أكثروا منها .
10 - (لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ) أي فيه موعظة لكم وتذكير، والشاهد على ذلك قوله تعالى في سورة الذاريات{وذكّر فإن الذكرى تنفع المؤمنين}، ( أَفَلَا تَعْقِلُونَ) وتتعظون ؟ فالذكر يريد به القرآن فهو موعظة وإرشاد للناس .
11 - ثمّ بيّنَ سُبحانهُ ما فعلهُ بالمكذّبين فقال (وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ ) بالزلزال ، والقصم معناه التكسير ، يُقال "قصمهُ نصفَين" أي كسرهُ ، قطعهُ (كَانَتْ ظَالِمَةً ) يعني كان أهلها ظالمين مكذّبين للرُسُل (وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا ) قرية اُخرى و (قَوْمًا آخَرِينَ ) .
12 - (فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا ) يعني فلمّا شعروا بالزلزال (إِذَا هُم مِّنْهَا ) أي من القريةِ (يَرْكُضُونَ) إلى خارج القرية يُريدون النجاة بأنفسهم دون أموالهم وبنيهم . فقالت لهم الملائكة على وجه السُخرية :
13 - (لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ ) يعني إرجعوا إلى أموالكم الّتي تنعّمتم بها (وَمَسَاكِنِكُمْ) الّتي كنتم تسكنون فيها (لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ ) عن أموالكم من أنعمَ بها عليكم نحن أم أصنامكم ، فإن اعترفتم بأنّ الله أنعمَ بها عليكم فلماذا عبدتم غيرهُ وإن قلتم إنّ الأصنام أعطتكم إيّاها فقد كذبتم .
14 - حينئذٍ (قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ) للرُسُل إذ كذّبناهم وسخرنا منهم .
15 - (فَمَا زَالَت تِّلْكَ دَعْوَاهُمْ ) أي فما زالوا يُردّدون تلك الكلمة فيقولون (يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ) ، (حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا ) كما تحصدون الحنطة والشعير (خَامِدِينَ) يعني حتّى أهلكناهم عن آخرهم فأصبحوا موتَى لا حراك بهم ، ومن ذلك قول لبيد يصفُ قتلَى :
خَلُّوا ثِيابَهُمُ على عَوْراتِهِمْ فهُمُ بأفنِيَةِ البُيُوتِ خُمُودُ
16 - (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا ) من سُحُب ورياح (لَاعِبِينَ) يعني بدون غاية ، وهذا تهديد للمشركين ، والمعنى : هل تظنّون أنّ الله خلق السماوات والأرض وخلق من فيهما ليلهوَ بها دون غاية منها فتظنّون لا حساب عليكم ولا عِقاب فتعملون بما تهوى أنفسكم . ومِثلها في المعنى قوله تعالى في سورة المؤمنون {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ } .
17 - (لَوْ أَرَدْنَا أَن نَّتَّخِذَ لَهْوًا لَّاتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّا) أي من الذين عندنا في السماوات الأثيرية ، يعني من الملائكة فنلهو بمحادثتهم وتعليمهم بما لا يعلمون ، والمعنى : من يعمل أعمالاً لا فائدة منها أو يصنع أشياء لا يستفاد بها فهو يلهو بها مع نفسه ، وهؤلاء اللّاهون غير مفكرين ولم تنضج عقولهم ، وقوله (إِن كُنَّا فَاعِلِينَ) يعني إن كنّا خلقنا أشياء لا فائدة فيها حينئذٍ نكون لاهين ، ولكن لم نخلق شيئاً بلا فائدة ولا مخلوقاً بغير إتقان .
18 - (بَلْ نَقْذِفُ ) القذفُ والإلقاء والرمي بمعنى واحد ، ومن ذلك قوله تعالى في سورة طا ها حاكياً عن لسان بني إسرائيل {وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِّن زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا } ثمّ فسّر هذه الكلمة بقوله تعالى {فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ } . فتكون كلمة "نقذفُ " معناها نُلقي أي نُنزّل . ومِثلها قوله تعالى في سورة غافر {يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ } .
(بِالْحَقِّ) أي ملَك الموت (عَلَى الْبَاطِلِ ) أي رئيس الكفر (فَيَدْمَغُهُ) أي يضربهُ على دماغهِ (فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ) أي تزهق نفسه فيموت كمَداً ، والمعنى : لا نترك المكذّبين للرُسُل يتمتّعون إلى الأبد بل نُنزّل عليهم العذاب فنهلكهم (وَلَكُمُ الْوَيْلُ ) أيّها المشركون ، أي شِدّة العذاب لكم (مِمَّا تَصِفُونَ ) لله من بنات وشركاء .
كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |